قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الأقباط هم أصحاب مصر


رغم انشغالى بانتخابات نقابتنا العريقة – الصحفيين – واهتمامى بها ، ليس فقط كونى أحد المرشحين لعضوية المجلس ، وإنما باعتبارى أحد أعضاء الجمعية العمومية ، وأحد المتصلين بالعمل النقابى منذ مدة تصل إلى 6 سنوات ، من خلال موقعى كمقرر "لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة" ، وكذلك باعتبارى من الغيورين على المهنة ، وأسعى للعمل على إعادة قدسيتها المدنسة فى المجتمع، وحفظ كرامة الصحفيين ، والدفاع عن حقوقهم وكذلك حقوق الوطن ، فى إعلام يدرك مدى المخاطر التى تهدد أمنه واستقراره ، إلا أننى وجدت نفسى مشغولا أكثر بقضية فرضت نفسها على السطح مؤخرا ، وهى استهداف الإخوة الأقباط فى سيناء بالقتل والترهيب من جانب الجماعات المتشددة ، وما استتبع ذلك من عمليات نقلهم إلى محافظات مدن القناة ، وتحديدا الإسماعيلية.
ولا شك أن تلك القضية أصابتنى ،كما أصابت الكثيرين بالذعر والخوف على أبناء بلادى ، وعلى الوطن ذاته، من مخاطر الإرهاب الذى لا يزال يستهدف بكل قواه بلادى مصر.

ورغم خطورة الأزمة التى يتعرض لها الإخوة الأقباط، إلا أن البعض أراد استثمارها لخدمة الخارج ، وتأليب الرأى العام العالمى ضد بلادى مصر ، وتصويرها على أنها غير قادرة على حماية الأقباط ، وتعرضهم لعمليات تهجير قصرى ، وأنها غير قادرة على حمايتهم ، هذا بخلاف التناول الإعلامى الخاطئ للأزمة سواء على مواقع التواصل الاجتماعى ، أو حتى على وسائل الإعلام الخارجية ، التى تفتقد إلى كثير من الحقائق.

والحقيقة أننا فى مصر لا نعرف أقباطا أو مسلمين ، ولا نعرف التفرقة بينهم ، فهم المكون الأساسى للنسيج المصرى المتين ، وأستطيع القول أنهم أصحاب مصر وهم وغيرهم من أصحاب الديانات المختلفة ، أبناء مصر وشعبها الأبى ، ولا يجوز بحال من الأحوال تناول الأزمة على أن المقصود بها الأقباط.

غير أن محاولات قوى الشر وكل من يدعمها من أعداء الداخل والخارج المصرى ، تريد أن تنال من النسيج الوطنى ، وتريد أن تشق الصف الوطنى الذى شكله المصريون فى ثورة 30 يونيو من العام 2013 ،وهى الثورة الحقيقية التى أطاحت بقوى الظلام الإخوانى من سدة الحكم ، وهو ما يفسر أسباب استهداف قوى الشر والإرهاب للشرائح التى وقفت مع بلادها ضد مخاطر التمكين الشيطانى ، ونجحت فيه ، وكان فى مقدمة تلك الشرائح، أفراد القوات المسلحة الأبية ، والشرطة الوفية ،وكذلك ما تنظر إليها جماعات التشدد غير الدينية على أنها شريحة الأقباط ، وتستهدف تلك الجماعات إحراج الدولة أولا ، وشق الصف الوطنى ثانيا.

وفى تلك الأزمة لا بد أن نشير إلى عدد من الحقائق التى لا ينبغى بحال من الأحوال أن تغيب عن الوطنيين، وفى مقدمتها أن الأقباط هم أصل مصر وجزء أصيل من التكوين المصرى ، وأنه لا يتم التعامل معهم أبدا من جانب الدولة ، على أنهم أقلية ، كما يريد أن يصور البعض خطأ ، وأن الدولة تقوم بواجبها تجاههم ، باعتبارهم مصريين ، يتعرضون لمخاطر الإرهاب، شأنهم فى ذلك شأن الآخرين ، سواء من رجال القوات المسلحة أو قوات الشرطة ، أو حتى المواطنين المدنيين.

ثانى تلك الحقائق أن ما تقوم به الدولة تجاه الأزمة ، ليس تهجيرا قصريا كما يصور البعض ، ولكنه نوع من الحماية لهم ، وعلى ذلك لا يجب تصوير الأمر على أنه تعامل مختلف عن تعامل الدولة مع قضية الإرهاب عموما ، خاصة أن الخطر الذى يهددهم أكثر من غيرهم.

ثالت تلك الحقائق أن البعض أراد أن يصنع من الأزمة حدثا عالميا ، حتى يتم تصوير الأمر على أن الدولة لا تحمى الأقباط ، مما يثير الاستياء الخارجى ضد سياساتها ومن ثم فتح الباب للانتقادات الخارجية ، وهو الهدف الذى تسعى إليه قوى الشر بمعاونة بعض الكتائب الإعلامية التى لا تريد الخير لمصر ولا لشعبها.

وعلى ذلك كله فإن ما يحدث فى سيناء هو أحد إفرازات الإرهاب الذى يستهدف الدولة ، وينخر فى جسدها منذ سنوات ، وأن مواجهة ذلك الإرهاب يتطلب تضافر الجهود الشعبية مع الرسمية ، بجانب ضرورة تفهم الإعلام لدوره خاصة فى تلك الظروف الحرجة التى تتعرض لها بلادى مصر، فالإعلام غائب عن كثير من القضايا ، وإن تناول بعضها فانه يتناوله بقصور فى المعلومات وسوء للفهم ، وهو ما يتطلب – عندى – رسالة إعلامية واعية ، تعى أبعاد خطورة ما يتعرض له الوطن وأبناء بلادى أقباطا ومسلمين على حد سواء.

حماية الدولة للأقباط واجب عليها ، وتأمين الأسر وحمايتها ، فرض عليها ، وهو ما تقوم به بالفعل ، ليس فقط تجاه الأقباط وإنما تجاه المواطنين بشكل عام ، وعليه لا ينبغى أبدا تصوير الأزمة على أنها تخص الأقباط دون أشقائهم المسلمين أو غيرهم.

أزمة الأخوة الأقباط فى سيناء إذن تكشف مدى المخاطر التى تتعرض لها بلادى مصر ، وتكشف أيضا مدى الحاجة ، إلى تفهم أكثر للظروف التى يتعرض لها الوطن بعيدا عن تصنيفات أقباط ومسلمين، وهى التى يروج لها الإرهاب وقوى الشر، حتى يحدث الوقيعة بين الشعب وبعضه ، ويشق الصف الوطنى ويحرق النسيج القوى، وهى الأهداف التى تسعى إلى تحقيقها قوى الشر ، التى لن تتمكن من النيل من وحدة النسيج الوطنى، فأبناء بلادى ، أقباطا ومسلمين ، على قلب رجل واحد ضد كل ما يهدد أمن وسلامة بلادنا مصر.