«صدى البلد» يرصد آلام أهالى جزيرة «العبل»
«البرويطة والحمير» البديل الوحيد لسيارة الإسعاف لنقل المرضى
الوحدة الصحية تقرر إنشائها منذ سنوات بعد تبرع الأهالى بالأرض ولم يتم التنفيذ
انتشار الأمراض بسبب المياه الارتوازية.. ومرشح المياه متوقف منذ 2005
معاناة لا يتخيلها إلا من يعيش تفاصيلها داخل الجزيرة المعزولة عن العالم بحكم موقعها الجغرافى، حياة صعبة بكل المقاييس بداية من وسيلة المواصلات "معدية متهالكة" التى تنقل الركاب مع الحيوانات، مرورًا بوسيلة المواصلات والتنقل، حيث لا تعرف الجزيرة من المواصلات سوى "البرويطة" و"عربات الكارو" لنقل مرضاهم أو أغراضهم، إضافة لعدم وجود وحدة صحية تنقذ مرضاهم أو حتى لإصدار تصريحات الوفاة من باب إكرام الميت دفنه، حتى مرشح المياه الذى تم إنشائه عام 2005 لم يضخ قطرة مياه واحدة للأهالى حتى الآن.
"صدى البلد" عاش تفاصيل الحياة التى تعيشها الجزيرة لمدة يوم كامل، بداية من" المعدية" المتهالكة التى رافقتنا فيها الحيوانات رصد خلالها مشاكل وآلام الأهالى الذين يأملون فى تحقيق الاحتياجات الأساسية.
مشاكل لا حصر لها يعيشها أهالى الجزيرة دون أن يسمع أو يستجيب المسئولين لصرخاتهم التي يرويها لطفى محمود محمد "تاجر" قائلًا: «الجزيرة تنقصها كل الاحتياجات الأساسية اللازمة لوجود حياة طبيعية، لكن أهم المشاكل تتلخص فى الوحدة الصحية التى تم اتخاذ قرار بشأنها على الورق فقط منذ سنوات وحصلنا على وعود من مديرية الصحة باستثناء الجزيرة من شرط العدد السكانى لظروفها الخاصة، لكن حتى الآن لا حياة لمن تنادى، وحتى الآن نعيش بدون وحدة صحية تنقذ المرضى الذين يتعرضون لأمراض طارئة، وهو ما أدى إلى وفاة الكثير من أبناء القرية لعدم الوصول بهم فى الوقت المناسب لأقرب وحدة أو مستشفى».
وأضاف «محمد»: «الفترة الأخيرة شهدت وفاة 4 حالات من أبناء الجزيرة لعدم الوصول بهم فى وقت مناسب لعدم وجود وسيلة مواصلات داخل الجزيرة سوى البرويطة أو الحمير، وبعدها معدية متهالكة للنقل من الجزيرة عبر نهر النيل إلى الناحية الغربية، والجزيرة يسكنها 5800 نسمة على مساحة 430 فدان ويعمل معظم أهلها بالزراعة».
وأشار طلعت منصور، تاجر، إلى أن الأمر لا يقف على الوحدة الصحية فقط كمشكلة أساسية، لكن هناك مرشح المياه الذى تم إنشاؤه عام 2005 لكنه لم يعمل حتى الآن، ولم يضخ قطرة مياه واحد للأهالى منذ ذلك التاريخ ما جعلنا نستخدم الطلمبات الحبشية" الارتوازية" أو استخدام مياه النيل مباشرة بكل ما فيها من ملوثات، وهو ما تسبب فى تعرض الكثير من أبناء الجزيرة لأمراض حصاوى الكلى والأملاح وغيرها من الأمراض التى تتطور بعد ذلك، رغم أن شبكة المواسير موجودة فى الجزيرة منذ 10 سنوات إلا أن المياه لم تدخلها حتى الآن.
وقال حسن مصطفى ابراهيم، عامل: «نحن ضحايا إهمال المسئولين وكأننا لسنا مواطنين لنا حقوق مثل بقية البشر، فالحياة هنا مازالت بدائية لا يدرك صعوبتها إلا من يعيشها، فمازلنا بلا وحدة صحية أو مواصلات آدمية مثل بقية البشر، وهو ما تسبب فى معاناة فى البناء، وتكلفنا أضعاف المبانى فى أى مكان آخر، فإحضار مواد البناء يمثل صعوبة شديدة لعدم وجود معدية حديثة أو وسيلة مواصلات تنقل إلى الجزيرة سوى معدية بدائية، حتى كبار السن يعانون فى الذهاب إلى مكاتب البريد لصرف المعاشات، وطلاب الثانوية العامة يعانون بشدة للوصول إلى مدارسهم فى الوقت المناسب والذهاب للدروس بعد عودتهم من المدرسة، حتى الزواج هنا يتم بعناء ومرار وأى شاب يتقدم لفتاة من خارج الجزيرة يقابل بالرفض لمعرفتهم بصعوبة الحياة فى الجزيرة ولا نستطيع أن نعيش خارجها لصعوبة ظروف المعيشة».
وأضاف هنداوى أحمد على، مزارع: «احنا مش عايشين لأن الاحتياجات الأساسية للمعيشة فى الجزيرة مش موجودة، بعد أن سقطت من حسابات المسئولين».
وأشار عبدالموجود أحمد الصغير، إمام مسجد، إلى أن المدرسة الإعدادية صدر قرار إزالة لها عام 1997 وتم إخلاء المدرسة خوفًا من سقوطها على الطلاب، وتم إلحاق الطلاب فى المدرسة الابتدائية جزيرة العبل وهو ما أدى لحالة من التكدس فى المدرسة الابتدائية وحرم الطلاب من ممارسة الأنشطة التعليمية، ومنذ ذلك التاريخ ونحن نتردد على التربية والتعليم لإعادة بناء المدرسة من جديد، لكن لا حياة لمن تنادي فتوجهنا لمحافظ قنا، ومنها لإدارة حماية النيل وكل جهة تتنصل من مسئوليتها، وبعد الانتهاء من الأوراق المطلوبة نضطر إلى إعادة كافة الإجراءات مرة أخرى أملًا فى استجابة المسئولين وبناء المدرسة من جديد وعودة الطلاب بدلًا من تكدسهم مع تلاميذ المدرسة الابتدائية.
فيما قالت المحامية هيام على الحاج، مستشار قانونى لجمعية السلام بالمراشدة: «جزيرة العبل من أكثر المناطق التى تعيش معاناة حقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معانى، فلا أحد يتصور أن منطقة معزولة عن العمران ولا تتوافر لها وسيلة مواصلات منتظمة أن تعيش بلا وحدة صحية حتى الآن أو حتى على الأقل مكتب صحة رغم وجود المكان وتوافر كافة المتطلبات اللازمة لذلك».
وأضافت: «وسيلة المواصلات التى تربط بين الجزيرة والبر الغربى معدية متهالكة تعمل بشكل غير منتظم ومعرضة للخطر فى أى وقت أما داخل الجزيرة فلا توجد سوى الحمير وعربات الكارو أو البرويطة لنقل المرضى وهو ما يعرض حياة الكثير منهم للخطر لعدم الوصول إلى المستشفى فى وقت مناسب، كما أن عدم وجود وحدة صحية يضطر الأهالى للذهاب بأبنائهم للوحدات الصحية بجزيرة الحمودى أو الوقف لإعطائهم جرعات التطعيم».
وتابع الحاج: «أما بالنسبة الأمر الثانى والذى لا يقل أهمية عن الصحة فيتمثل فى عدم وجود مدارس سوى مدرسة ابتدائية فقط يدرس فيها تلاميذ الابتدائي والإعدادى ولم تعد قادرة على استيعاب الكثافة المتزايدة للتلاميذ حتى أصبح هناك تكدس فى الفصول، والأمر الآخر يتمثل فى مرشح المياه المتوقف منذ إنشائه عام 2005 وتحول إلى هيكل فقط، فلم ينعم الأهالى بشرب مياه نقية حتى الآن وهو ما يضطرهم للاعتماد على مياه الآبار الارتوازية أو الشرب من مياه النيل مباشرة وهو ما تسبب فى إصابة الكثير منهم بأمراض متنوعة».