الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عفوا .. الصحف الحزبية ليست مشاريع خاصة !!


بعض الجهات ، فى بلادى مصر ، تتعامل مع الصحف الحزبية على أنها مشاريع خاصة ، وتنظر، بل وتتعامل، مع الصحفيين بها ، على أنهم مجرد أجراء استقدمتهم مجالس تحرير وإدارات تلك الصحف ، للعمل مقابل عقود تبرمها مجالس الإدارات معهم ، ومن ثم تبلورت العلاقة بين الصحفيين ومجالس الإدارات ، برأى تلك الجهات، إلى مجرد عقود عمل ، تخضع لشروط الموقعين عليها ، بما فيها إمكانية الاستغناء عن الصحفيين وتشريدهم ، وذلك أخذا فى الاعتبار عوامل الربح والخسارة ، وكذلك النظر إلى الأحزاب على أنها هيئات اقتصادية ، لا سلطان لأى جهة عليها.

وبدت تلك الاعتبارات محل إيمان من جانب جهات عديدة ، منها أجهزة رسمية بالدولة ، وكذلك نقابة الصحفيين ، حتى تحول ذلك الإيمان إلى ممارسات فعلية من جانب بعض الأحزاب ، التى دبت فيها الانشقاقات والانقسامات بعد أن تحولت من مرحلة الزعامة إلى مرحلة الرئاسة ، حتى انتقلت أزمة الصراع على رئاسة الحزب ، وهى أزمة أغلب الأحزاب ، إلى الصحفيين الذين تم تشريدهم تحت مبررات عدم الكفاية المالية للأحزاب ، ومن ثم إغلاق الصحيفة الناطقة بلسان حال الحزب.

وفى ذلك أنموذج وهو "حزب الأحرار الاشتراكيين" الذى كانت تمثل صحيفته "الأحرار" أولى الصحف المعارضة، بعد التجربة الحزبية الجديدة التى أقرها الرئيس الراحل أنور السادات فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى ، حتى أنها فى بداية انطلاقها عام 1977 وتحديدا فى 15 نوفمبر، ضمت كبار الصحفيين المصريين، وترأس تحريرها الراحل د.صلاح قبضايا ، عميد المراسلين الحربيين ، حتى تحولت مع الفترة الثانية له فى رئاسة التحرير والتى بدأت عام 1998 إلى مدرسة صحفية كبرى، انتهى بها الحال فى الوقت الراهن إلى تشريد الصحفيين والعمال والإداريين بها.

ومع تفاقم الأزمة رفعت بعض الوزارات ، وفى مقدمتها التضامن الاجتماعى، يدها عن الصحفيين ، وتعاملت معهم على أنهم أصحاب مشكلة تعثر صحيفتهم وعدم التمكن من صدورها ، وتوقفت بتأمينات الصحفيين عند عام 2012 ليضيع مستقبل الصحفيين وأسرهم ، وأراملهم خاصة بعد أن توفى عدد منهم دون تسوية ملفاتهم التأمينية.

ومن الجهات أيضا نقابة الصحفيين ، رغم أنها تمثل المظلة الشرعية لكل أعضائها ، إلا أنها وعبر مجالس متعاقبة فشلت فى حل الأزمة ، لتبقى الحلول المطروحة غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

والحقيقة أن هذا التعامل ،سواء من جانب وزارات بالدولة، أو حتى نقابة الصحفيين، يعد خطأ كبيرا ومنافيا للدستور والقانون ، فحقوق الصحفيين بما فيها التأمين ضد مخاطر البطالة والتوقف عن العمل ، حددها قانون النقابة ، كما حددها الدستور باعتبارهم مواطنين لهم حق العيش الكريم.

ومن الخطأ أن يتم التعامل مع الصحف الحزبية على أنها مشاريع خاصة ، وفى ذلك أركز على أوضاع الصحفيين ، فهم ليسوا أجراء ، ولا يجب أن تصمت الدولة والنقابة على التعامل معهم على أنهم من عوامل الانتاج فى المشروعات الخاصة ، ويتم التعامل معهم بمنطق الربح والخسارة ، وفى ذلك تجاهل واضح لطبيعة دور الصحفيين الحقيقى ، وهو بث المعرفة فى المجتمع وتنويره ، وتبصير الرأى العام بمجريات الأمور، وهو دور يبعدهم بحكم مهنتهم عن فكرة التعامل معهم على أنهم أدوات سياسية لتحقيق الأجندات السياسية للأحزاب ، أو أدوات اقتصادية يتم التعامل معها على أساس المكاسب المادية.

وعندى أن أزمة تعطل الصحفيين وبطالتهم ، لا تشكل خطرا على من يعانون منها من الصحفيين فقط ، وإنما على الدولة ذاتها ، وبالتالى فان الحديث عن بطالة الصحفيين وضرورة حلها يعنى – عندى – الحديث عن أزمة أمن قومى ينبغى حلها ، خاصة فى ظل حالة الاستقطاب الشديد التى يتعرض لها الصحفيون ، والتى تدعمها عمليات إغراء مادى من جانب أعداء الدولة.

الصحف الحزبية اذن ليست مشاريع خاصة ، ولا ينبغى التعامل مع صحفييها بذات المنطق الذى يتم التعامل معهم به منذ أكثر من 9 سنوات ، هى عمر حالة البطالة التى يعانى منها أغلب الصحفيين بالصحف الحزبية.

وعندى أن التفريط فى حل مشاكل الصحفيين بشكل عام ، وبالصحف الحزبية بشكل خاص يعنى تفريطا فى الأمن القومى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط