الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم "دبي" !


لم يكن الكاتب " أنيس منصور" مُبالغًا ، عندما قال " الأشخاص وليست المبادئ هم من يغيرون التاريخ " ، لأن التغيير يصنعه أشخاص يمتلكون الإرادة الحكيمة والإدارة السليمة، والقدرة على المبادرة، والتفكير المبدع الخلاق، في إطار إحداث تغيير للأفضل بهدف خدمة الإنسان خليقة الله سبحانه وتعالى على الأرض ، فعندما يخلو أي عمل مهما كان كبيرا من التأكيد على القيم الأخلاقية والدينية والحضارية والإنسانية فحتما سيكون مآله الفشل.

ولعل ما دفعني لكتابة هذا المقال هو حالة التناحر والتقاتل والتمذهب والتشرذم المقيت التي تغوص في مستنقعاتها كثير من بلدان العالم العربي والإسلامي ، الذي أصبح بكل أسف عدوا  لنفسه ، ويُدفع دفعًا ليقاتل جيرانه بل وأشقاءه في الدين والوطن تحت دعاوى الطائفية والمذهبية ومحاربة الإرهاب .. وهي حروب وأساليب تتنافى تماما الإسلام وسماحته الذي يرفض الإرهاب والتمذهب ومخاصمة الإنسانية ؛ حروب بالوكالة يخوضها العرب ضد أنفسهم وهم لا يدرون ويقتلون ويدمرون ويسفكون دماء الأبرياء ويقسمون أوطانهم ويهدمون تنوعهم الديني والثقافي والحضاري الثري ، ويمحون تاريخهم ويطمسون حضارتهم وأثارهم وجذورهم ويقدمون كل هذه الموبقات كهدية على طبق من ذهب لأيدي أعدائهم.

وفي رأيي أن "نظرية صراع الحضارات" لأستاذ العلوم السياسية وأحد الخبراء الإستراتيجيين الكبار في أمريكا "صمويل هنتنغتون" كانت تنصب على أن النظام العالمي الجديد سيتغير عبر صراعات بين حضارات ومذاهب وأديان سمائية ووضعية ، وللاسف الشديد تتسابق بعض البلدان العربية كالغنم لتطبيق على هذه النظرية على نفسها بغباء سياسي منقطع النظير بدعم وتبني وانتهاج الحروب الطائفية والمذهبية والإيديولوجية الأمر يعجل بنهايتهم ويقضي تماما على وجودهم ويفقدهم تأثيرهم الحضاري والإنساني في المنظومة العالمية، انظر حولك لترى ملايين القتلى والشهداء العرب والمسلمين من الأطفال والشيوخ والنساء يقتلون بدم بارد بيد إخوانهم في الدين والإنسانية والإسلام بريء من جرائمهم وإرهابهم.

انظر حولك لترى آلاف الجوعى والمشردين واللاجئين الذين دمرتهم الحروب الطائفية والمذهبية بدعوى حماية الإسلام !، ووسط هذا الحطام والركام والدم والدمار إلا أننا ما زلنا نرى هناك نماذج مشرفة ومضيئة في تاريخ العالم العربي اليوم ؛ نماذج لن ولم يمح أثارها التضليل لأن أعمالهم باقية وسيخلدها التاريخ الإنساني.

ولعل من هؤلاء الرجال والقادة العظام هو الشيخ " محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة و" حاكم إمارة " دبي" هذا الرجل الذي جعل من " دبي " مركزا للإشعاع الحضاري والإنساني والتنوع الديني والثقافي ، ففي الوقت الذي كانت فيه بعض بلدان العالم العربي منشغلة بالحرب الطائفية والمذهبية كان هذا الرجل منشغلا بالسلام ، وفي الوقت الذي كان بعض الحكام العرب يهدمون رأينا هذا الرجل يبني ، وفي الوقت الذي كان فيه حكام بعض الدول العربية أداة في يد قوى غربية متآمرة على تفكيك أوطانهم وتقسيم شعوبهم ، كان هذا الرجل منشغلا بوحدة ومصير بلده وإمارته ، وإن كان القرآن الكريم يقول " ولا تنازعوا فتفشلوا " {الأنفال 46 } ، وأيضا " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" { سورة الحجرات 13 } وأيضا ان كان الحديث الشريف يقول " لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى " ، فلسوف نجد أن الشيخ " محمد بن راشد آل مكتوم" طبق هذه النصوص فعليا ، وقدم نموذجًا فريدا للإسلام الذي يحترم الإنسان بغض النظر عن دينه أو جنسه أو جنسيته ، ودحض أكاذيب الغرب عن ربط الإرهاب بالإسلام ، حيث جعل من " دبي " وعاء ونموذجا حيا للتنوع الإنساني والحضاري والديني البناء " ، في وقت ترزح فيه بعض شعوب العالم العربي تحت خط الفقر والجوع والمذلة وإهدار حقوق الإنسان.

ولعلني أتذكر جيدا  مقالا  مهما  للشيخ " محمد بن راشد آل مكتوم " تحت عنوان " وزارة للتسامح والسعادة والمستقبل .. لماذا ؟ " قال فيه بالنص : " ... لا يمكن أن نسمح بالكراهية في دولتنا ، ولا يمكن أن نقبل بأي شكل من أشكال التمييز بين أي شخص يقيم عليها أو يكون مواطنا فيها ، لذلك عينا وزيرا للتسامح ،نعم عندما كانت المنطقة في أزهى عصورها متسامحة مع الآخر ، سادت وقادت العالم .. من بغداد لدمشق للاندلس .. كنا منارات للعلم والمعرفة والحضارة لأننا كنا نستند إلى قيم حقيقية تحكم علاقاتنا مع جميع الحضارات والثقافات والأديان من حولنا ، حتى عندما خرج أجدادنا من الأندلس خرج معهم اليهود ليعيشوا بينهم لأنهم يعرفون تسامحهم ، نعم تعلمنا من التاريخ أهمية التسامح ، ولكن جاءت الأحداث الأخيرة في منطقتنا لتؤكد لنا أنه لا مستقبل لهذه المنطقة بدون إعادة إعمار فكري ترسخ قيم التسامح والتعددية والقبول بالآخر فكريا وثقافيا وطائفيا ودينيا ... نحن دولة نتعلم كل يوم ، ومع كل درس نتعلمه لا بد أن نأخذ قرارات لنطور بها مستقبلنا .. وبالحديث عن المستقبل ولماذا غيرنا اسم إحدى الوزارات لتكون ايضا وزارة للمستقبل ؟ أقول لأننا نتعلم أيضا من المستقبل وليس فقط من التاريخ " . 

إلى هنا انتهى الاقتباس من مقال الشيخ " محمد بن راشد آل مكتوم" وهو مقال يعتبر بمثابة دستور إنساني لكل دولة تريد أن تبقى وتعيش في أمن وسلام ، ولعلني أرى أن دولة الإمارات من خلال هذه الطفرة الهائلة التي تشهدها على كافة المناحي الثقافية والإنسانية والحضارية إنما تؤصل لأسلوب التغيير بالفكر أولا ً ، فأنا شخصيا مقتنع أن " تغيير الفِكر يساوي تغيير مصير " وأنه على الأمة العربية والإسلامية إذا أرادت أن تعود إلى أمجادها القديمة أن تبدأ بتغيير المنظومة الفكرية المناهضة للإنسانية والمعادية للقيم الدينية والحضارية والتعددية مثلما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة ، ومثلما أكد سمو الشيخ الشيخ " محمد بن راشد آل مكتوم"، هذا الرجل له مواقف إنسانية نبيلة ومشرفة مع مصر وشعبها " مسلمين وأقباطا " ،ومع دول المنطقة ، كشخصية محبة للسلام وداعمة له وداعية إليه ، كما لا يمكن أن ننسى أو نتجاهل دعمه اللامتناهي للإبداع والإبتكار والشباب والمرأة والأعمال الخيرية وهي عوامل كان لها بالغ الأثر في تقدم دولة " الإمارات العربية المتحدة" وجعل إمارة " دبي " مضربا للمثل على مستوى العالم بلا استثناء.

وإنني من هنا أطالب الإمارات العربية المتحدة بتخصيص جائزة عالمية باسم " جائزة سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للسلام والبناء" خاصة أن هاتين الفضيلتين من أهم الركائز التي انطلقت عليهما نهضة وبناء الإمارات العربية المتحدة ، على أن تمنح هذه الجائزة سنويا لشخصيات أو مؤسسات كان لها دور بارز في نشر قيم السلام والبناء ونبذ العنف والطائفية التي باتت مقبرة لكثير من دول العالم العربي والإسلامي ، فتحية تقدير وإجلال لهذا الرجل الذي يعد بمثابة نقطة مضيئة في نفق مظلم يتخبط ويترنح ويتقاتل فيه العالم العربي والإسلامي ويفنون بعضهم البعض بنيران حميمة ، ويقودون أوطانهم وفقا  للماضي وليس المستقبل .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط