أعترف- والملايين مثلي – أنني من مدمني شبكات الإنترنت، ربما لظروف عملية أكثر من كونها اجتماعية، وربما لعدم إنكاري والجميع معي فضل التكنولوجيا الحديثة بما فيها شبكات التواصل الاجتماعي في تغيير صورة الواقع الذي نعيشه، ودورها الكبير في نشر الوعي الثقافي بين كافة أطياف الأمم من معلومات وعلاقات اجتماعية وتواصل علمي وتعليمي وعملي، بل ولا أنكر هناك الملايين أصبحوا لا يستطيعون الاستغناء عنه حتى ولو بمقدار 60 دقيقة، ربما لارتباطات عملية أو اجتماعية أو غيرها من أشكال التواصل بين الناس.
لكن رغم المزايا والمميزات التي تمنحها تلك الشبكات لمستخدميها وبالتحديد موقع التواصل الاجتماعي «الفيس بوك»، إلا أن عيوبه أصبحت تفوق الوصف، كان أخطرها على الإطلاق الحملات التحريضية التي يشنها بعض المغرضين ضد الدولة ومؤسساتها، سواء بشكل مقصود أو بجهل متعمد أو بسوء تقدير، لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل وصلت تلك العيوب أيضًا إلى التشهير برموز وطنية كبيرة وتبادل الاتهامات بالفضائح والخوض في الأمور العائلية والشخصية.
الصين في 2009 بدأت حظر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك» في بلادها بعدما استشعرت حملات التحريض والتشويه التي تبناها عدد من المتمردين، لإشعال الفتنة في البلاد وحث العامة على التمرد والهجوم على نظام الدولة وقتها، حتى أصبحت أكبر قوة اقتصادية في العالم تنافس أكبر الأسواق الآن في شتى الصناعات، لانشغال الجميع بالعمل والتركيز على مبدأ الجودة في الإنتاج، الصين أيضًا أغلقت شبكة التواصل الاجتماعي العالمية لعدم تواصل أي أخطار من الخارج تزعزع أمن الدولة، بعد ثورات الربيع العربي وأنشئت شبكة تواصل محلية لسكان الدولة أقل خطورة.
الحقيقة المرة التي أوضحها خبراء في هذا الشأن أن أكثر من 45 مليون مستخدم مصري أدمنوا الجلوس على شبكة الإنترنت، وخاصة موقع «الفيس بوك»، ولا شك أن هذه النسبة كارثية لما فيها من إهدار للوقت كان أولى بكثير أن يخصص للعمل والإنتاج كي ترتقي بلادنا إلى الأفضل.
«فتاة العربة» التي التقى بها الرئيس عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية بعد أن ظهرت على بعض وسائل الإعلام وهي تجر عربة يدوية أعطتنا جميعًا رسالة واضحة مفادها أن الإصرار على العمل هو الركيزة الأساسية للنهوض بالأمم، بل وحثت فئة الشباب على ترك وسائل الترفية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتفرغ للحياة العملية التي من شأنها تطور الشباب.
إغلاق «الفيس بوك» هي الضمانة الوحيدة للرجوع إلى قراءة القصص الورقية والكتب والجرائد والمجلات باستمتاع وتأني وركيزة لإحياء المكتبات وإزالة الأتربة المعلقة على أبوابها وجدرانها منذ دخول شبكات التواصل الاجتماعي في بلادنا، إغلاق الفيس بوك «واجب» إن أصبحت عيوبه قاتلة وسط مميزاته الكبيرة.