رسالة إلى الإمام الأكبر: هؤلاء هم الذين يهينون الأزهر !

من الثابت أن الأزهر الشريف رمز ديني كبير ، ومنارة للإسلام المعتدل حول العالم ، في بلد عظيمة متعددة الحضارات والثقافات والأديان وهي مصر التي قال عنها فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي أنها " صدَّرت عِلم الإسلام إلى الدنيا كلها ، صدَّرته حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام " .
ويشهد التاريخ المصري للأزهر الشريف على وطنيته في مواجهة قوى الاستعمار والاحتلال ، ووقوفه بجانب الدولة المصرية وجيشها في أحلك الظروف والأزمات التي كانت تتهدد وحدة مصر وأمنها القومي لتمرير مخططات التقسيم الديني والمذهبي والعرقي ، وبسبب مكانة الازهر المتأصلة في قلوب المصريين على مختلف أديانهم ومذاهبهم، أرادت قوى متشددة ظلامية ، وجماعات دينية ممولة تتاجر بالدين والدم اختطافه خلسة ، لتشويه مكانته واستغلاله في حروب مذهبية ودينية بالوكالة لتفتيت مصر وإشاعة الفوضى بها ، ولكن الأزهر برغم هذه المحاولات ظل ثابتا شامخا على وسطيته ووطنيته.
وهنا لا يمكنني أن أنسى الدور الوطني الذي لعبه فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر في ثورة 30 يونيو 2013 ، وانحيازه للجيش والشرطة ووحدة الدولة المصرية ، ولقد انزعجت مؤخرا بل وصدمت بسبب تحويل الزميل الكاتب الصحفي " أحمد الخطيب " الى محكمة الجنايات بتهمة أرى أنها ليست مطاطة فحسب كما يقول البعض بل ربما تهمة تسيء للازهر ومكانته وشيخه الجليل وهي " إهانة الازهر" ، وذلك بسبب نشر الكاتب الصحفي أحمد الخطيب سلسلة من المقالات تكشف عن وجود خلايا نائمة بل ومستيقظة من الإخوان والجهاديين في مؤسسة الازهر العريقة ،وفتح ملفات تتعلق بوجود مخالفات مالية في الازهر الشريف ، وبدلا من أن يحقق فضيلة شيخ الازهر في هذه الوقائع والمخالفات المنشورة ، خاصة أن أموال وميزانية الازهر ملك للشعب الذي يمول هذه الميزانية التي كانت تقترب من 7 مليارات جنيه في 2012 ، فوجئ الرأي العام في مصر بملاحقة الكاتب الصحفي " محمود مسلم " رئيس تحرير جريدة الوطن " والكاتب الصحفي " أحمد الخطيب " أمام محكمة الجنايات بتهمة إهانة الازهر الشريف ، وهو ما أصاب الرأي العام في مصر بصدمة مروعة أعادت للأذهان كما وصف البعض " محاكمات التفتيش " ، واضفاء القداسة المطلقة على رجال الدين ، وكأنهم آلهة منزهة عن الأخطاء والآثام والشرور ، ويؤكد على ذلك الإسلام ولا ينفيه بقول الحديث الشريف " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " كما تؤكد عليه المسيحية واليهودية بل والمعتقدات الوضعية أيضا .
وإنني من هنا أطالب فضيلة شيخ الازهر وهو رجل صوفي زاهد وإمام جليل أن يجري تحقيقا موسعا فيما نشره الكاتب الصحفي احمد الخطيب وأن يواصل دوره التنويري في ملاحقة البؤر المتشددة في الأزهر وأن يطهر الأزهر من جماعات الإسلام السياسي التي تتحين أي فرصة للانقضاض على الأزهر واختطافه ، ليؤكد للعالم كله على أن الإسلام لم ولن يكن يوما ضد حرية الرأي والتعبير المنضبطة ، وأن الإسلام لم يضف قداسة مطلقة على البشر، كما أنه مع مساءلة ومحاسبة أي نفس أمارة بالسوء تسيء للازهر ومكانته، وتستغل عباءة الأزهر لتمرير الإفساد في هذه المؤسسة العريقة والرمز الديني والوطني العظيم بكل القائمين فيه، فالكاتب الصحفي أحمد الخطيب لم يسئ يوما للازهر كمؤسسة عريقة ولم نره يوما شتاما ولا لعانا ولا سبابا للأزهر ورجاله، بل كانت مقالته تستهدف الحفاظ على هيبة ومكانة وعراقة الأزهر وتطهيره من الإخوان والجهاديين الذين يريدون اختطافه والسيطرة عليه لاختطاف وحدة الوطن وتهديد مصيره ووحدته.
وكلي ثقة في أن يقوم فضيلة شيخ الازهر بسحب البلاغات المقدمة ضد الزميلين الصحفيين لتهدئة النفوس ولكي ينتصر لحرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور والقانون وكافة العهود والمواثيق الدولية ولدرء الشبهات المثارة من البعض حول الأزهر، وتفويت الفرصة على من يروجون في الداخل والخارج باطلا بأن يقمع الحريات ويزج بأصحاب الرأي في ساحات المحاكم وخلف القضبان ، ويتخذ من الكتاب والصحفيين خصوما أعداء ألداء ، فالرأي المنضبط الذي يستهدف البناء ويكشف عن أي قصور أو فساد أو إفساد في الأرض أو في أي مؤسسة أيا كانت يجب أن يوضع أصحابه على الاعناق ، بدلا من أن يزج بهم في السجون ، بعد ثورتين عظيمتين ثار فيهما الشعب المصري العظيم ضد الفساد والظلم والقمع والطغيان والفاشية الدينية.
يا سادة إذا كان مصير الكتاب والصحفيين وأصحاب الرأي الذين لا يمتلكون إلا " القلم " سلاحا ولا يبتغون غير الإصلاح والتنوير مقصدا ، في السجون وساحات المحاكم بالترهيب والتنكيل فقل على الدنيا السلام و"متكلمونيش عن تجديد أو تطوير للخطاب الديني فيما بعد" ... يا شيخنا الجليل الذين يهينون الازهر الشريف هم بعض ممن يرتدون عباءته ويكفرون مخلوقات الله على المنابر والشاشات والفضائيات ، وهم من يتحينون الفرصة لأخونة الازهر واختطافه والشعب لهم بالمرصاد ، وهم من يحللون قتل غير المسلم بل والمسلم المختلف عنهم في المذهب، وهم من يحاولون جاهدين لاختطاف وسطيته وسماحته ، ومن يفخخون العقول بالتطرف والتشدد البعيد كل البعد عن الإسلام وسماحته ثم ينطلقون لتفخيخ البشر والجنود والمؤسسات ، يا شيخنا الجليل معركتكم الحقيقية مع هؤلاء وليس مع الكتاب واصحاب الرأي ..
حفظ الله مصر بأزهرها وكنيستها وجيشها وشرطتها إلى يوم الدين.