الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكاية عيلة


أعرف عائلة مكونة من ولدين والأب والأم، لا تمتلك تلك العائلة سوى منزل جميل، لتعيش بين جدرانه، هذا المنزل يتمنى الكثيرون اقتناءه، إلا أن تمسك تلك العائلة بمنزلها يحول دون محاولات الطامعين.

الدخل المادي لتلك العائلة في كثير من الأحيان لا يكفيها، فتلجأ إلى "السلف"، ولسوء حظها لا تجد في كثير من الأحيان من يعطيها ما تحتاجه من أموال سوى هؤلاء الطامعين في اقتناء المنزل الجميل، اللهم إلا بعض الأشقاء للوالد الذين يرون في صمود الأب بقاءً لاسم عائلتهم بأكملها، لذا يحرصون على استمرارية هذا الصمود.

الابن الأكبر لتلك العائلة، واد جدع من يومه، اشتغل وتحمل مسئولية نفسه، الابن الثاني للأسف مش زي الأولاني، بيعتمد على أبوه في كل حاجة، عايز آكل وأشرب يا بابا... حاضر، عايز مصروف يا بابا.... حاضر، عايز دروس يا بابا... حاضر، عايز عايز عايز...... علطول الخط، حتى الفلوس إللي بياخدها وإن كانت قليلة أو كثيرة ممكن يضيعها على أي كلام فاضي.

عام ورا عام، تتكدس الأموال على كاهل رب الأسرة، مش كدة وبس لأ ده كمان يفقد الوالد مورد رزقه المحدود، فتحاول زوجته مساعدته، لتبيع "غوشتين تحويشة عمرها"، كي تستطيع عائلتها الصغيرة تحمل أعباء الحياة.

الحل إيه؟ هل يستمرون في سياسة السلف، فيأتي أصحاب الديون الطامعين ويحجزوا على منزلهم الجميل لتشرد العائلة بأكملها، أم يعيدوا ترتيب أوراقهم، ليبحثوا عن مورد رزق آخر ويحافظوا على جدران منزلهم الجميل الذي لن يعوضهم شيء عنه.

فكانت النتيجة أن اجتمع الأب مع الأسرة الصغيرة، ليشرح لهم الوضع، واتفق الأغلبية على أنهم سيحاولون البحث عن مورد رزق آخر بعمل مشروع للوالد وتشاركه الوالده على أن يساعدهم الابن الأكبر، وكان الاعتراض من نصيب الابن الأصغر الذي يرغب في الحصول على احتياجاته دون عناء، فهذا ما اعتاد عليه منذ صغره، فكيف سيستطيع أن يغير سلوكه بين يوم وليلة؟

قصة تلك العائلة تعكس أحوالنا.

منزلنا الجميل هو تلك الأرض التي نعيش عليها، والأسرة التي تناولتها هي مختلف طوائف الشعب، فدولتنا مواردها المالية محدودة، أعلم كاقتصادية أنه يمكن تعظيم تلك الموارد، لكن أتحدث عن الوضع القائم حاليًا.

فمواردنا المالية لا تغطي جميع احتياجاتنا، ولذا نلجأ إلى الاستدانة، واعتدنا على هذا الأسلوب منذ زمن بعيد، إلى أن جاء وقت فقداننا لمصادر تمويلية كنا نعتمد عليها، فاشتدت علينا أعباء الحياة، وهو الامر إلى دفعنا إلى اللجوء إلى الإجراءات القاسية للإصلاح الاقتصادي، لتظهر الاختلافات في الآراء، نجد أن هناك من يندرج تحت مظلة الابن الجدع الذي يمكن أن يواجه متاعب الحياة بالعمل والصبر والكفاح، وهناك من يندرج تحت مظلة النفور وعدم الاقتناع بتلك الإجراءات التقشفية، ليطالب بالابتعاد عن أتباعها، باحثًا في ذلك عن المكاسب الشخصية الوقتية دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، تلك المكاسب التي قد يبحث عنها البعض أعلم أنها قد تكون بسيطة، لكن هذا هو حالنا.

علينا أن نعمل، علينا أن نصبر، علينا أن نواجه الفساد والمفسدين.

وما بين تلك الاختلافات والأهواء، ستحيا مصر رغم كيد الكائدين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط