تجد أوروبا نفسها أمام ما يصفه قادتها بـ"أخطر اختبار أمني منذ الحرب الباردة"، فالقارة العجوز لم تعد تواجه روسيا في ساحات القتال الأوكرانية فحسب بل باتت هدفًا لحرب هجينة تتسلل في صمت، مسيّرات مجهولة وهجمات سيبرانية وتشويش على أنظمة الملاحة وتوغلات بحرية وجوية تبدو كأنها رسائل مُشفّرة من موسكو.
وقالت مصادر أوروبية رفيعة لمجلة "بوليتيكو"، إن مراكز القرار في بروكسل وبرلين ووارسو تدرس الآن خيارات، كانت قبل أشهر "خطًا أحمر"، تتراوح بين هجمات سيبرانية مضادة تطال بنية روسيا الرقمية، وصولًا إلى مناورات مفاجئة يقودها الناتو لإظهار أن أوروبا لن تنتظر الضربة التالية مكتوفة الأيدي.
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لم تُخفِ حجم القلق؛ إذ قالت صراحة: "هذه ليست مضايقات عشوائية.. إنها حملة منظمة تهدف إلى زعزعة استقرارنا".. كلماتها جاءت بعد سلسلة أحداث أربكت القارة من مسيّرات روسية اخترقت أجواء بولندا ورومانيا إلى انفجار غامض ضرب خط سكة حديد ينقل مساعدات إلى أوكرانيا، مرورًا بفوضى أصابت مطارات أوروبية إثر تحليق طائرات مسيّرة غير معرّفة.
ومع كل خطوة أوروبية ترتفع نبرة موسكو، حيث لوّح نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديميتري ميدفيدف بتهديد غير مسبوق قائلًا: "على الأوروبيين أن يرتجفوا… نهايتهم قريبة". تصريحات صادمة دفعت بولندا إلى نشر 10 آلاف جندي لحماية البنية التحتية الحيوية، فيما سارعت عواصم أخرى إلى رفع مستوى التأهب.
في المقابل شدد الأمين العام للناتو مارك روته على أن روسيا لن تحصل أبدًا على "حق الفيتو" بشأن عضوية أوكرانيا، رافضًا بذلك أحد أهم بنود خطة السلام الأمريكية المسرّبة، والرسالة جاءت واضحة: لا اتفاق يُفرض على أوروبا مقابل تهدئة مؤقتة.
وهكذا تقف القارة اليوم أمام مفترق مصيري: إما ردع موسكو بحزم، أو الانجرار إلى مرحلة أكثر خطورة من الحرب الهجينة التي لا تُرى.. لكنها تُواجه العالم بأكمله.