"LinkedIn" قطار لا يتوقف

هناك الكثير من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر" وغيرها لا يعرفون شبكة "LinkedIn" للتواصل على المستوى المهني والعملي، ويبرز ذلك في مصر بشكل ملحوظ، فحتى من يعرفون الشبكة لم يبادروا بشكل جدي لإضافة حسابات لهم عليها، وربما يكون عدم اعتماد الشبكة للغة العربية حتى الآن سببا في تأخر الاتجاه للتسجيل فيها، رغم أن فهم خصائص الشبكة لا يحتاج سوى معرفة بسيطة باللغة الانجليزية، ويمكن استخدامها بسهولة.
وتوضح احصائيات استخدام "لينكد إن" اتجاه عالم المال والأعمال في الدول العربية، فنجد دولة مثل "الإمارات العربية المتحدة" تحظى بنصيب الأسد من نسبة مستخدمي الشبكة في الشرق الأوسط وذلك يعكس بشكل واضح الاهتمام بعالم الأعمال في هذه الدولة وتواجد العديد من الجنسيات بها والكثير من المؤسسات الإقتصادية التي تعمل خارج حدود الإمارات، وفي المقابل تشير الأرقام إلى تراجع استخدام الشبكة في مصر مما يعكس دلالة واضحة لعدم اهتمام الجمهور المصري بالارتقاء بالمستوى المهني والوظيفي أو التواصل خارج دوائر الاهتمام والاصدقاء المعروفين، ويتضح ذلك في استنزاف مستخدمي الانترنت أوقات التواصل عبر شبكات التواصل الشعبية مثل فيس بوك، أو ذات الصفة الإعلامية النخبوية "تويتر"، رغم أن تويتر تتراجع نسبته في مصر بشكل ملحوظ بالمقارنة بنسب استخدامه في منطقة الخليج العربي.
قبل أيام كشفت دراسة حديثة أن عدد مستخدمي شبكة LinkedIn للتواصل الاجتماعي على المستوى المهني في العالم العربي وصل نحو 8.5 مليون مستخدم في منتصف عام 2014، وجاءت دولة الإمارات العربية المتحدة على رأس القائمة بنسة 22.7% من عدد سكان الدولة، فيما جاءت قطر في المرتبة الثانية بنسبة 18% والبحرين بنسبة 12% والأردن بنسة 5 % فيما جاءت نسبة مصر 1.2% قياسا إلى عدد سكان الدولة.
وذكرت الدراسة أن عدد مستخدمي الشبكة المتخصصة التي تعمل على تحقيق التواصل بين المؤسسات وأصحاب الأعمال والمهنيين قد زاد نحو 3.7 مليون مستخم في العالم العربي المقارنة بنفس الفترة في العام الماضي، فيما رصدت الدراسة زيادة نسبة الإناث ليسجل نسبة 29% بعدما كان 26 % في مايو 2013.
وتعتبر " LinkedIn" من أهم شبكات التواصل الاجتماعي على المستوى العملي، بجانب انتشار شبكة التواصل الاجتماعية ذات الصفة الشعبية "فيسبوك"، والشبكة ذات الصفة النخبوية الإعلامية مثل "تويتر"، وتضم "لينكد إن" أكثر 350 مليون مستخدم في أكثر من 200 دولة حول العالم.
وتأسست "لينكد إن" في العام 2003 كمنصة تسمح للمؤسسات الباحثة عن وظائف بالتواصل مع أصحاب الخبرات والمهنيين من مختلف القطاعات الاقتصادية، وهي متواجدة بـ 19 لغة، ولا تدعم اللغة العربية، وتشهد تسجيل ودخول عضوين اثنين فيها كل ثانية بما يعادل أكثر من 170 الف عضو يوميا.
ومن مميزات الشبكة أنها تسمح بتحميل السير الذاتية للأشخاص وترتيب الملفات الشخصية وإبراز المؤهلات والخبرات بما يسهل فرص الحصول على وظائف جديدة داخل دائرة الاهتمام، إضافة لذلك تتيح أيضا خدمات مجانية تساعد المستخدمين على خلق إضافة محتوى المتنوع سواء مكتوب أو صور وفيديوهات، ومشاركته مع الآخرين، والتواصل الاجتماعي، وتتيح فرص للتسويق والتعبير عن الأراء وتناقل الأخبار والمعلومات.
وتكمن أهمية وجود حساب على "لينكد إن" في إنها الشبكة الوحيدة التي تتيح لك ابراز الشخصية المهنية للفرد، والتواصل مع زملاء العمل والمهنة، وتوفر فرصة إيجاد خبرات وأفكار جديدة في مجال العمل، كما تعد الأفضل في توفير فرص العمل الجديدة التي تناسب مهاراتك وقدراتك وتساعد الشخص في تقوية المستوى المهني والارتقاء بالمستوى الوظيفي إذا استطاع استثمارها على أكمل وجه.
ولتحقيق أقصى استفادة من حسابك على "لينكد إن" يجب تحري الدقة الشديدة في كتابة البيانات الشخصية، وإضافة الخبرات، والقدرات والمهارات العملية، لأن بناء عليه ستتحدد دوائر الاهتمام وفرص العمل المتاحة، كما أن الحسابات الوهمية سيتم حذفها إذا تم اكتشافها أو التبليغ عنها من الشبكة ولن تفيد كثيرا لأنها لن تجد من يستخدم "لينكد إن" مهتما بمن خارج دائرته، كما أن وضع معلومات غير صحيحة سيقلل من فرص الاستفادة من الأصدقاء ودوائر الاهتمام.
والتفاعل من الصفات المهمة التي تميز العضو في "لينكد إن" فينصح بالكتابة في مجال التخصص، والسعي لمساعدة الأخرين في الدوائر المحيطة بشكل مستمر لأن هناك تقييمات دورية تقيمها الشبكة وفقا للشخصيات وتعطي درجات تقييمية من دوائر الاهتمام بالشخص وبناء عليها يتميز الحساب الشخصي.
وهناك العديد من المميزات التي يستفيد بها مستخدمي "لينكد إن" لعل إبرزها إن المستحدم يستطيع ترتيب ملفه الشخصي وإبراز أعماله وخبراته، ويمكنه استخدام ذلك في إيجاد وظائف أو أشخاص في نفس دائرة الخبرات المهنية، وأصحاب الأعمال يستطيعون إضافة قائمة بالوظائف المتوفرة لديهم والبحث عن مرشحين محتملين ومناسبين لهم، كما أن الباحثين عن العمل في المقابل يستطيعون استعراض الملفات الشخصية لمديري التوظيف في الشركات، والمستخدمين يستطيعون إضافة صورهم الشخصية ومشاهدة صور الآخرين للمساعدة في تحديد الهوية، كما يستطيعون متابعة شركات مختلفة والحصول على إشعارات خاصة بخدماتها وما تضيفه من معلومات جديدة؟
وأطلقت الشبكة عدد من التطبيقات التي تسمح لمستخدميه تحقيق أقصى استفادة منها ابرزها إضافة قائمة القراءة في أمازون وأضافت بعدها تطبيق للشركات يسمح بإضافة منتجاتها وخدماتها إلى صفحاتها في الموقع، مما سمح بالمقابل للأعضاء بتقييم تلك الخدمات، وقامت الشبكة مبكرا بإضافة نسخة خاصة لها على الهواتف الذكية.
وتشير الأرقام إلى أن هناك نموا ملحوظا وسريع لشبكة "لينكد إن" في منطقة الشرق الأوسط، ومن المتوقع أنه بحلول عام 2018 ستكون أكبر دائرة لعالم المال والأعمال في المنطقة، حيث أن الشركات تعتبرها الوسيلة الأفضل للوصول إلى الخبرات التي تبحث عنها، وأفضل من الاتجاه إلى الإعلانات عبر وسائل الإعلام التقليدية أو حتى الالكترونية الأخرى، التي لا تصل للجمهور المستهدف بشكل واضح، كما أنها على المستوى الفردي تساعد المهنيين وذوي الخبرات في البحث عن تحسين مسارهم الوظيفي من خلال توسيع دائرة الاهتمامات والعلاقات على الشبكة الأمر الذي يسمح لهم بتبادل الأفكار والخبرات بشكل لحظي، وكذلك البحث عن الوظائف التي تناسب تخصصاتهم.
ويبقى أن هناك دلالات تنقلها ارقام عدد مستخدمي الشبكة في مصر، توضح هشاشة عالم الأعمال والشركات العاملة في القطاع الخاص والحكومي بمصر وعدم اهتمامها بالبحث عن الكوادر الحقيقية والمدربة وذوي الخبرة، وربما تنقل بشكل ملحوظ حالة "الشلالية" و"المحسوبيات" التي مازالت تطغى على توفير فرص العمل في القطاعين العام والخاص، وفي المقابل تشير إلى ضعف الاستخدام على المستوى المهني لدى الأفراد الذي لا يبحثون عن فرص خارج الحدود، وربما تشهد السنوات القليلة القادمة مزيد من الاهتمام من الشركات والأفراد في مصر باستخدام هذه الشبكة إجبارا وليس اختيارا، للحاق بقطار الأعمال الالكترونية الذي لا يتوقف في محطات.