الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

استفتاء كردستان بين الفشل والتعميم بالمنطقة العربية


انتهي استفتاء كردستان العراق الذي أجري في الخامس والعشرين من الشهر الجاري لتظهر نتائجه سريعا من خلال المواقف الإقليمية والدولية، خاصة في ظل عدم رضاء الغالبية منهم علي استفتاء يثير حوله العديد من علامات الاستفهام خاصة في توقيته والتي فيما يبدوا بأنه استفتاء يفوح منه رائحة الصهيونية التي لاقت هذه المرة مواجهات عنيفة كشفت عن مخطط أمريكي مما يعرض دولة كردستان الوليدة للخطر.

أكثر من 5 ملايين مقترع شاركوا في الاستفتاء الذي جري في محافظات " أربيل – السليمانية ودهوك " حيث فاقت نسبة التصويت أكثر من 70% ورغم ان الاستفتاء واجه رفضا محليا وإقليميا خاصة من دول الجوار التي ستتأثر تأثيرا مباشرا ويتعرض أمنها القومي للخطر وأقصد هنا تركيا وإيران والعراق التي ينتشر الأكراد علي أراضيها.

تركيا لوحت بإجهاض الوليد الذي لم ير النور حتي الآن، وربما يصل الأمر إلي تدخل عسكري مباشر خاصة بعد المناورات التي جرت بين الجيشين التركي والعراقي علي مسافة ثلاثة كيلو مترات فقط من مقرات الاستفتاء.

وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان علانية بالتدخل العسكري وقطع صنبور النفط، واصفا الاستفتاء بأنه أحلام جوفاء، أما إيران الجارة الشرقية للعراق كانت أكثر حزما من الجارة الشمالية حيث أغلقت حدودها البرية مع كردستان ردا علي الاستفتاء.

فالدولة الكردية التي أعلنت الاستفتاء ينتظرها عراقيل وعواقب وخيمة قد تصل إلي إجهاد خروج هذا المولود إلي النور وإجهاض حلم الأكراد في إنشاء دولتهم يرفع فيها علم يحمل في وسطه شمس.

لكن دعنا نتفق علي أن إجراء مثل هذا الاستفتاء ونجاحه بهذا الشكل يحمل عواقب في منتهي الخطورة علي المنطقة العربية كلها والعراق ومنطقة الخليج، خاصة وأن الأكراد في العراق يتمتعون بالحكم الذاتي منذ عام1990م وبالتالي فإن إجراء هذا الاستفتاء يحمل بين طياته العديد من التساؤلات المشروعة وأن إصرارهم علي استكمال الاستفتاء بهذا الشكل يفتح الباب أمام الأقليات بهذه المنطقة للمطالبة باتخاذ خطوات مماثلة خاصة و أن العراق منطقة مليئة بالأقليات بجانب الصراع بين السنة والشيعة،

ولا استبعد أبدا أن يطالب السنة بنفس الخطوات في المستقبل القريب بجانب الطوائف العلوية الموجودة في سوريا ليست قليلة والطوائف الدرزية الموجودة في لبنان وفلسطين المحتلة وأنماط من الطوائف والأقليات التي تستهويهم مثل هذه الخطوات حتي ولو لم تعلن عنها، ولكن ربما يمتد الأمر إلي سوريا ولبنان وباقي دول المنطقة وأن الفائز الأكبر في هذه الحالة هو الكيان الصهيوني الذي يسعي بكل قوة إلي تقسيم المقسم وتجزيئي المجزأ.

كما أن نجاح الاستفتاء وتنظيمه بهذا الشكل قد يتحول إلي سرطان يمتد بالمنطقة كلها، ويصبح الحلم الذي دعت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كوندليزا رايس في نهاية الألفية الماضية يتحقق علي أرض الواقع ويصبح حقيقة واقعية تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية التي تشرف علي تدريب القوات الكردية وتجهيزها لمثل هذه الظروف خاصة في ظل ظهور أدوار قسمت ووزعت بطريقة ذكية لتنفيذ مشروع يستهدف العراق وسوريا والجانب التركي وان أمريكا تهدف في المقام الأول إلي خدمة الكيان الصهيوني ويساهم في توغل السرطان العبري في هذه المنطقة وتسعي إلي إحياء خط البترول الرابط بين كركوك والموصل مرورا بسوريا وصولا إلى حوض البحر الأبيض المتوسط لرسم خرائط جديدة للطاقة تخدم الكيان الصهيوني.

بجانب ان أمريكا لن تسمح بإفساد مخططها للمرة الثانية بعد فشلها في تقسيم المنطقة وبعد أن نجحت المخابرات الأمريكية في زرع تنظيم داعش بالمنطقة لتغيير الحكم في كل من العراق وسوريا وفصل منطقة كردستان الغنية بالطاقة ، كما إنني أتوقع أن تبدأ أمريكا تنفيذ مخطط جديد يقضي بتقسيم المزيد من الدول العربية في منطقة الخليج وزرع عملاء جدد لها لتنفيذ هذا المخطط.

وبالطبع تأتي مصر الدولة الكبرى أو الجائزة الكبرى علي رأس القائمة الأمريكية في وضع مخطط خاص بها لتنفيذ تقسيم دائم ومستمر لكنه يفشل أيضا باستمرار لأن الوضع يختلف في مصر عن منطقة الاستفتاء الكردستاني وأن التاريخ اثبت بأن مصر دولة غير قابلة للتقسيم أو التغيير لأنها تتميز بالتعددية الثقافية وأن سيدنا موسي ولد علي أرضها وأن العائلة المقدسة مرت بمصر والإسلام دخل فيها فأكرم وانتشر منها الي ربوع الأرض وأن الثقافة المصرية تستوعب كل الثقافات ولكنها لن ولم تتأثر بها لأن الدولة المصرية وجه ثقافي مشرق لكل الحضارات والثقافات ولا يوجد قبلية وان شعار المصريين هو أن تسقط القبلية وتحيا الوطنية وأن شعار مصر للجميع وليست لفصيل أو جماعة ولنا عبرة في كشف الشعب المصري سريعا لجماعة إرهابية كانت تسعي للحكم نصف قرن من الزمان كما قال مرشد جماعتهم وبالتالي فإن تجربة أكراد العراق غير قابلة للتكرار في مصر.

في النهاية يجب أن نعترف أن فشل الأكراد في إنشاء دولتهم كشف العديد أيضا من الإيجابيات التي حدثت رغم قتامه المشهد، منها علي سبيل المثل اتحاد أعداء الأمس علي قلب رجل واحد واقصد هنا إيران وتركيا والعراق حيث أنهم كانوا أعداء حتي وقت قريب وجمعهم استفتاء كردستان، وأن توافقهم علي محاصرة الدولة الوليدة التي لم تر النور حتي الآن وإغلاق المعابر البرية والمجال الدولي يشبه كثيرا الموت البطيء للإقليم وإطفاء الشمس التي تضيء منتصف العلم الكردستاني.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط