الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصريات رائدات في بلاد المهجر


لأن أبناء بلادي مصر آمنوا بوطنهم الأم، فإنهم يتركون بصماتهم ونجاحاتهم فى كل مكان تدوسه أقدامهم، وفى كل محفل علمى يساهمون فيه بإنجازاتهم، سواء فى الداخل المصرى أو حتى فى الخارج، وفى بلاد المهجر.

ولأن المصرية فى دمائهم، فإنهم دائما ما ينسبون الفضل إلى بلدهم مصر، والنماذج لهذا العطاء عديدة، وليست قاصرة فقط على الرجال، وإنما هناك نماذج مشرفة لمصريات عديدات فى بلاد المهجر، تتردد أسماؤهن فى المحافل الدولية، بعد أن ساهمن بفكرهن وقدراتهن الخاصة فى إثراء البحث العلمى فى دول، قدرته وأعطته من خططتها وأموالها، ما لم تعطه بلادى مصر له، فكان الإنجاز العلمى بعقول مصرية، والتقدم الغربى بفضل الأفكار والسواعد المصرية.

ونسوق هنا نموذجا للعطاء الوطنى فى بلاد الغربة، والقدرة على تحقيق النجاح والتقدم العلمى رغم صعوبات الغربة ومشاكلها.

النموذج تجسد فى شخصية د.رقية محسن والتى استطاعت بعلمها وحبها لوطنها أن ترفع اسم مصر عاليا فى سماء العلم فى ألمانيا حيث استقرت هناك وحصلت على الجنسية الألمانية، وكانت محطتها التى وصلت إليها بعد انطلاقها من الإسكندرية.

ففى ألمانيا وتحديدا فى ميونخ وفى جامعة دارمشتات نفذت مشروعا علميا يخدم المكفوفين ويساعدهم على استخدام الكمبيوتر، بجانب قدراتها الأدبية التى وصلت إلى حد تأليف كتاب بعنوان "إبداعات فى بلاد المهجر" لخصت فيه تجربتها فى الغربة التى امتدت الى 18 عاما أنجزت خلالها الكثير، وتقلدت مناصب عدة، منها الإشراف على طلبة الدراسات العليا فى ألمانيا.

وبجانب مشروع تطوير شاشة كمبيوترية للمكفوفين عام 2015، لديها عدة براءات اختراع محليا ودوليا، فقد كانت د. رقية ضمن ثلاثة شكلوا فريقا من ثلاثة باحثين فى مدينة دارمشتادت فاز بجائزة المستقبل العلمية الألمانية عام 2003 على اختراعهم شاشة مسطحة تعمل بتقنية السائل الكريستالى وهو الاختراع الذى جعل شاشات التليفزيون والكمبيوتر أكثر إضاءة وأوضح من الشاشات السابقة مما ساهم فى صناعة شاشات تليفزيون عملاقة.

كما حصلت على براءة اختراع لتطوير شاشات العرض الخاصة بتقديم العروض التوضيحية فى محاضرات الطلاب فى جامعة دارمشتات الألمانية فى ميونخ، كما ساهمت فى تطوير جهاز ليزر يستطيع قراءة بصمات 4 أصابع فى نفس الوقت، وفى عام 2008 قررت إدارة الشرطة الاتحادية الألمانية وسلطات الهجرة استخدام هذا الجهاز على جميع الحدود الخارجية للتعرف بشكل سريع على بصمات الأصابع.

أهلت القدرة البحثية لها لحصولها على جائزة من الحكومة السويسرية عام 2013 على اختراع ومشاريع بحثية لتطوير نماذج منتجات فى مجالات الحوسبة السحابية والمحتوى الإلكتروني وأمن نظم المعلومات.

ورغم كل هذا التقدم الذى أحرزته د.رقية فى مجال البحث العلمى لم تنسلخ عن وطنها، ولم تهجر لغته، فقد حافظت عليها وعلمتها لنجلها، الذى يحفظ الكثير من القرآن الكريم.

نموذج د.رقية نموذج مشرف للمرأة المصرية، ورسالة أمل واعتزاز وتقدير للمرأة المصرية، وقدرتها على العطاء باسم مصر، وفى ذات الوقت رسالة لأصحاب القرار فى بلادى مصر، بأن البحث العلمى لم يأخذ حقه، لا من حيث التمويل، ولا من حيث الخطط الاستراتيجية، ولا من حيث توفير البيئة المناسبة للباحثين لتقديم إبداعاتهم، وتحويل قدراتهم العلمية والبحثية إلى مخترعات ملموسة، يستفيد منها المجتمع والدولة.

فالعقول المصرية لا تفوقها عقول، والانتماء الوطنى لا يفوقه انتماء لدى أبناء وبنات بلادى، ولكن الشيء الذى فاق الجميع فى بلادى مصر هو هجرة البحث العلمى، الذى يمثل قاطرة التقدم لأى مجتمع.

يجب على الدولة الاستفادة من تلك العقول المصرية التى ميزها الله بالقدرة على العطاء، وعليها أن تستثمر تلك العقول، وتستفيد من خبراتها وإنجازاتها، بدلا من استفادة الغير بها.

نحن لا نختلف عن أوروبا، ولدينا الإمكانات البشرية، التى تجعل من مصر دولة علمية رائدة، لكن تنقصنا الإرادة والتخطيط السليم.

تحية من الوطن نبعث بها إلى د.رقية المصرية التى شرفت ولا زالت تشرف مصر فى ألمانيا، وتحية لكل النماذج المصرية التى رفعت اسم مصر عاليا فى بلاد المهجر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط