قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

المعركة بين التقشف والاقتراض


أرباح البنوك تتلخص في اغراءك بمزيد من القروض، وعليه فإنه ليس من مصلحتها
اطلاقاً أن تتقشف أو أن تقلل من انفاقك، وإذا سألت القائمين على السياسات المالية
فى البنوك الدولية أو الأجنبية العاملة محلياً تجدهم على عداء واضح مع سياسات
الادخار العام أو تقليل النفقات العامة، لذلك كذباً روجوا لأفكار أن الحل الطبيعى
لتراجع النمو هو رفع درجات الانفاق العائلى والتى تتحول بشكل غير مباشر إلى انفاق حكومى
لدعم المستثمرين، وإذا تجرأت وتحدثت عن اجراءات للتقشف العام ستجد حرباً ضروس فى
انتظارك، ذلك لأنك تتحدى بذلك ارباب المال الذى ينتظرون منك أن تقترض أكثر وأكثر.
نتذكر كيف تواجه أخبار التقشف بمظاهرات واحتجاجات غير مبرره فى كثير من
بلاد العالم رأينا مثلاً كيف يتم استخدام
التيارات اليسارية فى صناعة وتأجيج الصراعات الطبقية لمجرد الحديث عن سياسات تقليل
الانفاق الحكومى العام تحت شعارات المساس بالعدالة الاجتماعية، راينا ذلك فى أسبانيا
وفرنسا واليونان وقبرص وفنزويلا وغيرها من البلدان التى تواجه حاله عجز فى
الموازنة العامة فتضطر الى اتخاذ اجراءات التقشف العام، فتارة تواجه مبادرات
التقشف الحكومى بعداء جمهور الحركات السياسية، فتضطر الحكومات تحت ضغط الجماعات
المتحركة التى استطاعت تحريك الرأى العام، للرضوخ والاتجاه لمزيد من القروض لسد
العجز الذى لم ولن ينتهى.
العجز لم ولن ينتهى لأنه إذا استطاعت الحكومة توفير احتياجات المواطنين
ستجد نفسها أمام فوائد الدين ومستحقاته، فتضطر إلى اللجوء للإقتراض لسداد فوائد
الدين، وفى المقابل إذا بحثت فى روشته البنك الدولى أو صندوق النقد هل ستجد
حل لأزمة الاقتصاد المصرى بشكل جذرى؟ الاجابة ( لا ... حلولهم مجرد مسكنات ) والسؤال الثانى .. هل حقق أى اقتصاد نجاحاً بالاعتماد
على اجراءت ونصائح المؤسستين المانحتين أو البنوك الممولة على مستوى العالم؟ (الحقيقة أن نصائحهم انتجت اقتصاديات خدمية لم
تستطع الوفاء بإلتزاماتها الاجتماعية أو حتى الوفاء بإلتزامات الديون المتراكمة
عليها).
والحقيقة الظاهرة هى أن الصين شيدت اقتصادها الانتاجى وسط انتقادات الصندوق
والبنك الدوليين، وهى اليوم بالرغم من تحسن بيئة الأعمال فى الصين إلا ان صندوق
النقد الدولى يفرد مساحات واسعة لإنتقاد أى تحرك اقتصادى للحكومة الصينية، قبل ذلك
كانت اليونان وقبرص أحد ضحايا الأقتراض، فماذا قدمت روشتات الجهات المانحة؟ سوى
نصائح ببيع البنوك المحلية وانهاء سلطات البنوك المركزية لصالح التبعية لبنوك
مركزية أجنبية.
والمثال حاضر أمامنا فى مصر ... قدم صندوق النقد الدولى نصائحة التى تضمنت
بيع شركات القطاع العام وتعويم العملة ورفع الجمارك عن السلع المستوردة وغيرها من
الاجراءات التى يطلق عليها اجراءات التكييف الهيكلى، فماذا نتج لنا؟ ، 30 % من ارباح القطاع
الصناعى تذهب لإستيراد قطع غيار لماكينات
المصانع ... اليس المفروض ان توجه الحكومة الاستثمارات لاقامة مشاريع صغيرة ومتوسطة
لانتاج قطع الغيار البسيطة ... كبداية لجذب التوكيلات العالمية لتصنيع قطع الغيار محليا،
هل تريدون معرفة لماذا لم تفكر الحكومة ولن تفكر فى هذا، لأن هناك نصائح معلبه مقدمة من الجهات المانحة
ستقول لها أن هذا غير مربح وغير مجدى، وأن الاستيراد اقل تكلفه من التصنيع، لكن ما
يفوتهم أن صناعة الاقتصاد المنتج هو القاعدة الحقيقية لأى سوق، ويفوتهم أيضاً أن
الانتاج الصناعى يستوعب خسائرة وتقل الفجوة السعرية بمجرد أنتظام قاعدة العمل
والانتاج.
حولت نصائح البنك الدولى وصندوق النقد هيكلنا الاقتصادى الى اقتصاد استهلاكى يأكل نفسه
وباتت احتياجاته بشكل عام يتم توفيرها من الخارج، وهذا ادى الى ارتفاع اسعار الدولار . نظرا لان سوقنا
يحتاج الدولار اكثر من الجنيه، وباتت احتياجاتنا الصناعية والزراعية يتم توفيرها
من الخارج ... واصبح اقتصادنا يتجه إلى تمويل اقتصاديات اخرى.
اقتصاديات الخدمات والرفاهية أو ما يطلق عليه اقتصاديات
الفقاعات الهوائية، هى احد اسباب تراجع روح العمل والاجتهاد فى مصر . فعندما يحاصر
المجتمع بالشيشة والافلام والاكل السريع .. ومظاهر الترف الطبقية ... فلا تتوقع ان
تجد عامل او موظف يستيقظ فجراً للعمل ... ولكنك ستجد فى الوقت نفسه صراعاً طبقياً
لا ينتهى ...
ليس معنى ذلك أن اقتصاديات الخدمات لا تؤدى دوراً مهماً
فى التشغيل وفى توفير العملات الصعبة، لكنه لا يمكن أبداً الاعتماد عليها كأساس
لحركة الاقتصاد، انقاذ الاقتصاد المصرى يحتاج الى جانب التقشف ... تحويل السوق من الاقتصاد
الخدمى الى الانتاجى ... كفانا من الاستثمارات فى المولات ومطاعم الوجبات السريعة،
اقتصاد الخدمات مهم لكنه لا يمثل قاطرة تنمية ... ويؤدى الى تاكل مدخرات المصريين فى
البنوك.