الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إعلانات رمضان.. الفنانون ونجوم كرة القدم


كشف شهر رمضان الكريم، عن أن نجوم الفن والكرة يتربعون حاليا على رأس قائمة الأعلى أجرا، والأكثر قدرة على الترويج للعلامات والمنتجات التجارية المحلية والعالمية على حد سواء، وانتهزت شركات الدعاية والإعلان تزامن اقتراب نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، مع شهر رمضان ، باللجوء لخدمات نجوم الكرة والفن، للوصول بالمنتج المعلن لقلوب المشاهدين استغلالا لوسامتهم كممثلين، ولعذوبة أصواتهم كمغنيين، و لأجسامهم الرياضية الممشوقة وشهرتهم في إحراز الأهداف كلاعبين.

وخلافا لكثير من المصريين، فلم تنتابني أية دهشة وأنا أتابع محمد صلاح، نجم مصر وليفربول، وهو يعترض بشدة على اتحاد الكرة المصري، بعد أن وضع صورته على طائرة كأس العالم المصرية المتجهة لروسيا، دون علمه، أو الحصول على موافقته.

فكثير من المصريين اعتقدوا أن صلاح يرفض استخدام شهرته المدوية في عمل الدعاية لبلده مصر، لكن في الواقع أن اعتراض محمد صلاح لم يرجع لنقص في الوطنية والانتماء لمصر، لكن يرجع إلى تعاقده مع شركة "فودافون" لعمل الدعاية اللازمة لها، في وقت استخدم فيه اتحاد الكرة المصري صورة محمد صلاح في عمل الدعاية لشركة منافسة لشركة فودافون وهي شركة "وي"، ويعد استغلال نجومية لاعب كرة القدم، أو صورته الفوتوغرافية، بمثابة أحد أهم عائدات لاعب كرة القدم والنادي الذي اشتراه بمئات الملايين من اليورو والدولارات، وتتوقف النسبة التي يتقاضاها اللاعب من عائدات الإعلانات على بنود العقد المبرم بين اللاعب وناديه.

وسأضرب هنا مثالين على المستويين، المصري، والدولي، للتأكيد عن مدى تأثير لاعبى الكرة، والفنانين، في الترويج لاثنين من أهم طرازات السيارات الفاخرة في العالم وهما السيارتان الألمانيتان "بي أم دبليو"، و"أودي"، وكيف تمكن هؤلاء النجوم من الوصول بهاتين الماركتين لقلوب وجيوب المشتري المصري والعالمي.

في سبعينات القرن الماضي، لم يكن المصريون يعرفون من السيارات الألمانية الفاخرة سوى "المرسيدس"، ولم تكن الأغلبية العظمى منهم سمعت شيئا عن بي أم دبليو.. وكانت بي أم دبليو وهي شركة ألمانية عريقة، تأسست في 1908، تمكنت من أن تصبح منافسا شرسا للمرسيدس في ألمانيا والعالم خاصة في بداية السبعينات، من خلال إطلاق مجموعة طرازات متنوعة، تميزت بتصميماتها الرياضية، إلى جانب ما تتميز به السيارة من اعتمادية وجودة الصناعة الألمانية، في وقت ظلت فيه المرسيدس تعتمد في معظم طرازاتها السيدان، على تصميمها الكلاسيكي المحافظ، والذي جعل منها سيارة معظم الملوك والرؤساء حول العالم منذ أن اتخذها الزعيم النازي الألماني أدولف هتلر سيارة الدولة الرسمية، ومع التقدم الذي واصلت تحقيقه بي أم دبليو في سوق السيارات الفاخرة خارج مصر، بادر رجل الأعمال المصري، حسام أبو الفتوح، في الحصول على توكيل بي أم دبليو في مصر في 1979.

وعلى الرغم من مكانة بي أم دبليو على المستويين الأوروبي والدولي، ظل المصريون يفضلون المرسيدس، ويرفضون حتى مجرد سماع من يريد إدخال بي أم دبليو في مقارنة مع المرسيدس، ذات النجمة الفضية المتلألئة، وهنا لم يجد حسام أبو الفتوح أفضل من نجوم الفن والكرة، لكسر الحاجز النفسي بين بي أم دبليو والمصريين، فأعلن في 1981 عن تقديم سيارة هدية للاعب الذي يحرز الهدف الأول في مباراة القمة بين الأهلي والزمالك في موسم 1980 -1981 .

وفي واقع الأمر ساهمت مباراة الزمالك والأهلي، بقوة، في الترويج للبي أم دبليو في مصر، ليس فقط لكون هذه المباراة هي الأشهر في الوطن العربي وإفريقيا، لكن أيضا للمفاجأة غير المتوقعة التي حدثت خلال هذه المباراة، ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر فيه أن يحرز أحد نجوم الأهلي الكبار وعلى رأسهم محمود الخطيب، ومصطفى عبده، وعبد العزيز عبد الشافي، ومختار مختار الهدف الأول في المباراة ليفوز بالسيارة بي أم دبليو الفئة الثالثة، يفاجئ أحمد عبد الحليم لاعب الزمالك كل المصريين، أهلوية وزملكاوية، بإحراز الهدف الأول في مرمى الأهلي في الدقيقة الرابعة من عمر المباراة، في مفاجأة مدوية مهدت لفوز الزمالك بالمباراة 2 / صفر، وترجع المفاجأة، إلى أن أحدا لم يكن يتخيل أن الزمالك يمكن أن يحقق الفوز على الأهلي في ظل غياب مجموعة من نجومه المتميزين على رأسهم النجمين الكبيرين حسن شحاتة، وعلي خليل.

وبعد نجاح تجربة لاعبي كرة القدم اتجه حسام أبو الفتوح لنجوم الفن للترويج لسيارته المجهولة للمصريين.. ولم يجد أفضل من حسين فهمي الممثل الوسيم "الواد التقيل" المعروف بعشقه للسيارات الرياضية الأمريكية خاصة الشيفروليه الكامارو الشهيرة، وأتذكر أن رواد نادي الجزيرة فوجئوا في ذلك الوقت بحسين فهمي الذي كان قد وصل لقمة نجوميته في هذا الوقت وهو يقود سيارة بي أم دبليو الفئة الخامسة في أول ظهور لهذه الفئة في مصر، لتتحول بعد ذلك إلى الفئة الأكثر رواجا بين السيارات الفاخرة في مصر.

ومثلما عانت بي أم دبليو من الحاجز النفسي للمصريين في سبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي، ظلت السيارة "أودي" تعاني هي الأخرى من الحاجز النفسي بين عشاق السيارات الفاخرة في أوروبا والعالم رغم جودتها الفائقة بالقياس بالسيارات الفاخرة المنافسة مرسيدس، وبي أم دبليو، وجاجوار الإنجليزية.

وهنا لم تجد شركة أودي أفضل من نجوم نادي ريال مدريد للترويج لسياراتها الفاخرة . ولم يكن نادي ريال مدريد قد حقق بطولة أوروبا للأندية، إلا ودعت شركة أودي الألمانية العريقة، نجوم ريال مدريد، باختيار السيارة التي تروق إلى كل لاعب منهم مهما غلا ثمنها سواء كانت السيارة التي سيختارها اللاعب هي سيارة من طراز سيدان عادية، أو رياضية ، أو سيارة دفع رباعي، علما بأن بعضها يتخطى ثمنه 150ألف يورو (30 مليون جنيه مصري ).

لكن شركة أودي اشرطت على لاعب ريال مدريد الذي يقبل الهدية الثمينة أن يذهب بالسيارة المهداة للتدريب مع الفريق لمدة عام كامل يتم خلالها منح الحق للشركة في تصويره والترويج لسيارتها وهو على متنها. وبالفعل ساهم لاعبو ريال مدريد أشهر أندية العالم وعلى رأسهم، كريستيانو رونالدو، الحاصل على لقب أفضل لاعب في العالم أكثر من مرة، في كسر الحاجز النفسي لمحبي السيارات الفاخرة عندما يوضعوا في وضع الاختيار الصعب بين أودي وبين منافسيها مرسيدس، وبي أم دبليو، وجاجوار.

ولا يمكن للمصريين أن ينسوا قيام أحد رجال الأعمال المصريين باللجوء لكريستيانو رونالدو عقب فوزه بلقب أفضل لاعب في العالم لعمل الدعاية اللازمة لمصانع الحديد التي يمتلكها في شهر رمضان 2017 مقابل 22 مليون جنيه مصري. وأعتقد أنه لو كان انتظر قليلا، لمنح نجمنا العالمي، محمد صلاح، ضعف هذا الملبغ، لعمل الدعاية اللازمة لمصانعه، لكن محمد صلاح لم يكن في الموسم الماضي قد حقق الطفرة الهائلة التي حققها منذ انتقاله في موسم 2018 من روما الإيطالي لليفربول الإنجليزي، ليصبح أكبر منافس لرونالدو، وميسي، على لقب أفضل لاعب في العالم.

ويعتقد البعض خطأ، أن الممثل محمد رمضان، عندما يتعمد استعراض سياراته الرياضية الفاخرة أمام الشاشات وأمام حشد من الجماهير، ما هو إلا نتاج شعور بنقص يتعلق بمستواه الاجتماعي المتواضع الذي كان عليه قبل أن يحقق الشهرة والنجومية، كما أوعز بذلك في أحد البرامج التلفزيونية زميله الممثل، هشام سليم، سليل أسرة صالح سليم العريقة.. لكن من يعرف جيدا كواليس صناعة الدعاية والإعلان لا بد وأن يدرك أن ما يقوم به محمد رمضان هو في واقع الأمر دعاية، إعلانية، ترويجية، للسيارات التي يمتلكها من طراز فيراري، ولامبورجيني، ومازراتي. ويظهر ذلك بوضوح من خلال تعمد النجم، محمد رمضان، تجميع الجماهير حوله وهو أمام عجلة قيادة سيارته اللامبورجيني، ذات المحرك الجبار الذي ينافس محركات الطائرات النفاثة في قوتها وعزمها ، ثم يقوم بالضغط بقوة على بدال السرعة ليخرج النار من شكمانها وهو يقول للجماهير المحتشدة في مشهد دعائي واضح للامبورجيني "بإذن الله حنولعها".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط