الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مخاوف من عودة "داعش" مجددًا إلى سوريا .. التنظيم الإرهابي يستعيد عافيته في ظل تنافس "الشطرنج" بين أمريكا وروسيا وإيران ونظام الأسد.. خبراء: واشنطن تستغل الإرهابيين لبسط نفوذها

صدى البلد

  • الدماء تعود إلى "داعش" من جديد بعد عملتي "عفرين" و"إدلب" 
  • تبادل الاتهامات بين روسيا وأمريكا وارتعاد واشنطن من طهران.. فرصة "داعش" في الرجوع
  • خبراء: واشنطن تستغل "داعش" للسيطرة على المنطقة بأكملها

يبدو أن العملية العسكرية الأخيرة التي شنها النظام السوري في إدلب قد مهدت الطريق أمام تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، إذ تنتهز عناصر التنظيم فرصة التنافس الإقليمي الدائر في البلاد وعملية "غصن الزيتون" التي أعلنتها تركيا الشهر الماضي عفرين، وذلك من إجل إيجاد موطئ قدم جديد للتنظيم الإرهابي.

حذر تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أمس الاثنين، من عودة تنظيم "داعش" إلى الظهور مجددًا في سوريا، خاصة في أعقاب الهجوم الذي شنه النظام السوري مؤخرًا على محافظة إدلب، بيد أن هناك أقاويل مصدرها المعارضة السورية تفيد بأنه على الرغم من طرد "داعش" من معاقله، فإنه يستغل التنافس بين خصومه ويعمد إلى إعادة ترتيب صفوفه في محاولة للعودة من جديد.

يشير التقرير إلى أن القوات المتناحرة في الصراع السوري أصبحت تغض الطرف عن خطر التنظيم، الذي سيطر على قرابة نصف سوريا وثلث العراق في 2014، وأعلن خلافته المزعومة في الرقة، ولكن بحلول 2016، تضافرت تقريبًا جهود جميع الأطراف في المضى قدمًا لدحر التنظيم الإرهابي، وتم عقد تحالفات دولية بهدف دحر التنظيم الإرهابي، حيث دعم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة القوات العسكرية العراقية والميليشيات الكردية في سوريا، كما دعم التحالف بقيادة روسيا وإيران قوات الرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات الشيعية في سوريا والعراق.

ولم تمر أشهر قليلة من طرد "داعش" من سوريا وإعلان روسيا وإيران هزيمته، إلا وقد تحول تركيز تلك التحالفات عن ملاحقة فلول التنظيم واستعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرته،وذلك بسبب تصاعد التوترات وتنافس الطموحات الإقليمية الجديدة بين القوات الدولية.

ووفقًا للتقرير فإن "غصن الزيتون" التي شنتها تركية شمالي غرب سوريا ضد الميليشات الكردية تزيد الطين بلة، وهو الأمر الذي أكده الكاتب الأمريكي "إريك شميت" في مقاله بجريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أمس الاثنين، حيث قال إن العملية أعادت الأمل للتنظيم في الظهور من جديد، بيد أنها أدت إلى انشغال وحدات حماية الشعب الكردية والمدعومة من واشنطن عن قتال "داعش" وتركيز جهودها في الرد على الهجوم التركي، وهو الأمر الذي عزز من وجود "داعش" في جنوب البلاد.

وكشفت تقارير سابقة أنه تزامنًا مع انهيار خلاقة "داعش" عكف التنظيم الإرهابي على تهريب الأموال من معاقله لتمويل قوات مواليه له في مناطق مختلفة، لذا يبدوا أن "داعش" يعمل في الوقت الراهن على ربط شبكات تلك الخلايا وتوفير خطوط الإمدادات في جميع أرجاء سوريا.

ونقلت "فايننشال تايمز" عن شيوخ أحد القبائل بشرق سوريا قوله: "لا يحاول "داعش" السيطرة على المدن فحسب، وإنما يعمد إلى فتح الطرق؛ إذ يحتاج إلى ربط جيبوبهم المتبقية مع الخلايا الداعشية النائمة المنتشرة في جميع أنحاء سوريا، من الحدود الجنوبية وصولًا إلى البوكمال في الشرق، وعلاوة على ذلك فإن الخلايا المتجددة لداعش يمكن أن تكون نقاط تقاطع لنقل القوات وتنظيم الهجمات في جميع أنحاء سوريا".

إن مثل هذا التطور يمثل تهديدًا خطيرًا للجهود المديدة التي سعت إلى إعادة استقرار الأوضاع في سوريا التي عانت غمار حرب أهلية منذ 2011، والتي فر منها ملايين إلى البلدان المجاورة ودول أوروبية، ناهيك عن أن تقارير تحدثت عن أن سيطرة "داعش" على الأراضي السورية تراجعت بنحو 50% من الأراضي السورية إلى 3% فقط خلال العام الماضي. ولكن خلال الشهرين الماضيين، تزايدت الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" إلى 3,7% واستولى على 82 قرية في شمال غرب سوريا.

ومع سقوط الرقة في يد قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة في عام 2017، بدأت ميليشات "داعش" في التقهقر إلى المناطق الحدودية الصحراوية التي يسهل اختراقها بين العراق وسوريا، كما استعادت القوات السورية المدعومة من روسيا مدنًا مثل دير الزور وميادين والبوكمال. ولكن خلال الأشهر الأخيرة، تبادلت روسيا والولايات المتحدة الاتهامات بشأن سماح الشركاء السوريين لكل منهما بعودة ظهور "داعش" في البلاد.

وينقل التقرير عن الكولونيل ريان ديلون، المتحدث باسم التحالف بقيادة الولايات المتحدة، قوله إن قوات سوريا الديمقراطية لا تتسامح مع وجود "داعش"، ولكن التضاريس الصحراوية المترامية الأطراف تظل أكثر صعوبة في استعادتها مقارنة مع المناطق الحضرية، وخصوصًا لأن عناصر التنظيم أكثر انتشارًا في تلك المناطق وليس من السهل استهدافها كما هو الحال عندما تكون في منطقة مركزة.

وعلاوة على ذلك، يشكك بعض مقاتلي المعارضة والناشطين المدعومين من الولايات المتحدة في أن قوات المعارضة ربما تتسامح مع بقاء بعض الجيوب الصغيرة لداعش من أجل إضعاف نظام بشار الأسد وحليفته إيران.

وفي قاعدة التنف التي تسيطر عليها الولايات المتحدة، بالقرب من الحدود السورية مع الأردن والعراق، يرى أحد مقاتلي المعارضة أن تفاقم الأوضاع يعود إلى تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وعلى الأرجح أن الأمور سوف تتصاعد بشكل أكبر عقب إعلان واشنطن خلال الشهر الجاري عن بقاء 2000 جندي أمريكي في شرق سوريا لردع "داعش" ومواجهة النفوذ الإيراني المتزايد.

ويضيف قائلًا: "من الناحية الفعلية يسيطر الإيرانيون على البوكمال، وداعش يستعيد عافيته مرة أخرى، أعتقد أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ربما يستخدم داعش كذريعة للسيطرة على المنطقة بأكملها".

ويرى مسئولو التحالف الغربي أن قوات الأسد (الذي يسيطر الآن على أكثر من نصف سوريا) ليس في إمكانها الحفاظ على بقاء داعش تحت السيطرة، وبخاصة في ظل انشغالها بشن هجمات جديدة ضد قوات المعارضة. ويشير الكولونيل ديلون إلى تقارير تفيد بأن "داعش" نجح في نقل قوات عبر الأراضي الواقعة تحت سيطرة نظام الأسد.

ويعتبر ناشطو المعارضة أن الهجوم الجديد الذي شنه النظام السوري ضد إدلب (التي تسيطر على أجزاء كبيرة منها المعارضة المناهضة للأسد وهيئة تحرير الشام التابعة لتنظيم القاعدة) قد أتاح للتنظيم بإنشاء موطئ قدم في المحافظة، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها الداعشيون هذه المنطقة منذ عام 2015.