الحرب السرية

ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال خشية التعرض للمحاكمة بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، إلا أنني لم أملك السيطرة على شهوة الكتابة، عزيزي المواطن أقدر تماما انشغالك بالكنافة والقطايف ومتابعة المسلسلات ومقالب الأخ رامز وكم الشتائم في برنامجه، لكني مضطر إبلاغك ان بلدك وجيشك حاليا يخوضان حربا حقيقية.. تخيل ؟ وأن هناك طلعات جوية تدك معاقل ميليشيات الاٍرهاب الممولة دوليا! تخيل حجم التكلفة! تخيل ان ميزانية الجيش تتحمل التكلفة دون المساس بموازنة الدولة! ..
تخيل لو ان هذه الضربات لم تتم فإن هذه الميليشيات كان يمكن لها ان تتقدم على أبواب حدودك الغربية حيث تهدد مصيفك السنوي في مطروح، وقد يمتد التهديد الى الساحل الشمالي .. وما أدراك ما هو الساحل بالنسبة لك.. فيزعجك ويمنع استجمامك المنشود ، تخيل بلدك تخوض حربا حقيقية، وعلى ثغور حدودها الغربية يرابط المقاتلون الصائمون لا يملكون إفطارا إلا وجباتهم الجافة المنصرفة من ميزانية القوات المسلحة أيضا..
وأنت متابع لكافة انواع الكنافة بالقشطة والنوتيلا والشيري والمانجة . عزيزي القارئ تحملني قليلا اقدر صدمتك، لكني سأفاجئك بسر جديد ، هل تعلم ان جيشك أدرك هذه الخطورة مبكرا فزود سلاحه الجوي بطائرات الرافال الضخمة القادره على قطع المسافات الشاسعة لتنفذ ضرباتها الجوية وتعود لقواعدها سالمة الي ارض الوطن ، تذكر وقتها حينما انطلقت فلول الاخوان الالكترونيه لتسخر من صفقة الرافال وتروج ان مصر لم تكن بحاجة لهذا النوع الذي كلّف ملايين الدولارات، تخيل .
سيدي القارئ اذا كنت قد اعتقدت ان كاتب السطور يمارس الهزل في موضع الجد ، فإليك الجد في موضع الجد، صحيح ان وطنك محمي بجيشك وهو الذي نجح في ازاحة حكم العصابة الاخوانيه بعدما انحاز الي رغبة شعبية تاريخية في 30 يونيو ، الا ان طوقا اخوانيا لايزال مفروضا على بلدك حيث ميليشيات الاخوان منتشرة غربا على الاراضي الليبية، وجناحا مسلحا متربصا بالشرق. أقدر تماما حجم صدمتك بعدما تورط كاتب المقال في كشف الحرب السرية التي يخوضها الجيش المصري ، أقدر تماما حجم الضغوط الواقعة عليك سيدي القارئ في ظل الارتفاع المتزايد لاسعار الكعك التي ستواجهك مع قرب نهاية الشهر الكريم وأنا أزعجك بهذه المعلومات التي من الممكن ان تنغص عليك حياتك الان .
لن أنهي مقالي قبل ان أفشي آخر أسراري، تماسك وتحمل الصدمة ، لا يمكن ان تكون هناك حرب سرية فأزيز الطائرات نسمعه في البيوت ومشاهد عودة المقاتلات تملأ الشاشات ، والبيانات العسكرية مليئة بالتفصيلات ، انما هناك حالة تجاهل متعمدة مصحوبة بفقدان الوعي والإدراك الإرادي ، بل واستمتاع بحالة عدم الاكتراث ، هل تعلم لماذا؟ لان الإدراك يرتب المسئوليات ، لأن الوعي يفرض المواجهة، لان الإحساس يعلي التضحية، لان الفهم يولد الإيثار ، لكن حالة الغيبوبة الجماعية لا تنتج الا استمتاعا بالوهم.