الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"بعضهن يلجأن للخلع مرتين".. إحصائيات: 20 % من الزوجات رفعن دعاوى خلع مرتين.. و10 % 4 مرات.. و20 ألف زوج "اتخلع" لأكثر من مرة خلال عام

 محكمة الأسرة
محكمة الأسرة

  • طالبة الحقوق "خلعت" زوجها الأول لإفشائه أسرار علاقتهما الزوجية والثانى لاستيلائه على ميراث والدها
  • ربة منزل تكتفى بإقامة الدعوى ضد زوجها" الشكاك" 3 مرات.. وتؤكد:" التالتة تابتة"
  • خبير قانونى:"لابد من إعادة النظر فى القانون ووضع ضوابط له"

"عندما تصل الحياة الزوجية إلى طريق مسدود، يبدأ الزوجان فى البحث عن صيغة لإنهاء هذة العلاقة بأقل خسائر ممكنة لكل منهما، وفى حالة تعنت أحد الأطراف يضطر المتضرر لللجوء إلى القانون ومحاكم الأسرة، ومما لا شك فيه أن قانون الخلع رحم كثير من السيدات من بطش وابتزاز بعض الأزواج لهن مقابل الطلاق، لكن رغم ذلك هناك بعض الزوجات يسئن استغلال هذه الرخصة، وأصبح "الخلع" هو خيارهن الأول عند نشوب أى خلاف أسرى حتى ولو كان بسيطا، ومنهن من بات "الخلع" عندها "عادة" تمارسها ضد نفس الزوج أو مع كل زيجة.

ويكشف الرصد الصادر عن محاكم الأسرة، أن نسبة الزوجات اللاتى رفعن دعاوى خلع للمرة الأولى بلغ 55%، و20% للمرة الثانية، و15% للمرة الثالثة، فيما بلغت نسبة من لجأن للخلع للمرة الرابعة فأكثر 10%. كما رصدت الاحصائيات أن عدد الأزواج الذين تم تطليقهم وخلعهم لأكثر من مرة بـلغ 20 ألف زوج خلال العام الماضى.. وفى السطور التالية نرصد حكايات بعض الزوجات اللاتي رفعن شعار" البعض يلجأ للخلع أكثر من مرة".

"امرأة ورجلان"
يعج رواق المحكمة بالمتقاضين، تتلاصق أجسادهم المنهكة، ويوحد الحزن ملامح وجوههم البائسة لتبدو وكأنها استنسخت من رحم واحد، ووسط هذه الجلبة جلست" د.م"صاحبة الـ28 عاما، ترتدى عباءة سوداء، وتدارى خلف نقابها الحريرى وجه مشرب بصفرة الشقاء وعناء الركض على مدار 6 سنوات فى أروقة وساحات المحاكم بحثا عن حقوق ابنتها الوحيدة، وعينين ممتلئتين ببقايا دموع حارة على سنوات تفرق ألمها بين رجلين، الأول خدعها بورعه ولحيته واكتشفت أنه كذاب - بحسب روايتها- وتدينه زائف، والثانى تزوجها ليضغط على والدها كى يتنازل له عن حصته فى الميراث.

وتقول الزوجة العشرينية فى بداية حديثها لـ"صدى البلد": "لم تمر فترة طويلة على انتهاء حكاية حبى مع جارى، حتى تقدم لى عريس آخر، رشحه لنا أحد معارفنا وقال عنه إنه رجل تقى ورع يخاف الرحمن، ويقيم حدوده، ولا يترك فرضا، فانخدعنا بجلبابه الأبيض القصير ولحيته الطويلة وكلمات الوعظ التى لايخلو منها حديثه، وظننت أنه سيصون عشرتى ويحفظ كرامتى، وسيوفر لى حياة كريمة، فماله الذى يجنيه من عمله "كهربائى" وفير، وتم الزواج بعد 6 شهور بالكمال والتمام، ولا أتذكر أنه تحدث معى خلال هذه الشهور إلا مرات قليلة بحجة أنه مخالف للشرعية، ولم أر وجهه بحجة أنه طوال الوقت مسافر، وكأنه كان يتعمد ألا يقترب منا حتى لا نكتشف كذبه، الذى ظهرت أولى علاماته أثناء عقد القران، حيث فوجئت أنه يكبرنى بـ13 عاما، وليس بـ8 سنوات كما قال، لكنى لم استطع أن اتفوه بكلمة حتى لا أتسبب فى فضيحة لأهلى".

تتسارع أنفاس الزوجة العشرينية وهى تكمل حديثها: "انتقلت للعيش مع زوجى فى شقة ببيت أهله، لتتوالى الصدمات، وأكتشف أنه لم يحصل على أى قسط من التعليم كما كان يدعى حصوله على "دبلوم صنايع"، وحينما واجهته أنكر، وبعدها أرغمنى على ترك دراستى فى معهد إعداد الدعاة الذى التحقت به بعد حصولى على دبلوم الصنايع، فقد كنت دوما أحلم أن أصبح داعية، ليس ذلك فحسب بل أفصح لى بعد ملاحظتي لأثار جروح قديمة على ظهره وجسده، أنه تم إلقاء القبض عليه مع جماعة من المتطرفين أثناء تجمعهم فى أحد المساجد فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، وقضى مايقرب من عام و9 شهور فى المعتقل ثم أفرج عنه، وقتها قال لى بنبرة حادة: "أصلى كنت بجاهد فى سبيل الله"، نزلت كلماته على كالصاعقة، فلماذا لم يخبرنى بأمر اعتقاله ؟!، لماذا لم يعطنى حق الاختيار، فربما لا أريد أن أتزوج بشخص يجاهد فى سبيل الله كما يقول، رغم أنى أشك فى صدق قوله!، حينها بدأت أفسر سر تصرفات زوجى الشاذة وخوفه المستمر".

تدور الزوجة العشرينية ببصرها فى أرجاء المكان وبنبرة منكسرة تقول: "مرت الأيام معه ثقيلة، وزادتها ثقلا أفعال حماتى، حيث كانت تتفنن سامحها الله فى تخريب بيتى هى وابنتها العانس، لايمكن أن أنسى أنها كانت تقتحم خلوتى أنا وزوجى، مستخدمة نسخة استخرجتها من مفتاح بيتى، لتعبث بمتعلقاتى، وبسببها ضربنى زوجى ضربا مبرحا، وتركت بيتى لمدة 37 يوما ولاتزال نقوش الحنة مطبوعة على يدى، والحق يقال إنه كان لايعصى لها أمرا ويخشاها كخشيته الله، لدرجة أنه عندما صالحنى وأعادني لبيته، لم يجرؤ أن يخبرها، وأدخلني الى البيت خلسة، وحرم على أن أحدث صوتا، وكأننى عشيقته وليست زوجته، وحينما اكتشفت أمرى قاطعته، حتى تمكن من مصالحتها لتبدأ بخ سمها فى رأسه من جديد، وفى أخر مرة لنا اقنعته أننى أغلقت فى وجهها الباب، فثار وهجم على كالثور الهائج وأخذ يوجه لبطنى الركلات واللكمات غير عابئ بالجنين الذى أحمله فى أحشائى حتى باتت الدماء تنساب من كل فتحة فى جسدى".

تتثاقل الكلمات على لسان الزوجة العشرينية وهى تردف: "تركت له البيت عائدة إلى منزل أهلى، وحررت ضده محضر ضرب فى قسم الشرطة، ثم فوجئت به يتهجم علي أنا وأسرتى، محاولا الانتقام منا بسبب احتجازه فى القسم، وبعدها بشهرين أقمت ضده دعوى نفقة زوجية أمام محكمة الأسرة بزنانيرى، فى المقابل أنذرنى بالدخول فى طاعته، وأعلنى على عنوان خاطىء كى يحصل على حكم بنشوزى ويسقط عنى نفقتى، وبالفعل نجح بمساعدة وكيلته فى هدر حقوقى، لكنى لم استسلم وأقمت ضده دعوى نفقة صغير ومتجمد نفقة، وحجزت على أمواله بعدما صار يتهرب من دفع نفقة طفلته رغم يسر حاله، ثم أقمت دعوى خلع لأنهى بها زيجة لم تدم أكثر من 4 شهور بعدما فوجئت أنه يصف تفاصيل جسدى للعالمين، وصدر حكم بتطليقى منه طلقة بائنة للخلع بعد عامين، ليقيم ضدى دعوى يطالب فيها بتعويض 40 ألف جنيه لخلعى له".

تسحب الزوجة الشابة الهواء حتى يعلو صدرها وهى تكمل روايتها: "ولأننا نعيش فى مجتمع لايرحم من حملت يوما لقب مطلقة، ويعتبرها امرأة درجة ثانية، اضطررت للزواج ثانية من ابن عمى، واهمة بأن صلة القرابة ستحول دون اهانتى وضربى، وأثثت له شقة الزوجية وتغاضيت عن كرهه للعمل، لأكتشف أن كلامه المعسول ووعوده ليسوا إلا جزء من مخططه لإتمام الزيجة من أجل الضغط على أبى حتى يتنازل له عن حصته فى الميراث، وأول شىء فعله زوجى العزيز بعد الزواج، أنه قام بطرد ابنتى وبات يعاملنى كالخادمة، ويضربنى بسبب وبدون سبب، لازلت اتذكر ملامحه القاسية وهو يقول لى:"أنا اتجوزتك علشان تبقى خدامة"".

تنهى الزوجة روايتها بصوت مبحوح: "ورغم ذلك تحملت حتى لايقال أننى لا أعمر بيتا، عام ونصف وأنا صابرة، سئم أبى من ابتزاز زوجى له، وطلب منى أن أقيم دعوى خلع ضد ابن أخيه، وبالفعل أقمت الدعوى بناء على رغبة والدى وخلصت منه، وأحمد الله أننى لم انجب منه طفلا، الأن أنا التحقت بكلية الحقوق كى أدافع عن حقوق المظلومين بعد أن ذقت المرار على مدار 6 سنوات قضيتها فى المحاكم".

- "كلاكيت ثالث مرة"
ثلاث قضايا هى حصيلة دعاوى الخلع التى أقامتها "مروة" صاحبة الثمانية والعشرين عاما أمام محكمة الأسرة بزنانيرى خلال 11 عاما قضتها مع زوجها "المدمن"، تقول الزوجة العشرينية فى بداية روايتها:" ياليتنى لم أصم آذانى عن تحذيرات والدى والمقربين لى من الارتباط بهذا الرجل، فقد قالوا لى أنه يقضى اوقاته متنقلا بين أحضان النساء وأوكار المدمنين، واقسموا أنه لن يريح بدنى ولن يصون عشرتى وسيهين كرامتى، وساقوا لى براهينهم على متاجرة أهله فى "الصنف"، لكن حبه الذى احتل قلبى منذ أن رأيته فى حفل زفاف أحد معارفى، أعمى بصرى واذهب بصيرتى فصرت أسيرة لعشقه وعاديت الجميع من أجله وتمسكت باتمام الزيجة فى ثلاثة شهور فقط ، واهمة أن كل هذه التحذيرات ماهى إلا غيرة من زواجي وأنا لازلت فى السابعة عشرة من عمرى من ابن مالك اشهر سلسلة محلات للمشويات فى حينا الشعبى".

وتتابع الزوجة الشابة حديثها قائلة: "وما أن وطأت قدمى بيت زوجى حتى اكتشفت الجرم الذى ارتكبته فى حق نفسى، فالبيت الذى دافعت عن طهارته أمام أهلي وأقاربى لايكف عن استقبال المدمنين، وروائح الحشيش لاتغادر أركانه، ونساؤه يشاركن فى جلسات "الكيف" وبيعه، ورجلى عاطل عن العمل، يعيش على مد يديه للعالمين، ينام نهارا ويسهر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى مع أصدقائه يحقنون أوردتهم البارزة ويبتلعون أقراص الترامادول حتى محال والده تركها خاويا على عروشه ومضى يلهث وراء شهواته وساقطاته، ورغم ذلك تحملت خوفا من نظرة لائمة أرمقها فى عين ابى الذى قاطعنى بسبب افعال رفيق دربى".

تزيح "مروة" أكمام ثوبها الذى يشبه ثوب الحداد، لتكشف عن آثار الاصابات التى الحقها بها زوجها وبصوت مبحوح تتابع: "مرت 3 سنوات وأنا أعيش فى هذا الوحل، أضرب وأطرد فى منتصف الليل بملابسى الداخلية ويقطع شعرى وتكسر ضلوعى وأسنانى حينما ينسحب المخدر من جسده، وأبات ليلى وحيدة ونار الشوق تحرقنى، وبعدما فاض بى الكيل تركت له البيت، وعدت إلى منزل أهلى حاملة ابنتى على كتفى، وأقمت دعوى خلع لأتخلص منه وبالفعل صدر الحكم لصالحى، ومرت الشهور وأنا ماكثة فى البيت اتلقى كلمات العتاب وأذبح بسكين اللوم فعدت إليه صاغرة من أجل ابنتى، وقررت أن أنجب طفل أخر لعله يبدل حال والده".

تتسارع أنفاس الزوجة الشابة وهى تقول: "لكن يبدو أننى كنت مخطئة فحاله لم ينصلح بل زاد فى طغيانه وبات يوجه لجسدى اللكمات والضربات بسبب وبدون سبب ويسبنى حينما افشل فى تدبير نفقات مزاجه، وسلبنى حقوقى الشرعية التى لم يكن يمنحنى إياها إلا بعد تعاطيه جرعته المعتادة، وتركنا نتضور جوعا أنا وطفليه، ولازالت صرخاتهما ترن فى أذنى، قد لايصدق أحد بأن بطوننا كانت تظل خاوية لمدة يومين لذلك لجأت للخلع للمرة الثانية لأنقذ ولدى من الموت جوعا".

تختتم الزوجة المكلومة روايتها:"وكالعادة عدت إليه بعد فترة لأننى أدركت أن لا بيت يحوى مشاكل الطفلين إلا بيتهما، وقطعت عهد على نفسى أن اتحمل ثورات زوجى وتقطيعه للحمى بالزجاج ، ولكن مالم اتحمله عندما علمت أنه أجبر ابنتى على شراء أقراص الترامادول ومشاهدة أفلام جنسية، حينها نسيت آثار العلقة الساخنة التي لقنى إياها والدماء التى تسيل من رأسى ووجهى لرفضى الإقتراض من أبى، وهجمت عليه لأول مرة فى حياتى، وبعد أن التئمت جروحى طرقت أبواب محكمة الأسرة لرفع دعوى خلع جديدة لتكون هذه هى الثالثة والاخيرة، وكما يقولون:" التالته تابتة"".

- إعادة نظر
من جانبه أكد إسماعيل إبراهيم الخبير فى القانون المدنى أنه لابد من إعادة صياغة قانون الخلع من جديد ووضع ضوابط شرعية له، حيث أنه لم يحدد عدد المرات التى يحق للمرأة أن تخلع زوجها فيها، أما الزوج فمحدد له ثلاث طلقات فقط، وبالتالى فإن هذا القانون لا يهدر حق الرجل فحسب بل إنه يهدر حق الأسرة بأكملها، وفى النهاية فإن الصغار هم من يدفعون الثمن".

وأضاف: "أى قانون يجعل طرفا أقوى من الآخر يعد قانونا لهدم للأسرة، وهذا ما حدث بالفعل مع قانون الخلع، فأى شخص من الممكن أن يعبث برأس الزوجة ويدفعها لإقامة دعوى خلع بدعوى أن الحكم سيكون نهائيا ولن يتم الاستئناف عليه، وستظل محتفظة بحقها فى قائمة المنقولات وأجر حاضنة ومصوغاتها التي تعتبر هبة وفقا للقانون المدنى الذى نص على أن الهبة لا ترد بين الزوجين".

وختم الخبير القانونى حديثه لـ"صدى البلد" قائلا: "من الأمور المهمة التى يجب الفصل فيها عند الخلع هى مسألة من له الحق فى مسكن الزوجية، ومن قبلها يجب على القاضي الذي من واجبه أن يرفع الظلم عن المظلوم أن يحقق قبل إصدار حكمه فى قضايا الخلع، لأن ربما تكون الخالعة ظالمة أو أنها استغلت عدم وجود استئناف على حكم الخلع أو أنها دلست على المحكمة أو وضعت عنوانا وهميا لتحصل على حكم الخلع سريعا".