"الكوميسا"..مهمة جديدة للحكومة المصرية بعد "دافوس" وسط توقعات بفرص واعدة أفريقيا

بعد المشاركة الفعالة لمصر في منتدى "دافوس" الاقتصادي العالمي في يناير الماضي، تأتي قمة "الكوميسا" بكينشاسا يومي 26 و27 فبراير الجاري تحت شعار "دعم التجارة البينية في الكوميسا من خلال المشروعات التجارية الصغيرة والمتناهية الصغر"، لتمثل محطة أخرى في إطار جهود الحكومة المصرية للتحرك الخارجي في محاولة لتحسين وضع اقتصاد البلاد وتحقيق تنمية حقيقية والبحث عن فرص استثمارية جديدة بقارة أفريقيا.
وتعكس مشاركة مصر في اجتماعات السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "كوميسا" الاهتمام الذي توليه القاهرة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع الدول الأفريقية والاستفادة مما يتيحه هذا السوق الواعد لعشرين دولة أفريقية من فرص للتجارة والاستثمار.
وتهدف اجتماعات "الكوميسا" المقبلة للتوصل إلى النمو والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء وذلك عن طريق تشجيع هيكل إنتاج وتسويق متوازن ومتناسق، ودفع عجلة التنمية المشتركة في كافة مجالات النشاط الاقتصادي والتبني المشترك لسياسات الاقتصاد الكلي وبرامجه وذلك لرفع مستويات المعيشة وتشجيع العلاقات الحميمة بين الدول الأعضاء.
كما تعد اجتماعات "الكوميسا" بصفة عامة فرصة جيدة لتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لخلق مناخ موات للاستثمار المحلي والأجنبي والعابر للحدود، والتعاون في تعزيز العلاقات بين السوق المشتركة وبقية دول العالم، ودفع مسيرة السلام والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء وذلك لتقوية أواصر التنمية الاقتصادية في المنطقة.
ويسبق قمة "كوميسا" اجتماع لوزراء الخارجية ووزراء التجارة، ولجنة الشئون الإدارية والموازنة واللجنة الحكومية ومجلس أعمال الكوميسا.
ويأمل الوفد المصري المشارك تحقيق نجاحات كبيرة خلال اللقاءات والاجتماعات التي سيحضرها ضمن فعاليات قمة "كوميسا" بما ينعكس على اقتصاد البلاد بالإيجاب، وتوضيح الصورة لكافة المشاركين عن تطورات الأوضاع الحالية في مصر خاصة ما يتعلق بخارطة الطريق التي انتهى الجزء الأول منها بالاستفتاء على الدستور ولم يتبق سوى المرحلتين الأخيرتين والخاصتين بالانتخابات الرئاسية ثم البرلمانية.
وبالنسبة للتبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء، فإن أهم الصادرات المصرية إلى دول "كوميسا" هى منتجات الألومنيوم، الأدوية، المنتجات البترولية، السجاد والموكيت، السيراميك، المنتجات الغذائية، الأثاث، الأسمدة، المبيدات الحشرية، الأسمنت وحديد التسليح، الأرز، والمنسوجات.
أما الواردات المصرية من دول "كوميسا" فهى الشاي والبن، الكاكاو، البقول، التبغ، السمسم، الجلود الخام، مواد الدباغة، الخلاصات النباتية والعطرية، الإبل الحية.
وفيما يخص الفرص التي تقدمها "الكوميسا" لمصر، فإن الانضمام للمجموعة يتيح العديد من الفرص الاقتصادية، على أساس أن هناك مجالات اقتصادية كثيرة للتعاون مع أفريقيا باعتبارها سوقا مناسبة للإنتاج المصري، كما أنها مورد خصب لكثير من الخامات إلى جانب ما تملكه من فرص للتوسع الزراعي.
ففي مجال الصناعة، تتيح العضوية في "الكوميسا" الفرصة للسلع الصناعية المصرية أن تدخل لأسواق الدول الأعضاء، وحصولها على تخفيضات جمركية ودخولها معفاة من الرسوم الجمركية لأسواق المجموعة، إلى جانب تمتع هذه السلع بمزايا نسبية مقارنة بدول أخرى، إضافة إلى ذلك فإن حق إنشاء الشركات الذي يتيحه ميثاق "الكوميسا" يعد حافزا لأي مستثمر مصري أن يقيم شركة باسمه أو بالمشاركة مع أحد رجال الأعمال في هذه الدول وأن يتمتع بالإعفاءات الممنوحة للاستثمارات فيها.
وقد قامت بعض الشركات المصرية بفتح فروع لها في هذه الدول مثل شركات تصنيع الألومنيوم والأدوات المنزلية والآلات الكهربائية، الأمر الذي أعطى السلع الصناعية المصرية مركزا تنافسيا أفضل في أسواق هذه الدول.
وفي مجال الزراعة، أبدت العديد من دول المجموعة رغبتها في الاستفادة من الخبرة المصرية في مجال الزراعة، حيث تقدمت العديد من دول "الكوميسا" بطلبات إلى مصر لإقامة مزارع نموذجية بها تتراوح مساحتها ما بين 2000 إلى 20 ألف فدان تتوافر بها البنية الأساسية للزراعة وموارد المياه، ويمكن لهذه المزارع أن تستوعب أعدادا كبيرة من العمالة المصرية، كما يمكن أن تمثل مصدرا رخيصا لواردات مصر الزراعية.
أما في مجال المقاولات، تتمتع شركات المقاولات المصرية بخبرة واسعة في الأسواق الأفريقية، وهو ما أتاح الفرصة لهذه الشركات في تطوير البنية الأساسية لمعظم دول المجموعة، إضافة إلى ذلك توجد مشروعات للربط الكهربائي بين هذه الدول ومصر.
وعلى صعيد الخبرة والدعم الفني، يلعب الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا دورا هاما في هذا المجال، حيث يقوم بتوفير الخبرات المصرية اللازمة للمشروعات التنموية في أفريقيا، كما يقوم بعمل دورات تدريبية للكوادر الأفريقية من هذه الدول، كذلك تقوم مصر بتقديم بعض المعونات الفنية لهذه الدول سواء في صورة منح دراسية لبعض أبناء هذه الدول.
وتضم "الكوميسا" في عضويتها 20 دولة وهى مصر، ليبيا، أنجولا، بوروندي، جزر القمر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، إريتريا، أثيوبيا، كينيا، مدغشقر، مالاوي، موريشيوس، ناميبيا، رواندا ، السودان، سوازيلاند، أوغندا، زامبيا وزيمبابوي .. مع ملاحظة انسحاب تنزانيا من الاتفاقية في سبتمبر 2000.
وكانت مصر قد انضمت إلى اتفاقية منطقة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب أفريقيا في مايو 1998، والتي تم توقيعها في 21 ديسمبر 1981 ودخلت حيز التنفيذ في 30 سبتمبر 1982، ونتيجة للنجاح الذي حققته هذه الاتفاقية قررت الدول الأعضاء تطوير التعاون فيما بينها وذلك بإقامة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا "كوميسا" كخطوة جديدة نحو تحقيق الجماعة الاقتصادية الأفريقية وتم توقيع اتفاقية السوق في 8 ديسمبر 1994 لتحل السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا محل اتفاقية منطقة التجارة التفضيلية.