الحكمة من عدم خلق الله الناس كلهم «أغنياء»

يخبرنا الله تعالى عن حكمته في تقسيم الرزق بين الناس وأنه سبحانه يقدر الرزق للناس على حسب علمه تعالى فمن الناس لو كثر معه المال لتكبر وتجبر في الأرض فيرزقه الله بالقدر الذي لا يجعله طاغيًا متجبرًا، وهذا مصداقًا لقوله تعالى: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ»، "سورة الشورى:آية 27".
وذكر المفسرون أن سبب نزول هذه الآية أنها نزلت في قوم من أهل الصُفة تمنوا سعة الرزق والغنى، وقال خباب بن الأرت فينا نزلت وذلك لأننا نظرنا إلى أموال بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع فتمنيناها فنزلت الآية.
وأورد المفسرون في كتاب التفسير الوسيط فى تفسير الآية الكريمة، أن المراد من قوله تعالى: «وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ»، أى أن الله تعالى لو وسع الرزق على جميع عباده وكثره عندهم وأعطاهم فوق حاجتهم لطغوا وظلموا وتكبروا فى الأرض وفعلوا ما يتبع الكبر من العلو والفساد ولكن يرزقهم الله تعالى من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم، وهو أعلم بذلك بتقدير محكم فيوسعه على من يشاء ويضيقه على من يشاء تبعاً لما اقتضت حكمته تعالى.
وبين المفسرون أن الله تعالى ختم الآية الكريمة بقوله سبحانه: «إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ»، لبيان أنه سبحانه محيط علماً بما خفى وظهر من أمور الناس ويعلم ما تصير إليه أحوالهم فيقدر بحكمته لكل ما يصل إليهم ولو أغناهم جميعاً لبغوا ولو أفقرهم جميعاً لهلكوا ، وقد يبغى الفقير ولكن ذلك قليل والبغى من الغنى أكثر وقوعًا.