الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: رواية وفنجان قهوة وقطعة شوكولا‎

صدى البلد

مع حلول فصل الشتاء حيث الهواء البارد وهطول الأمطار ،تبدأ كل بنت بعمل مجموعة من الطقوس التى تتناسب مع بداية هذا الموسم، ويعتبر الشتاء موسم الحب لبعض البنات ،بينما يمثل للبعض الاخر منهن موسم الذكريات، آملات ألا يمر هذا الموسم إلا وقد حقق لهن رغبة النسيان.

فعندما تقترب الشمس من المغيب ويبدأ الليل في النزول، تدخل كل فتاة غرفتها معلنة انعزالها عن الواقع حتى الصباح ، تجلس صوب المدفأة مرتدية جواربها ،مستعينة بإحدي رواياتها حتى تأنس بها طيلة ليلتها ،إلي جانب فنجان قهوتها الذي تحتسي منه بين الحين والآخر، بالإضافة إلي قطعة الشوكولا الملاصقة له التى ستتناولها عندما يحلو لها.

الرواية : تختار القارئة روايتها علي حسب حالتها المزاجية ،فإذا كانت تعيش قصة الحب فإنها ستبحث عن الثنائيات بحيث تدور أحداث الرواية حول البطل والبطلة، فهي تعيش معهما صراعاتهما حالمة أن تنتهي الرواية النهاية السعيدة ألا وهي الزواج، فإذا كانت النهاية تخالف رغبتها فإنها قد ترفضها ،ناسجة من وحي خيالها النهاية التى تروق لها ......عذرًا أيها الروائي ! ، فإن القارئة تحلم بأن تنتهي قصتها في الواقع بالفستان الأبيض، لذا كان عليها أن تأبي فكرة أن يتزوج البطل من فتاة أخري غير البطلة لأنها تمثلها الآن حتى وإن كان في الخيال.

أما إذا كانت قد خاضت التجربة بالفعل علي أرض الواقع وباءت بالفشل ونتج عنها الفراق ،فهي ليس بحاجة أن تستكمل قصتها من وحي خيالها، ولذلك فهي تنتقي روايتها بما يتناسب مع جرحها وألمها، فقد تختار قصص مشابهة لكي تقنع نفسها أنها ليست الأولي ولن تكون الأخيرة، إنما هي حلقة في سلسلة علاقات عاطفية لم يقدر لها أن تستمر وتبقي .وأحيانًا تمنع نفسها عن قراءة الروايات التى تتشابه مع تجريتها حتى لا تزداد وجعًا، فهي تحتاج أن تخرج منها ولا تريد أن تغوص بها أكثر من ذلك، ولذلك تلجأ إلي الروايات التى تساندها وتقويها، هنالك تصبح الرواية جسر يمكن من خلاله العبور إلي النسيان.

فنجان القهوة :فمع كل رشفة يسري الدفء إلي أوصال الجسم لاسيما اليدان التى تلتف حول الفنجان متشابكتان لتتغلب علي البرودة أثناء القراءة. فعندما تصل الأحداث إلي ذروتها وتشتد الصراعات بين الأبطال، فإن فنجان القهوة وحده القادر علي التقليل من حدة الأحداث خاصة أن لغة الجسد تتضامن أيضًا مع الأحداث ،فتصاب القارئة بالتوتر والقلق ضاغطة علي أعصابها، ولذلك يأتى دور فنجان القهوة ليضفي حالة من الإنسيابية والهدوء أثناء تقلب صفحات الرواية لكى تتقلص كل هذه الأعراض.

قطعة الشوكولا :عندما يختفي مذاق القهوة رويدًا ،وتبدأ المشكلة التى تدور حولها الرواية في إيجاد حلول لها،وتنفك الصراعات التى كانت تدور في فلك الأحداث ،ويظهر الجانب المشرق وتقترب الرواية من النهاية،عندئذ يحين وقت تناول الشوكولا ،فهي بمثابة نوع من أنواع المكافأة التى تكافئ بها القارئة نفسها ،لأنها عايشت الأبطال من خلال قصتهم وتفاعلت معهم بكل أحاسيسها، سعدت لفرحهم، وتألمت لأوجاعهم.لذا كان عليها أن تعوض تقلبات مزاجها التى كانت تتغير لتلائم أحداث الرواية ،فطالما كان التعويض الذي يحلو لها هو تناول الشوكولا.

إن عالم قارئات الروايات بسيط يخلو من أية تعقيدات ،فهو لايحتاج إلا لقصة خيالية مصحوبة بحقيبة من الشخصيات نتعايش معهم لنتعلم من تجاربهم ونتجنب اخطاءهم، فالرواية تحث قراءها دومًا علي الاعتماد على الذات، والانعزال عند الضعف حتى نقوي من جديد، ومن ثم يمكنهم مواصلة الحياة ومعايشة الواقع دون خيبة أو انكسار.