الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إدارة الأزمات.. بإنكار الذات


مبدأ انتظار وقوع الكارثة لمنع تكرارها، يمثل فكرا عقيما فى إدارة الأزمات، ومنهجا سلبيا فى مواد الإصلاح، كما أن الإلقاء بالمسئولية على الغير، وعدم الشجاعة على الاعتراف بالخطأ، كلها أساليب لا تسمن ولا تغنى من فائدة، وتعطى إشارة على أن نظام الإدارة فى بلادى مصر، ما زال بعيدا عن التفكير العلمى السليم.

فمع كل كارثة يتعرض لها أبناء بلادى، وتكون ناجمة عن سوء الإدارة، فى قطاعات الحكومة، وتحديدا الخدمية، تتكرر عبارات كثيرة، من جانب المسئولين، سواء كانوا حاليين أو سابقين، بأن الأزمة قديمة ومتجذرة، وأنه سبقت الكارثة مطالبات عديدة بالإصلاح ولكن دون جدوى، وعبارات كثيرة هدفها تبرير الكوارث وتبرئة المسئولين عنها، ومحاولة لإظهار بطولات زائفة لمسئولين، لا يعون أبعاد خطورة مواقعهم التنفيذية.

نقول ذلك بمناسبة الكارثة الأخيرة التى تعرض لها المواطنون والوطن، بسبب حادث تصادم قطارى الإسكندرية، وما تبعه من أحداث تؤكد أن إدارة الأزمات فى بلادنا، قائمة على ما يشبه "ضرب الودع" و"قراءة الفنجان"، وبعيدة كل البعد عن الأساليب العلمية التى تتبعها الدول المتقدمة.

والمتبع عندنا، أن يتم استهلاك كل شيء، من آلات ومعدات، حتى تنتهى صلاحيتها، وبعد انتهاء صلاحيتها أيضا، فى وقت تفرض فيه الإدارة الرشيدة على كل قطاعات الدولة، اتباع أساليب منها الصيانة الدورية، والإحلال والتجديد، والتخلص من كل ما انتهى عمره الافتراضى، حتى ولو كان يتمتع بصيانة دورية، وهذا المفهوم لابد أن يمتد ليشمل الإنشاءات والآلات والمعدات وكل ما ينطبق عليه مبدأ الاستهلاك، والإهلاك.

لكن الواقع المرير أثبت أن كل تلك المفاهيم غائبة عن نظام الإدارة، فيظل استخدام الآلات والمعدات والمنشآت، إلى أجل غير مسمى، فى وقت انعدمت فيه الصيانة الدورية، فكانت النتيجة مزيدا من الخسائر للعباد والبلاد.

إدارة الأزمات فى بلادى مصر فى حاجة إلى أساليب علمية، وفى حاجة إلى إنكار الذات، وعدم الحديث عن بطولات نظرية، وتأكيد ضرورة المسئولية القانونية والمجتمعية حال التسبب فى كوارث، فكل مسئول عليه واجبات، يجب محاسبته عند التقصير فى أدائها.

فلم نسمع فى أى دولة تعتبر لشعبها وتقدره، أن وزيرا أو مسئولا كان السبب وراء كارثة، وظل فى مكانه التنفيذى، ولم يقدم لمحاكمة عادلة، فكل مسئول هناك تتم محاسبته، فضلا عن أنه الذى يحاسب نفسه، قبل الجميع.

ونرى أن فكرة إقالة المسئول أمر واجب، طالما وقعت الكارثة فى نطاق مسئوليته، فهى نوع من احترام المواطنين وتقديرا لمشاعرهم، طالما أنه لا يوجد مسئول لديه الإحساس الإنسانى والوظيفى فى تقديم استقالته، وبما أننا لا نعرف الاستقالة، ينبغى أن نفعل آلية الإقالة، حتى ولو تمت بشكل أسبوعى، طالما المسئول لا يقدر المهام الموكولة إليه، والمسئولية التى يتحملها، فهو حينما يتولى موقع فإنه يدير بشرا وليس حجرا، ويشارك فى إدارة دولة، وليست عزبة خاصة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط