أيمن سيف يكتب: السلفيون الجدد و طمس مصر

يخطيء من يظن أن الحركة السلفية الجديدة أو الوهابية التي ضربت جذورها النفطية في مصر هي مجرد دعوة للتدين والزهد في الحياة والبعد عن الشهوات والمحظورات أو أنها من النهاية دعوة لدخول الجنة حسب شعار بعض قنواتهم الفضائية التي أدخلتهم بالفعل جنة الدنيا .
ولا أظن أنها ستدخلهم جنة الآخر ة بالتبعية لأنه ببساطة كما أن الله لا يجمع علي الإنسان عقوبتين علي نفس الذنب وهو ديدن العدل الإلهي فإن الله كذلك لا يدخل الإنسان جنتين حسيتين واحدة في الدنيا والأخري في الآخرة خاصة إذا ما كانت جنة الدنيا التي دخلها قد دفع مهرا" لها من كرامته وصدقه ومروءته وقلة إنحيازه للحق والحقيقة و تنكبه عن قول كلمة حق عند سلطان جائر واستمتاعه برؤية الفتن والإنشقاقات تضرب جنبات مجتمعه يمينا" ويسارا" شرقا" وغربا" .
وهو قد أسهم فيها بكل معاول الهدم التي مكنه منها داعموه من شيوخ وأمراءالنفط أباطرة العهر والمجون حاملي المسابح الطويلة ومقبلي الأنوف واللحي ومبخريها ذوي الوجوه الصفراء والإبتسامات الصفراء والقلوب الصفراء وكئوس العهر التي تحمل أيضا" كل ما إصفر لتذهب بعقولهم وقلوبهم بعيدا" بعيدا" عن أنات المحرومين وصرخات الثكالي والمكلومين .
إننا نتعرض حاليا" بالفعل لأكبر مذابح العقل والفكر الإنساني التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا" والتي تمارس القتل الرحيم للأنفس والعقول بأيدي ملفوفة بصحائف كتب عليها آيات القرآن وأحاديث الرسول الأعظم والكثير الكثير من العنعنات والتفيقهات التي استغلها شيوخ الوهابية في التدليل علي سعة العلم الغزير وحفظ المتون الوافر لديهم في وضع السم في العسل لكل من يتجرع نهجهم الممعن في إيقاع الفتن وجلب المصائب علي مجتمعات كانت آمنة مطمئنة قبل أن يقفزوا علي صدارة المشهد فيها ليزيدوا فرقتها وتشتتها ويقطعوا أرحامها بحجة درأ الفتن التي هم أساسها وهم من جلبوها معهم من آبار النفط التي يدورون حولها بدلا"من الكعبة فلو أنهم داروا بصدق وتجرد حول الكعبة كما يفعل البسطاء لعلموا أن الله الواحد محاسبهم علي ما يفعلون بأمتهم وبالبسطاء من الباحثين عن طوق نجاة في بحارمتلاطمة وخطوب مدلهمة.
ولما إستبدلوا متاعا" دنيويا" زائفا" وزائلا" طالما حذرونا منه وهم ينهلون منه صباحا" ومساءا" بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .
من أي آبار فتنة ملوثة متعفنة أتوا هؤلاء ليتصدروا المشهد الديني في بلادنا وصولا" إلي ما بعده من مشاهد سياسية واجتماعية وإقتصادية ...لقد استولوا علي كل المشاهد تقريبا" فأصبحت تجدهم الآن في كل مكان وكل زمان وآثارهم تسبقهم إلي حيث أتيت أو رحلت .
ففي الأعياد الوطنية والقومية تجدهم يتصدرون المشهد بإدعائهم بأن لا يجب أن نحتفل إلا بالأعياد الشرعية وغيرها ممحوق لا شرعية له ، وفي المصائب والملمات تجدهم يلبسون ثياب المنقذين وهم أول من أشعل الحرائق في جنبات الوطن الآمن مع مشهد من التصفيق المتواصل من السذج والمتخلفين واصحاب أنصاف العقول أو المغيبة عقولهم علي الإطلاق حيث قام الشيخ فلان كرم الله وجهه الكريم بوأد الفتنة الطالة برأسها في المكان الفلاني وأحل مكانها الأمن والسلام والسكينة بعد زيارته الميمونة وخطبته العصماء التي أغرقها بالكثير من العنعنات والقليل من الحكمة والإدراك.
وفي جنازات رجال الأعمال النصابين والنهابين يتصدرون أيضا" كتيبة المعزين المنهارين علي فقد الأحبة من أصحاب المليارات التي طالما أغدقوا بها عليهم وعلي ذويهم وأصحاب الحظوة من رفقائهم ...فما هذا السفه الذي نحيا فيه صباح مساء وكل يوم يكتسب هؤلاء المنافقون أرضا" جديدة مخصومة من أصحاب الفكر الناضج الراجح لحساب الغلو والتطرف والإمعان في التدليس والتطبيل لكل صاحب سلطة ونفوذ وجاه وسلطان أيا" كان دينه أو مذهبه طالما أظهر لهم عطاياه وذهبه .
نحن في مرحلة غسيل مخ بشري لم يشهد لها التاريخ مثيلا" من قبل ...غزوا" بربريا" لعقولنا وأفهامنا حتي أرواحنا بلا ضجيج سوي فحيح كأصوات الأفاعي تبث سمومها عبر الفضائيات وفي الجلسات الخاصة المسماة زورا" وبهتانا جلسات طلب العلم الشرعي فأي علم شرعي يحث علي الفتن وتفريق الإخوة والأخوات وزوجات الأخوة عن الإخوة بحجة تغطية الوجة وقطع أواصل الرحم حتي أصبح الأخ لا يدخل بيت أخوه ولا يسمح له بدخول بيته وتم عزل نصف المجتمع وهي المرأة عن ممارسة نشاطها المجتمعي والإنساني في إشاعة الرحمة والمحبة والألفة بين الأسر بنفس الحجة .
وأصبح السواد يغطي كل شيء بدءا" من تلك العقول المريضة وحتي الضمائر الميتة في مواجهة الظلم وإنتهاءا" بملابس الحداد الأبدية التي غلفوا بها مجتمع جبل علي الفكاهة والمرح البريء، بينما إذا قورن بالمجتمعات المتلحفة بالسواد قبل زمن كان أقلها شيوعا" للفاحشة والشذوذ والعهر والمجون ، بالرغم من كل ما روج عنه بفعل أموال النفط الملقاة دائما" تحت أرجل الراقصين والراقصات من جانب وشيوخ الفتنة في آن من جانب آخر وهذا ما يدعو للعجب والإستغراب .
إننا نحتاج بالفعل إلي وقفة جادة مع أنفسنا ومع أهلينا المنكوبين بهذا التخلف الفكري والحضاري المتدثر بعباءة الدين والدين الحقيقي والله منهم بريء بل هو نزل لأهداف أسمي بكثير من تتبع هؤلاء المشايخ لعوراتنا أكثر من تتبعهم لأفهامنا وعقولنا واهتمامهم القاهر بكل ما هو تحت السرة عما فوقها بشكل يدعو للإستغراب والدهشة فهل هذا هو الدين من خلال أفهامهم المريضة المشوهة والذي ينحصر فقط في مطاردة الشهوات و الجنس دون مخاطبة الأفهام والعقول والسمو بها وبما تعتنقه من أفكار ... اللهم إرحم أمتنا وبلادنا من دعاة الفتن ما ظهر منها وما بطن وأرحنا منهم ومن شذوذ فكرهم وضيق أفقهم وكثرة أتباعهم المغرورين بمنطق حديثهم المغلف بقشرة دين تخفي تحتها سما" زعافا" وقتلا" وتشريدا" واستباحة لحرمات الآمنين ....اللهم آمين
أيمن سيف