الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شئون الأحزاب.. وأزمة الصحفيين


الربط بين الأحزاب السياسية ومهنة الصحافة، يبدو للبعض أمرا غريبا، على اعتبار أنه لا توجد علاقة تجانس بين السياسة والصحافة.

فالسياسة معروفة بآلياتها وألاعيبها وأكاذيبها، وعدم وجود مبادئ، عكس الصحافة التى هى بالأساس مهنة سامية راقية تقوم على مبادئ الأخلاق.

غير أن هناك ربطا لا يمكن لأحد أن ينكره بين الأحزاب والصحفيين، خاصة فى التجربة الحزبية الجديدة، التى استحدثها الرئيس الراحل أنور السادات فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى، حينما حول المنابر السياسية إلى أحزاب سياسية، وظهرت قوانين الأحزاب، التى مكنت فى النهاية كل حزب من إصدار صحيفة ناطقة بلسانه ومعبرة عن حالته السياسية.

هنا بدأت علاقة الربط بين الأحزاب السياسية والصحافة، حيث استعانت الأحزاب بصحفيين لإدارة صحفها والعمل بها، لتبصير الرأى العام بخطط الحزب ودوره فى الحياة السياسية عموما.

وقد حاولت بعض الأحزاب أن تتعامل مع الصحفيين على أنهم أعضاء بالحزب، ومن ثم أجبرت بعضها على كتابة الأخبار ونشر التقارير التى تعبر عن وجهة نظر الحزب والتحيز لها، حتى وإن تطلب الأمر خروجا على الأعراف والمواثيق المهنية، ومارسوا ضغوطا فى هذا الاتجاه خضع بعض الصحفيين لها، فى حين رفضها البعض الآخر.

لا نريد أن نسهب فى حديث العلاقة بين السياسة والصحافة، ولكن ما أردت الوصول إليه هو أن الأحزاب السياسية، فى ثوبها الحالى، أصبحت تتحكم فى مصير الصحفيين ومستقبلهم، بل ومستقبل أسرهم، بعد أن تعاملت الجهات المعنية بشئون الصحافة، سواء كانت أجهزة دولة رسمية، أو حتى نقابة الصحفيين، على أنهم يخضعون لسياسات الأحزاب وتوجهاتها، وأن مصيرهم وحياتهم مرهونة بما تراه رئاسة الحزب، الذى هو ووفقا للقانون صاحب تعيين رئيس تحرير الصحيفة وصحفييها أيضا.

المشكلة التى يتعرض لها الصحفيون الآن هى دخولهم تحت رحمة الأحزاب، التى يعانى أغلبها انشقاقات وانقسامات وصلت إلى حد الصراعات على الرئاسة.

فى ذلك نموذجا وهو حزب "الأحرار الاشتراكيين" الذى يعانى صراعا على رئاسته بعد وفاة الزعيم المؤسس له مصطفى كامل مراد عام 1998، وحتى الآن لم يتم حسم الصراع عليه.

النتيجة التى انعكست على الصحفيين الذين أسسوا صحيفته وعملوا فيها لعقود من الزمن، تمثلت فى تشريدهم والمتاجرة بهم وبمسقبلهم، بعد أن تحول الصراع على رئاسته، إلى صراع مماثل على رئاسة تحرير الصحيفة، حتى انتهى الأمر إلى تعطيل مصالح الصحفيين، ووقف صرف مرتباتهم، بل وتأميناتهم عند عام 2012، ليدفع الصحفيون فى النهاية ضريبة الصراعات السياسية.

هنا يأتى دور لجنة شئون الأحزاب والتى هى بالأساس معنية بقضايا حسم الخلافات على رئاسة الأحزاب السياسية، والتى تساهم بدورها فى تسهيل المهمة على محكمة الأحزاب صاحبة الكلمة النهائية فى حسم الخلاف على رئاسة أى حزب.

هذه اللجنة لم تتخذ قرارات حتى الآن بشأن حزب الأحرار الاشتراكيين واكتفت بإيضاح أن الحزب محل نزاع على الرئاسة، وعلى المتنازعين الحسم فيما بينهم إما قضاء أو رضاء.

صحيح أنه موقف قانونى سليم من جانب اللجنة، غير أن هناك قرارات يتم اتخاذها وفقا للملاءمات السياسية، خاصة إذا كانت القضية تتعلق بمصير صحفيين، ومستقبل أسرهم، كما هو الحال فى أزمة صحفيى جريدة "الأحرار" .

ومن المؤكد أن لدى لجنة شئون الأحزاب مخرجا لتلك الأزمة، التى يجب أن تنتهى حرصا على مصلحة الصحفيين، الذين هم بالأساس مواطنون لهم حقوق دستورية يأتى فى المقدمة منها حق العيش الكريم.

وقد كانت هناك سابقة إبان حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك حينما قامت لجنة شئون الأحزاب بالاعتداد بشخص الراحل حلمى سالم قائما بأعمال رئيس الحزب، والذى على أثره قام الراحل وأستاذ الأجيال د.صلاح قبضايا رئيس تحرير الأحرار آنذاك بفصل الصحفيين عن الحزب وصراعاته، وهو ما نجح فيه بمعاونة أجهزة الدولة، وهو ما أطالب على المستوى الشخصى بتكراره حفاظا على مصالح الصحفيين، وحماية لهم من مخاطر الاستقطاب والعمل ضد مصلحة الدولة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط