قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فتنة رفع المصاحف!


تم استخدام رفع المصاحف لأول مرة في التاريخ الإسلامي سنة 39 هـ في أحداث الفتنة الكبرى، وأثناء معركة صفين التي وقعت بين جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان، وجاءت المعركة نتيجة اختلاف الرأى بين الصحابة حول طريقة القصاص من قتلة الخليفة عثمان بن عفان، وتحول الخلاف إلى حرب أدت لتقسيم المسلمين إلى فرق، وانتهاء زمن الخلافة الراشدة، وبداية زمن الحكم الملكي الوراثي.
وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد قام بعزل معاوية من ولايته للشام وعين بدلاً منه سهل بن حنيف، ولكن معاوية رفض العزل ورفض مبايعة علي للخلافة وطالب بالقصاص أولاً من قتلة عثمان، فتوجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الشام مع جيش عدده 120 ألف لقتال جيش معاوية وعدده 90 ألف، وتقاتل الجيشان في صفين، وكان قتلى الطرفين حوالي 70 ألف قتيل.
وبناء على رأي عمرو بن العاص رفع جيش معاوية المصاحف على أسنة الرماح، في دعوة لجيش علي بالتوقف عن القتال والاحتكام إلى القرآن، فتوقف علي بن أبي طالب عن القتال وقبل بالتحكيم.
ورفع المصاحف كان هدفه الظاهر هو الاحتكام إلى حكم الله، لكن الهدف الحقيقي هو الخروج من أزمة سياسية وهزيمة حربية، واتفق الطرفان على التحكيم حقنًا للدماء من خلال حكماً لكل منهما، واختار علي بن أبي طالب عبدالله بن عباس ولكن أهل الكوفة عارضوه واختاروا أبو موسى الأشعري.
واختار معاوية عمرو بن العاص، واتفق الحكمان على عزل علي ومعاوية، وترك الأمر شورى بين المسلمين، وأن يصعد أبو موسى الأشعري المنبر أولًا، فصعد أبو موسى المنبر وعزل علي ومعاوية، وصعد بعده عمرو بن العاص المنبر وعزل علي وثبت معاوية، فنشب الخلاف بينهما، وقام جماعة من أهل الكوفة بتكفير علي لأنه لو كان على الحق لما قبل بالتحكيم، تلك الجماعة التي عرفت بعد ذلك بـالخوارج.
لقد ساهم رفع المصاحف فى تفريق المسلمين، فظهرت شيعة علي، وظهر الخوارج الذين خرجوا من جيش علي وقاموا بمحاربته فى معركة النهروان، ثم أفتوا بتكفير علي ومعاوية وعمرو بن العاص وضرورة قتلهم، وقام عبد الرحمن بن ملجم بقتل الإمام علي عام 40 هـ، وفشلوا في قتل معاوية وعمرو.
وفى عام 41 هـ تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان حقناً لدماء المسلمين، وبذلك انتهت دولة الخلفاء الراشدين لتقوم بدلاً منها الدولة الأموية.
تلك الفتنة التى حدثت بين الصحابة كان من أسبابها تظاهر البعض بالكلام باسم الدين وادعاء البعض الأخر الاحتكام لكتاب الله في خلاف سياسي لتحقيق مكاسب دنيوية، وتكراراً للأحداث السابقة قرر كل من جماعة الإخوان والجبهة السلفية رفع المصاحف لإقناع الناس بأنهم يريدون تطبيق الشريعة الإسلامية والتي لم تنفذها جماعة الإخوان خلال فترة حكمها.
أصحاب الدعوة لرفع المصاحف لم يقرأوا التاريخ الإسلامي، ولم يتعلموا من دروسه، ولم يهتموا بنتائج أحداث الفتنة الكبرى التي فرقت المسلمين الأوائل إلى فرق تتصارع حتى اليوم، ونسوا قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) الأنعام 159.