دعوة عامة لحب مصر
غريباً علي شعب سئم من سرقة حاكمه طيلة عقود أن يري اليوم زعيما - وان كان يطلق عليه حتي الآن رئيساً - يتنازل لبلده عن نصف ثروته اياً كان رقمها؛ فرمزية ودلالة الموقف تعني الكثير من حيث التوجه الفكري للقائد وانطلاقا من سياسة الترشيد التي حتماً اتباعها في أحلك الأزمات الاقتصادية، فبين اعلان الرئيس اليوم والتحديات الصعبة التي تواجهها مصر شعره صغيره، لن تتبلور الا بتكاتف كافة قطاعات المجتمع عاملين وفلاحين.
لذا فلن أتوقف كثيرا عند ما أعلنه الرئيس السيسي من أنه لن يتقاضى سوى نصف راتبه، وسيتنازل عن نصف ممتلكاته لمصر، فهذا النهج سبق اتباعه بين قطاعات عديده في مصر من خلال المساهمة في بناء مستشفي سرطان الأطفال ٥٧٣٥٧، أو في صندوق دعم مصر بعد ثورة ٣٠ يونيو، والأمثلة كثيراً علي حب هذا الشعب لبلده.
بيد أن توقيت اعلان الرئيس ودعوه خادم الحرمين الشرفين لمؤتمر هو الأول من نوعه لدعم مصر - مقرر انعقاده بعد عيد الفطر المبارك - إنما يعكس رغبه حقيقية من زعماء الدولتين لتوعية الشعب بالمخاطر الحقيقية التي تواجهها البلاد، والحل في الترشيد والعمل.
فليس خافياً علي أحد حزمة المساعدات المالية التي تأتي وستأتي إلينا من الدول الصديقة الا أن وحدها لن تستطيع تحريك عجلة الإنتاج الا من خلال عاملين لا ثالث لهما، الأول : هو اقامة برامج تنموية بهذه الأموال يعمل من خلالها جموع الشعب، والثاني ادراك ووعي الجميع بمضون الحقيقي لرسالة السيسي اليوم للشعب، وهو اختبار حقيقي لمن يحب بلده لأن يحذو حذو قائده سواء بالاستغناء عن الزوائد الترفيهية في معيشته أو العمل بجهد وإخلاص من أجل مصر، فبدلا من لجوء الحكومات - كعادتها علي مر العصور بعد الثورات - من فرض الضرائب علي الشعب، جاءت الدعوة العامة من الكبير للجميع، بضرورة الاكتفاء بالأساسيات علي حساب المنتجات الزائدة حتي يمكن احداث توازن داخل مجتمع تفاوت فيه الطبقات بين الغني الفاحش والفقر المضجع، وتلاشى فيه السواء الأعظم من الشعب، لذا كان وجوب وجود مبادرة بل ومضمونها الدعوة للعامه جاءت من رمز الدولة للكافة للتنازل والتكاتف حتي تسترد أمه سرقت ولازالت.