الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

25 يناير ..


كُل ما يُزرَع فينا صغارًا هو ما نجني ثمارِه كِبارًا ، وأحيانًا تكون تِلْك البذرة التي ألقيت في قلوبنا بفعل الأهل أو المجتمع المحيط بِنا ، وأحيانًا أخري تكون تِلْك البذور كالعُشب الرباني ظهرت بفعل حبوب لقاح، حُملَت إليها من نبتة أُخري في ذاتِ القلب فأسقطت رطبًا جنيًا، أو من جارٍ لذلك القلب ينشُر سِمًا فريًا.

فتفترِشُ السِّرَ والسريرة بعشوائيةٍ وتوغُلٍ وانتشار، وبالرغم مِن هشاشتها وسطحيتها ولكنها خصبة سريعة الانتشار، قادرة علي ملء الفراغات العقلية ، ذاتية التغذية فتنمو وتتوغل وتنتشر بكفي طليقين.

كعادةِ الأفكارِ الهدامة ، سوداوية الداخلِ متوهجةِ الخارج بثوبها الجدّلي وعُقدِها الخلافِّي وكعبها العالي عَن ما يجاورها من نبتات وإن كُن عظيمات.

أفكارٌ وأفكارٌ ، حكاياتٌ وأسرار بعضُها تغني به الصِغار وحاول إصلاحَه الكِبار وَلَكِن لم يفلح الشطار !

في الصِّغَر ومع أول شمعة تضاء علي كعكة عيد الميلاد بدأت الحِكاية ، إعلان ميلاد السنة الأولي والشعور الأول بالتفرد والسيطرة وإحكام القبضة علي الكعكة بلا شريك!

العيد عيدنا بلا شريك والليلة ليلتنا وإلا إياك بالوعيد ، ومن هنا أصبحت فكرة تعددية الأحداث في اليومِ الواحدِ هي فكرة تُعامَل كالمنبوذ الذي يعامل بالعبوسِ .

وأقول قولي هذا وأضحِده بالحقائق التي تثبتها الوقائع، فما هو شعورك عندما يصادفُ يومُ ميلادِك ميلاد قريب أو غريب لَكِن سيشاركك في اهتمام الآخرين بالتأكيد ، وماذا عن إحساس عدم الارتياح لوجود ميلادك في السنواتِ الثلاثِ اللاتي يُصَادِفن رمضان كل دورة رمضانية تتكرر بما يجاوز الثلاثين عاما!

أتتذكر الضيق الذي يعتريك إذا ما حلّت رأس السنة مع المولِد النبوي، ووقفة رجب في المصيَّف ، والنِصْف من شعبان في موسِم الامتحانات ، وعيدِ الشرطة مع ثورة يناير!

إحدى مميزات المشاكِل الأساسية أنها تتمتعُ بحلٍ ، فشريكك في تاريخِ ميلادك عسي أن يشعرَ بوقعِ السنين وعن الاحتفالِ بميلادِه يكون من المتوقفين!

والصبر مطلوب من احتفالات الشهور العربية والميلادية علي السواء ، فليتصادقا الآن فتوحيد الأعياد من الصُدف الَتِي يجب أن تستقبل بشغف لا يتكرر كثيرًا ، فعجلة الزمان لا تتوقف عن الدوران ، فخسوف الشمس ظاهرة ، وكسوف القمر بادرة، ورأس السنة في رمضان من الأمور العارضة !

كلٌ إليّ حل إلا يوم ٢٥ يناير يبدو أن مشكلته اندرجت تحت بند الكبائر!

أصبح اليوم كالمركب التي يرفض رُكابها وجود رئيسين ، كل راكب لديه ملتُه فهذا علي دينِ الثورة وذاك علي دينِ الشرطة، أليست كلها مظاهر في حب الوطن؟ لمّ تحول الأمر بهذا الشكل المتأصِل إلي نزاع عقائدي ؟ يا هذا إذا أحببت الشرطة فأنت عدو للثورة وَيَا ذاك إذا آمنت بثورة يناير فقد خرجت عن مِلَّة الوطن؟

تراشقٌ مستمِر منذُ سنواتٍ وسنوات، والسنون غير قادرة علي رأب الصُّدُوع والتغاضي عن الخلافات فكلها زلفي في حب هذا الوطن.

ولا تمنع مشاعِر الاحترام والمحبة والتقدير للشرطة وأبنائها وشهدائها الأبرار أن يكون الوجه الآخر لعملة المحبة هي الكراهية للمبادئ التي قامت مِن أجلها ثورة يناير.

الجناين اللي فتحت في بساتين مِصْر بأرواح الشهداء كانوا مِن أبناء الوطن لم يُفرِق الموت بينَ وردة وزهرة كلهم غاليين.

آمن بما شئت وسأؤمِن بما اخترت لَكِن رجاءً لا تتسرع وتكفرني ، فنحن علي دينِ محبة هذا الوطن ، فلنجعله يومًا في حُبْ مِصْر ، نحتفِل فيه بذكري الدماء الطاهرة التي أريقت في سبيل مِصْرنا الحبيبة ولتتوقف المزايدات والمُهاترات والسجالات الهدامة ، ولتكن دروس التضحية هي البطل ونماذج العطاء هي محل الأنظار، والشاغِل عِند الاختيار.

وليتذكر الثوار لولا حماية رجالِ الشرطةِ الأبرارِ ما كان يمكن أن يُلحَق بهم ، ولتنتبه الشرطةُ أنه لولا الثورة لو كانوا أنفقوا ملء الأرض ذهبًا وفِضة ما ألفَ الله بينَ القلوب، ولينتبه المصريون أننا كلنا متساوون ، في حُبِ الْوَطَنِ مخلصون، وإذا كان قلب المواطِن يتسِع لألفٍ من الحبايب ، فقلبِ الوطن يتسِع للحبايب كلهم ، وكل ٢٥ وأنتم أخوة متحابون.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط