الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إمبارح كان عمري عشرين


يقول ابن خلدون: إن الإنسان اجتماعي بطبعه، أحيانا يود الانعزال وقضاء الوقت بمفرده، ولكن إن زادت هذه العادة وأصبح يميل إلى العزلة أغلب الوقت، فإن هذا الأمر ليس صحيًا تماما، لذلك فان اكتساب بعض المهارات الاجتماعية من شأنه أن يساهم في حفظ التوازن العاطفي والنفسي للفرد بشكل طبيعي.

تظهر تلك التقلبات النفسية والعاطفية فى سن المراهقة كما يقول الخبراء و لكنها تستمر أو تنحصر تبعا لعدة عوامل من أهمها الوسط الاجتماعى الذى ينشأ فيه الفرد، وكذلك مدى ثقافة الأهل وانفتاحهم على المجتمع الخارجى، و الأهم المدد النفسى الذى يغذى به الأهل أولادهم فى هذه السن فيساعدهم على الهدوء والاستقرار النفسى من جهة وعلي اجتياز تلك الفترة من جهة أخري حتي يصل الشاب أو الفتاة إلي مشارف سن العشرين وهو يمتلك ما يؤهله لاقتحام الحياة العملية وكذلك الاستمتاع بها، و يكون قد اكتسب من المهارات الاجتماعية ما يحصنه ويؤهله لاكتشاف نفسه من جديد كشخصية مكتملة إلي حد ما قادرة على تحمل مسئوليات وقرارات من الممكن أن تكون منفردة.

فى سن العشرين أنت مفعم بالحياة، جسدك وعقلك وصحتك فى فصل الربيع، لكن فى بلد مثل مصر أنت مازلت غير منتج، ولذلك أنت فى معظم الأحيان مشغول بالمتعة واستهلاك الوقت والأموال فقط، ولكن هذا ليس من شأنه أن يساعد علي بناء شخصية حقيقية كما أوردنا فى البداية، كما أنه يعرضك لأخطاء الفراغ وهى التى تجلب عليك الندم فيما بعد، ويجعلك معتادا على الفعل الأحادى، فأنت مازلت فى التعليم (عليك ألا تفعل أى شيء آخر) وهذا أكبر خطأ يقع فيه الآباء قبل الأبناء، إنهم يعلمون أبناءهم نمط حياة استهلاكى، وممل، و يحدون دون شعور منهم من الطاقة التى تملأ وجدان أولادهم، وهذا من أهم الأسباب التى جعلت شبابا كثيرين فى بلدنا يميلون إلى الكسل دون العمل ويحبون النقد لأنه أسهل وأيسر من الاجتهاد ومقولة (هل يوجد عمل) أسهل بالتأكيد من البحث عن عمل، ومقولة (العائد غير مجدى) تريح ضمائر شباب كثيرين وهم يميلون علي آبائهم للحصول على بعض المال.

سن العشرين كما يعتبر سن المتعة و الفتوة و الضحك و الحب، لابد أن يكون سن التجارب العملية، والتدريب علي اقتحام مجالات الحياة، و بداية الاستقلال المادى، وعدم الخجل من شكل ومضمون العمل، ومهما كانت بساطة العمل فإنه يصنع من ابنك أو بنتك قيمة حقيقية، يصنع منه إنسانا يستطيع تحمل القرار، يقع فى أخطاء التعلم والتجارب التى تقويه، يفهم معنى المسئولية.

بعد تخطى هذه السن الجميلة بضعف وقته تقريبا يصبح لدينا نموذجان (وهنا نتحدث عن النماذج التى نجت إلي حد ما من طرق ضبابية).. أحدهم تعلم ثم تخرج ثم بحث بمساعدة أسرته عن وظيفة ثم بحث بمساعدتهم أيضا عن زوجه و بالطبع ساعدوه فى تأسيس منزل أكبر من كونه منزل شاب .

والآخر فى أثناء تعليمه كان يعمل أيا كان نوع العمل أو العائد منه وعندما تخرج كان لديه تصور لنقطة يمكنه الانطلاق منها ثم بدأ فى التعثر والرجوع للخلف و التغلب و السير إلي الأمام ثم تزوج عندما قابل من توافق معها وبدأ الاثنان فى الانطلاق للحياة معا.

هنا انتبه عزيزى الشاب.. عليك أن تتخيل كل منهما وهو يقول: (يااااه) إمبارح كان عمرى عشرين!

كيف سيقولها كل منهما؟ أى منهما سيقولها بمتعة النجاح والبناء بينما الآخر سيقولها باعتبار أن العمر مضي دون أن يشعر أنه قد عاش؟.

صديقى يا صاحب العشرين.. عليك أن تعيش الحياة، لا تجعلها تتسرب كالماء من بين يديك ويمضى بك العمر وأنت كالبقية التى ارتضت بالوقوف فى الظل .

اصنع لنفسك اسما فى الحياة واكتبه على جبينك من شمس العمل .

صديقتى الجميلة... لا تتردى أن تحفرى لنفسك مكانا، لا تقبلى أن تكونى إلا كما تحلمين لنفسك أنتِ صاحبة حياتك.

وتذكروا حين تمضى السنين أن تقولوا: ( إمبارح كان عمرى عشرين ) بكل فخر لأنكم قد تمتعتم بالعمل والبناء فى سن العشرين وتتمتعون بعمركم الحالى أيضا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط