الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم بناء المقابر دورين.. الأزهر للفتوى يحدد الضوابط والشروط

حكم بناء المقابر
حكم بناء المقابر دورين.. الأزهر للفتوى يحدد الضوابط والشروط

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية إن الأصل الذي عليه جمهور الفقهاء أن الميت تُحفر له حفرة تكتم الرائحة، وتحمي جثمانه.

وأضاف « مركز الأزهر» في إجابته عن سؤال: « ما حكم بناء المقابر دورين؟»، عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن الفقهاء اختلفوا في حجم وهيئة القبر؛ فعند الحنفية: يكون القبر مقدار قامةٍ، وطوله علىٰ قدر طول الميت، وعرضه علىٰ قدر نصف طول الميت.

واستند على رأيهم بما جاء في حاشية ابن عابدين - رحمه الله-: "فَعُلِمَ أَنَّ الْأَدْنَى نِصْفُ الْقَامَةِ، وَالْأَعْلَى الْقَامَةُ،... وَهَذَا حَدُّ الْعُمْقِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ المُبَالَغَةُ فِي مَنْعِ الرَّائِحَةِ وَنَبْشِ السِّبَاعِ ... وَطُولُهُ -أي القبر- عَلَى قَدْرِ طُولِ المَيِّتِ، وَعَرْضُهُ عَلَىٰ قَدْرِ نِصْفِ طُولِهِ" [حاشية ابن عابدين على رد المحتار باختصار].

وأوضح أن المالكية قالوا بأنه لا حدَّ لأكثره، لكن من مندوبات الدفن ألا يكون القبر عميقًا جدًا؛ مستشهدين بقول الإمام الدسوقي -رحمه الله-: " وَعَدَمُ عُمْقِهِ -أَيْ الْقَبْرِ-؛ لأنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا، وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا، لأنّ أَعْلَىٰ الْأَرْضِ مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ، يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بَرَكَةُ ذَلِكَ" [حاشية الدسوقي علىٰ الشرح الكبير].

وتابع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية:" أما الشافعية فيستحب عندهم توسيع القبر وتعميقه قدر قامة وبسطة رجل معتدل الطول؛ كما قال الإمام الخطيب الشربيني -رحمه الله-:" وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ، قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ مِنْ رَجُلٍ مُعْتَدِلٍ لَهُمَا بِأَنْ يَقُومَ بَاسِطًا يَدَيْهِ مَرْفُوعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ وَصَّىٰ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ مَنْعِ ظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَنَبْشِ السَّبُع" [مغني المحتاج إلىٰ معرفة معاني ألفاظ المنهاج ].

وواصل أن الحنابلة ذهبوا إلى أنه لا حدَّ لأكثره؛ مستدلين بقول الإمام البهوتي -رحمه الله-: "وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرٌ، وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ؛ لقوله ﷺ في قتلىٰ أحد: «احفروا وأوسعوا وأعمقوا» [قال الترمذي: حسن صحيح]؛ لأن التعميق أبعد لظهور الرائحة وأمنع للوحوش، -والتوسيع: الزيادة في الطول والعرض، والتعميق: الزيادة في النزول، ويكفي -أي في التعميق- ما يمنع السباع والرائحة؛ لأنه يحصل به المقصود-" [شرح منتهىٰ الإرادات].

ونوه مركز الأزهر أنه مما سبق يتبين أن المقصود من الدفن بالصور المذكورة عند الفقهاء، هو حفظ جسد الميت من الانتهاك، وعدم خروج الرائحة التي قد تؤذي الحي، وهذا فيما إذا كانت الأرض تصلح لحفر القبور.

وألمح أنه إذا كانت الأرض لا تصلح للحفر والدفن، كالأراضي الرخوة، أو التي بها مياه جوفية؛ فيجوز الدفن فوقها، لذا نجد الناس قد استحدثوا منذ زمن بعيد في مصر نظام (الفساقي أو الفسقيات)، وهي حجرات صغيرة تُبنىٰ فوق الأرض لدفن الموتىٰ؛ نظرًا لعدم صلاحية الأرض للحفر، ولا شك أن الدفن في هذه الحجرات جائزٌ للضرورة المذكورة، ويأخذ حكم القبر الشرعي، وهو ما عليه الفتوىٰ.

وأفاد أن الذي يُبنىٰ فوق تلك الحجرات أو العيون طابق آخر كما هو الحال في السؤال، فإن هذا الأمر لا يجوز إلا لضرورة قصوىٰ؛ وذلك بعد اتخاذ كافة البدائل التي أقرّها الشرع الشريف عند الضرورة، ومنها: أمرين: أولاهما: جواز دفن أكثر من ميت في قبر واحدٍ عند امتلاء القبور؛ وذلك لضيق الأمكنة، أو عدم وجود قبور أخرىٰ في المقبرة.

وأبان " وثانيًا: جواز دفن رجلٍ مع رجلٍ في قبرٍ واحد، أو امرأة مع امرأة في قبرٍ واحد ، أو رجل مع امرأة في قبرٍ واحد، لكن بشرط أن يُوضع حاجز بين الميت والآخر.

واختتم: " فإن تعذر ذلك، وتعذر -كذلك- بناءُ أو شراءُ مقابرَ أخرىٰ، ولو في مكان آخر أو في قرية أخرىٰ، ففي هذه الحالة لا مانع شرعًا أن يُبنىٰ فوق المقبرة طابق آخر، لكن بشرط أن يُحكم البناء جيدًا، ويوضع فيه الكثير من الرمال والأتربة؛ لمنع خروج الرائحة، وحفظ جثة الميت من الامتهان".