الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أزمة سكر.. أم.. أزمة ضمير؟


نعتذر للحضيض عندما نجعله لهذه الجماهير الشغوفة بالضلال مأوى والمشتتة بين أنياب الجهل والفوضى...!

ونعتذر لكل الأبجديات التي سحقنا معانيها واستنزفنا روحها كي تصف لنا شغف هذه الشعوب المعاصرة في منطقة الشرق الأتعس بما هي عليه من سقوط أخلاقي بل يتسنم إفكها دعاوي أنهم خير شعوب الأرض وعلى غيرهم أن يتعلم منهم دون أن يقدموا للحياة منفعة ولا للتاريخ إلا كل سمعه سيئة...!

يذبحون الحمير لتكون طعامهم بدلا من حمل أثقالهم... يتاجرون في الدجاج الميت الذى يحمل الأمراض إلى مجتمعاتهم كي تمتلئ بالجشع جيوبهم على حساب صحة غيرهم.

يمتهنون مهنة قوادة تجارية لم يسبقهم إليها أحد في العالمين عندما يحولون العملات الورقية إلى سلع تباع وتشترى وهي التي بها نبيع ونشتري ..!

يتسابقون ويتنافسون في الاحتكار ويتهامسون كالفجار فيمنعون السلع عن مجتمعاتهم حتى يعطشوا بها الأسواق لترتفع أثمانها أضعاف أضعاف قيمتها ثم يحلبون المجتمع بابتزاز حاجته ..!

مجتمعات تملأ فمها بالتكافل وهي تشق بالسكاكين بطون الأمانة والشفافية والنزاهة حتى خطفوا الاطفال من أمام المدارس ليتاجروا بأجسادهم كقطع غيار بشرية في واقع استنزف مرارة الألم ..!!

يتفاخرون بالثورات كونها باب للسرقات واللصوصية ولا يمكن أن ننسى يوم سقوط طاغية العراق صدام حسين كيف قام شعبه في شمال البلاد بسرقة كل شيء تقريبا حتى نهبت الكراسي من الدواوين الحكومية ومجتمعات أخري في مصر تتجهز باسم الثورة لسرقة كارفور وغيره من المتاجر الكبرى كما أعلنوا عن فجورهم هذا على شبكات التواصل ..

ورجال أعمال كبار يتعاملون بالحرام من أجل المزيد من المال باحتكار السلع وإن سقط المجتمع في الجوع بدلا من ان يكونوا عونا للناس في أزمات تمر بهم في وقت ضيق أوطانهم ..!

رخص اخلاقي مروع يجتاح المنطقة خلف منابر يعتليها شيوخ بألسنه طوال في الجمع وبين الصلوات الخمس في المساجد والكنائس والبِيع ..!!

لا نستطيع أن نتعرف على هذا المنحدر إلا بإطلاله على قدس أقداس الحياة .. الشعب الذى يسكن الجنة ويستحق أن يبقى فيها لنرى جنته ونحن بجهنم الشرق التعيس لعلنا ننجو من هذا الجحيم بموضة تعلم عابره ..!

كيف تتصرف الشعوب العظيمة التي تعلو فوق القمم إبان ازماتها ...؟
كيف يتحول الفرد إلى شعب ويتصرف الواحد كأسره وتمضى الأسرة كمجتمع ..؟

كيف تسيطر مشاعر التضامن الاجتماعي بشكل عملي بدون صياح المساجد أو الكنائس خلف خطاب باهت يكرر من سطور التراث ما أمات حس الجماهير خلف فشل الحكومات المتتابعة وضمور وعي الشعوب المسكونة بهذا العته .؟

تعالوا إلى هناك .. إلى اليابان في برها وودها وجنتها التي صنعتها على الأرض كي نتعلم سطرا عمليا من وفاء ..!

كيف تنهض الأوطان وترفع من وسط الغبار راسها ليكتب على جبينها القضاء والقدر أن المجد لها والحياة لها والآخرة لها والتفوق لا يمكن أن يفارقها ... ؟

بينما نرزح نحن بسلوكياتنا أسفل الحضيض وإليه نعتذر .؟

في مارس 2011 م ضرب زلزال هائل شمال شرق اليابان بدرجة 8.9 بمقياس ريختر وأعقبه موجات تسونامي جرفت كل ما بطريقها من البلاد والعباد وخلفت وراءها كارثة مروعة بشريه وعمرانية ونووية لم يشهد العالم مثلها وتبقى الوقائع المصورة أبلغ في تصوير المشهد المرع من آلاف السطور التي تجيد نقل الوقائع المرعبة التي حدثت في هذه المنطقة المنكوبة من العالم ..!

اجتمع الكثير من الباحثين في علوم الاجتماع لدراسة سلوك الجماهير اليابانية حيال ما وقع في بلادهم من أزمات حول هذه الكارثة وبدأ الحديث عن سلوكيات الشعب الياباني وروح الجماعة التي غلبت في هذه الكارثة على الروح الفردية والمصالح الشخصية ...!!

ليلخص معظمها في نقاط سفير دولة ما لدى اليابان وقد سردها في سطور توضح ما عليه أهل الجنة في مقابل ما يفعله أهل النار في بلادنا الشرقية اليوم .. !

وبجوارنا اليابان دون أن تطرف لنا في النقل والتعلم عين ..!

يقول السفير في ملاحظاته التي راقبت سلوك الشعب الياباني اثناء الكارثة التي ضربت البلاد وقد أجمع عليها العالم وهو يشاهد تصرف هذا الشعب العظيم مبهورا ومذهولا ..!!

( لا منظر للنواح أو الصراخ أو ضرب الصدر، الحزن بحد ذاته يسمو.

الناس اشتروا فقط ما يحتاجونه للحاضر، حتى يستطيع الجميع الحصول على ما يحتاجونه...!

لا فوضى في المحال .. و لا استيلاء على الطرق .. ولا تجمهر، فقط التفهم...!

خمسون عاملًا ظلوا في المفاعل النووي يضخون ماء البحر فيه، كيف يمكن مكافأتهم...!

المطاعم خفضت أسعارها .. الفنادق والشقق .. كل شيء وكل مكان أصبح أرخص مما هو عليه قبل الزلزال ..!

أجهزة الصرف الآلي تُرِكَت على حالها.. القوي اهتم بالضعيف...!

أظهروا تحكمًا رائعًا .. لا مذيعين تافهين .. ولا إثارة ، فقط تقارير هادئة...!

عندما انقطعت الكهرباء في المحال أعاد الناس ما بأيديهم إلى الرفوف و مشوا بهدوء!!

في حين أن المذهل الذي ذكرته صحيفة ” الديلي تلغراف ” اللندنية أن أعمال السرقة والنهب لم يكن لها وجود في اليابان على الرغم من حالة الارتباك العارمة وغياب القانون وانشغال الشرطة في عمليات الإنقاذ، في حين أن البعض قال أنه لم يتم تسجيل حالة سرقة واحدة في هذه الكارثة !!

سنتوري (شركة عصير) قامت بتوزيع العصير مجانا ً على الناس، وشركات الهاتف قامت بزيادة عدد نقاط توصيل الانترنت والانترنت اللاسلكي واي فاي لتسهيل التواصل، كما قامت شركة مواد غذائية بتوزيع مليون علبة من الشعرية والشوربة المعلبة مجانا ً، والجميع يحاول تقديم المساعدة بأفضل طريقة ممكنة...)

هنا لا نملك إلا الصمت خلف حسرتنا ونحن نرى شعوب الشرق الإسلامي وقد تحولوا إلى تجار أزمات وحروب يحتكرون السلع ويلعبون بأقوات الناس بعدما غاب ضميرهم وحين تقترب من بعضهم يشجيك ببعض الآيات والسور في منظومة نفاق ومزج بين سلوك منكر وسطور منطوقه من الفضائل التي لا مكان لها غير الغياب بتلافيف الهواء في سعه هذا الفضاء ..!

الحقيقة لا نعاني من أزمات أرز وسكر ... نحن نعاني من أزمة ضمير كل يوم في بيئات النفاق تزدهر وتكبر بظل غياب القانون الذى يحسم ويردع ...!

حتى انكشفنا أمام العالم الذى يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا ..

ففي كتاب: "العرب وجهة نظر يابانية" لرجل عاش بين العرب سنين طويلة ثم ذهب إلى قومه ليقول - نوبواكي نوتوهارا – إن الدين عند العرب أهم ما يتم تعليمه لكنه لم يمنع الفساد .فهم متدينون جدًا، وفاسدون جدًا.!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط