حكومة "من أجلك أنت"

جاء قرار تكليف المهندس إبراهيم محلب برئاسة الحكومة ليؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن النظام الحالي في بلادنا ينظر لثورة 25 يناير علي أنها خطيئة أو جريمة ارتكبها مجموعة من العناصر الخارجة علي القانون بحق أسيادهم الأطهار في غفلة من الزمن والتاريخ.
لم يجد نظام ما بعد 30 يونيو المجيدة سوي الرجل الثاني في الحزب الوطني بعد جمال مبارك بحسب ما كشفت عنه وثائق الحزب المنحل ليشكل الحكومة التي سيخول لها الإشراف علي إدارة الانتخابات الرئاسية ، مع العلم ان الوزير المكلف بتشكيل الحكومة هو احد الموقعين علي استمارة "كمل جميلك" التي تطالب المشير السيسي بخوض الانتخابات الرئاسية.
اشتهر رئيس الوزراء الجديد بعلاقته بأسرة المخلوع مبارك مما أهله لعضوية لجنة السياسات التي كانت أشبه بالمجلس الرئاسي الحاكم لمصر خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع ، فضلا عن كون رئيس الوزراء المكلف أحد الأعضاء المعينين في مجلس الشوري الذي كان بمثابة "دار مناسبات" يكرم فيها المخلوع أصدقاءه وأحبابه.
أشرف رئيس الوزراء المكلف بحكم طبيعته كـ"مقاول" فضلا عن منصبه كرئيس لمجلس إدارة شركة المقاولون العرب علي عمليات بناء وتشطيب فيلات المخلوع ونجليه علاء وجمال بشرم الشيخ، مما اهله ليحتل مكانة متميزة في قائمة المتهمين بقضية القصور الرئاسية التي اتهم فيها مبارك ونجلاه بإهدار مليارات الجنيهات من ميزانية الدولة علي إقامة وإنشاء فلل ومنتجعات خاصة علي حساب الدولة.
بعد أكثر من 3 سنوات علي ثورة يناير المجيدة التي قدم فيها آلاف المصابين والشهداء أرواحهم من أجل القضاء علي الفساد الذي جعله الحزب الوطني ولجنة سياساته كـ "الماء والهواء" لا حياة لمصر بدونه ، عاد الحزب المنحل للسلطة وكأن ثورة لم تقم ، ولم يتبق سوي ترشح جمال مبارك للرئاسة وإقامة حفل لتكريم الرئيس الأسبق صاحب الضربة الجوية الأولي ! عاد "محلب" عضو لجنة السياسات رئيسا لوزراء مصر الثورة ، وسط توقعات أن تضم حكومته عددا من رموز مبارك ورجاله المخلصين ليصبح شعار الحكومة الجديدة "من أجلك انت" أو "مصر بتتقدم بينا" أو "مصر والعبور للمستقبل" وغيرها من الشعارات التي تربي عليها رئيس الوزراء المكلف في لجنة سياسات الوطني التي من المؤكد انه يدين لها ولرجالها بالفضل الكبير.
خلاصة القول .. مصر بعد 30 يونيو يتم تكليف الحزب الوطني بتشكيل الحكومة ، أحكام براءة بحق لكل الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين في 25 يناير ، ولم يتبق سوي خطاب الرئيس مبارك في الاحتفال بعيد تحرير سيناء .. ولا عزاء للثورة والشهداء.