الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسماء بركة تكتب: رمانة الميزان

صدى البلد

«رمانة الميزان» مُصطلح نطلقه على كل شيء ضروري من وجهة نظرنا نراه خلال تعاملاتنا اليومية، وتختلف «رمانة الميزان» من شخص لآخر وفقًا لوجهة نظره وزاويته الخاصة به، وجاء هذا المُصطلح لأن «رمانة الميزان» هى التي تُحقق مُعادلة البيع والشراء، ففي الميزان هي التي تَحكم بين البائع والمُشتري وتُعطي لكل ذي حقٍ حقّه.

ولكن ما هي «رمانة الميزان» التي تُحقق مُعادلة تعاملاتنا في حياتنا الخاصة وتُعطي كل ذي حقٍ حقّه؟

أرى أنه «الحُب»، وهُنا أشيح وجهي ومسامعي؛ بل وكل حواسي عن كل من يقف ضده ويستنكره ويقول إنه «ما بيأكلش عيش»، فأنا أعلم جيدًا، ونحن لا نحتاجه كي نأكل؛ بل نحتاجه كي نعيش ونتنفس، فهو من أقوى ركائز العَيش، فإذا كان الطُعام غذاء المعدة، فـ «الحُب» غذاء القلب والروح.

«الحُب» لا يقتصر فقط بوصفه الحب القائم بين «الولد، والبنت»، بل «الحُب» بحالته العامة لكل شخص وشيء داخل الإطار الخاص بنا
إذا لم تُحب عملك، فلن تنجح ولن تُبدع فيه وإن كان عملا روتينيا ستفقد القدرة على تَقبّله أو تقديمه بأي حال. إذا لم تُحب ملابسك التي ترتديها، ستشعر كأنك دب قطبي مُتحرك أو غوريلا تتمخطر وتتمايل والجميع ينظر إليها باشمئزاز، إذا لم تُحب بيتك الذي تسكن فيه ويأويك، ستشعر بأنه سجن وأنك مُحاط بعدد من الحوائط السد التي تُعيق تنفُسك ويملأ السواد عينيك.

كذلك أيضًا «حُبك» لأصدقائك هو ما يجعل لحياتك رونقا خاصا مُختلفا بوجودهم وقربهم ومشاركتكم حياتكم معًا، فإذا لم تُحبهم ستكون وحيدًا ويتمكن اليأس وتتمكن الوحدة من السيطرة على ذاتك وبث جرعات «سِم مُشكلة» لك رويدًا رويدًا.

وبالطبع لا يقتصر الأمر على ما تم ذكره فقط، بل تطبيقه في جميع نواحي الحياة.

وبمناسبة الحديث عن «الحُب» هناك نقطة مهمة وَجب التحدث عنها، «حديث البنت عن الحُب»، نقطة أثارت اشمئزازي من ردود فِعل الطرف الآخر «المُتلقي» اتجاهها. فمثلًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي إذا قامت بنشر كلمات من وحي خيالها أو مشاركتها من أحد الصفحات، فسّره البعض بأنها حتمًا «تعيش حالة حُب»، وتتهافت الأسئلة والتلميحات، وتتساقط كحبات المطر مُطالبين بضرورة التفسير – وهنا لا مجال للحرية الشخصية – والحقيقة أن تعاملهم مع الأمر وما يُشبهه بأنه «عار» اقترفته وذنب لا يُمحى ولا يُغتفر! فلماذا كل هذا؟ رغم أنه شعور فِطري يَسكن قلوبنا جميعًا ولا يقتصر توجية على أمر مُعين، حقّا أنا لا أعلم، وأريد لمن يمتلك الإجابة عن هذا التساؤل أن يخبرنا جميعًا.

فـ«الحُب» غذاء القلب والروح ومُتنفس الحياة، نحتاج أن نُثبته في حياتنا اليومية، ويكن لنا عمود إنارة مُضِيء يستمد طاقته من روحنا وإحساسنا به، حتى يسهل علينا الاسترشاد والاهتداء، فتأثيره في النفس أبقى وأعمق؛ فهو بهجة الحياة ومُفتاحها، هو الريشة الفنية التي نستخدمها في تلوين كُل الطرق التى نسير فيها رغم سواد طينها، إسفنجة بيضاء تمتص بشدة الرواسب المُحيطة بأرواحنا وتُنقيها وتُجددها، هو «رمانة الميزان» التي تُحقق التوازن، والاعتدال الذي نسعى لتحقيقه.

اجعلوا «الحُب» إكسير الحياة تَحلو أوقاتها، والأهم اقتربوا منه حتى يقترب منكم ويلتصق بكم، تصادقوا معه يصدق معكم.