قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كيف انتصر 3 آلاف مسلم على 200 ألف من الروم في غزوة مؤتة؟!!


غزوة مؤتة أو سرية مؤتة، جرت الغزوة في جمادي الأول من العام الثامن للهجرة (أغسطس 629 م) بسبب قتل الحارث بن عمير الأزدي رسول الرسول محمد إلى ملك بصرى على يد شرحبيل بن عمرو بن جبلة الغساني، والي البلقاء الواقع تحت الحماية الرومانية؛ إذ أوثقه رباطا، فقدمه، فضرب عنقه.
سبب الغزوة
سبب هذه المعركة أن النبي محمد بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم بُصْرَى،‏ فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطا، ثم قدمه، فضرب عنقه، ‏وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على النبي محمد حين نقلت إليه الأخبار، فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الخندق.
وضع الرسول على هذا البعث زيد بن حارثة قائدا، وقال‏:‏ ‏"إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة‏"، وعقد لهم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة‏،‏ وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا مَنْ هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم، وقاتلوهم، وقال لهم:‏ ‏"اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناء‏"، وقد خرجت نساء المسلمين لتوديع أزواجهن وهن يقولن "ردكم الله إلينا صابرين"، فرد عبد الله بن رواحه وقال "أما أنا فلا ردني الله".
عند مدينة مؤتة توقف المسلمون وكان عددهم ثلاثة آلاف‏ وعدد الغسانين والروم مئتا ألف، واختار المسلمون بقيادة زيد بن حارثة، الهجوم على المشركين وتم الهجوم بعد صلاة الفجر وكان اليوم الأول هجوما قويا ومن صالح المسلمين بسبب أن الروم والغساسنة لم يتوقعوا من جيش صغير البدء بالهجوم، وفي اليوم الثاني بادر المسلمون أيضا بالهجوم وكان من صالح المسلمين وقتل كثير من الروم وحلفائهم إلى اليوم الثالث، حيث بادر الروم بالهجوم وكان أصعب وأقوى الأيام وفيه استشهد زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، واختار المسلمون خالد بن الوليد قائدا لهم.
وهناك في مؤتة التقى الفريقان، وبدأ القتال المرير، ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل، ‏ معركة عجيبة تشاهدها الدنيا بالدهشة والحيرة، ولكن إذا هبت ريح الإيمان جاءت بالعجائب، ‏ أخذ الراية زيد بن حارثة وجعل يقاتل بضراوة بالغة، وبسالة لا يوجد لها نظير إلا في أمثاله من أبطال الإسلام، فلم يزل يقاتل ويقاتل حتى شاط في رماح القوم، وخر صريعا،‏ وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أبي طالب، وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير، حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه الشقراء فعقرها، ثم قاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله، فاحتضنها بعضديه، فلم يزل رافعا إياها حتى قتل،‏ يقال‏ إن روميا ضربه ضربةً قطعته نصفين، وأثابه الله بجناحيه جناحين في الجنة، يطير بهما حيث يشاء، ولذلك سمى "جعفر الطيار"، و"جعفر ذي الجناحين".‏
روى البخاري عن نافع أن ابن عمر أخبره‏‏ أنه وقف على جعفر يؤمئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها شيء في دبره، يعني ظهره،‏ وفي رواية أخرى قال ابن عمر‏:‏ "كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية‏،‏ وفي رواية العمري عن نافع زيادة:‏ ‏‏"فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده"‏‏.‏
ولما قتل جعفر بعد أن قاتل بمثل هذه الضراوة والبسالة، أخذ الراية عبد الله بن رواحة، وتقدم بها، وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه، ويتردد بعض التردد، حتى حاد حيدة ثم قال:‏ "أقسـمت يـا نفـس لتنــزلنـه إن أجلب الناس وشدوا الرنة كارهة أو لتـطاوعنه مالي أراك تكرهين الــجنة ثم نزل، فأتاه ابن عم له بعَرْق من لحم فقال :‏ شد بهذا صلبك، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نَهْسَة، ثم ألقاه من يده، ثم أخذ سيفه فتقدم، فقاتل حتى قتل"‏.‏
ومع الشجاعة البالغة والبسالة والضراوة المريرتين، كان مستغربا جدا أن ينجح هذا الجيش الصغير في الصمود أمام تيارات ذلك البحر الغطمطم من جيوش الروم‏،‏ ففي ذلك الوقت أظهر خالد بن الوليد مهارته ونبوغه في تخليص المسلمين مما لقوه في تلك المعركة، واختلفت الروايات كثيرا فيما آل إليه أمر هذه المعركة أخيرا، ويظهر بعد النظر في جميع الروايات أن خالد بن الوليد نجح في الصمود أمام جيش الرومان طول النهار، في أول يوم من القتال، وكان يشعر بمسيس الحاجة إلى مكيدة حربية تلقي الرعب في قلوب الرومان حتى ينجح في الانحياز بالمسلمين من غير أن يقوم الرومان بحركات المطاردة‏، فقد كـان يعرف جيدا أن الإفلات من براثنهم صعب جدا لو انكشف المسلمون، وقام الرومان بالمطاردة.

فلما أصبح اليوم الثاني اعتمد خالد بن الوليد في خطته على الحرب النفسية، حيث أمر عدد من الفرسان بأثارة الغبار خلف الجيش، وتعلو أصواتهم بالتكبير والتهليل كذلك قام بتبديل الرايات وغير أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمته ساقه، وميمنته ميسرة، وعلى العكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم، وقالوا‏:‏ جاءهم مدد، فرعبوا، وصار خالد ـ بعد أن تراءى الجيشان، وهجم خالد بن الوليد على الروم وقاتل حتى وصلوا إلى خيمه قائد الروم ثم امر خالد بانسحاب الجيش بطريقة منظمة ـ وأخذ يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، مع حفظ نظام جيشه، ولم يتبعهم الرومان ظناً منهم أن المسلمين يخدعونهم ، ويحاولون القيام بمكيدة ترمي بهم في الصحراء ولم يتبعوا خالد في انسحابه، وهكذا انحاز العدو إلى بلاده، ولم يفكر في القيام بمطاردة المسلمين ونجح المسلمون في الانحياز سالمين، حتى عادوا إلى المدينة.
أسماء شهداء المسلمين في المعركة: زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة ومسعود بن الأسود ووهب بن سعد وعباد بن قيس وعمرو بن سعد وثمامة بن أثال والحارث بن النعمان وسراقة بن عمرو وأبو كليب بن عمرو وجابر بن عمرو وعامر بن سعد.