الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف كان ينظر الإخوان لـ 30 يونيه ..!!


لم يتوقع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان أن تكون نهاية قلب تنظيمهم واقصد بقلب التنظيم هنا في مصر الذي يعتبر القبلة الأولي في التشريعات الخاصة بتحركات الإخوان علي مستوي الـ 88 دولة المنتشرين بها، ولم يتوقع الإخوان في الداخل أن يكون الشارع الذي أتي بمحمد مرسي رئيسا هو نفسه الذي يقرر فورا التخلص منه والإطاحة بحكم الإخوان وأتباعهم من الجماعات التي خرجت من عباءتهم مثل حزب النور السلفي أو الأحزاب التي انبثقت من رحم الجماعة التي ضلت الطريق سريعا واتجهت إلي حكم الفرد ونشر الفاشية الدينية علي أساس ان من يعارض حكمهم فهو " كافر " وأن القتل أو الرجم هو الطريقة الأمثل للتخلص منه لتنقية المجتمع من الشعب الكافر الزنديق كما كانوا ينظرون لكل من يعارضهم.

وكنت قد أجريت اتصالات عديدة مع محمد البلتاجي وعصام العريان ومحمد بديع و صلاح عبد المقصود وزير الإعلام في ذلك الوقت وخيرت الشاطر وصابر أبو الفتوح عضو مجلس الشعب عن الإخوان قبل حل المجلس واحد أهم قيادات الإسكندرية وكان يمثل همزة الوصل بين القاهرة والإسكندرية والبحيرة، لمناقشة الأوضاع واتفقوا جميعا علي مصطلح واحد ويبدوا انه خرج من مكتب الإرشاد واصفين أن مايحدث الأن عبارة عن " زوبعة في فنجان " وأن الأمر سيمر عادي لأننا جئنا عبر صناديق الٌاقتراع وان الشعب الذي أتي بنا أصبح مجهد ولم يكن مستعد الان بالتحرك ضدنا.

وعندما عرض أمر 30 يونيه علي قادة التنظيم في مكتب الإرشاد لم يكن أكثر المتشائمين أن يجرؤ هذا الشعب بالخروج علي الرئيس الذي فيما يبدوا أنه أصبح مدمن لكلمة واحدة وهي الشرعية التي قررها في خطابه الأخير قبيل الثورة مباشرة 56 مرة خلال 16 دقيقة.

لكن الحقيقة أن الأخوان وتنظيمهم فشلوا مرة أخري في قراءة المشهد السياسي جيدا وكان لي تصريحات وقتها نشرت في الصحف ووصفت قادة التنظيم بأنهم يجلسون في برج عاجي وفشل في أن يجد القدرة علي الإرادة السياسية لدولة كبيرة مثل مصر واعتقد أنه عندما يقصي " بضم الياء " كل النابغين عن مقاعد الإدارة في الإخوان معتقدين أنهم سيصلون للقمة بإبعادهم عن طريقهم، وعندما جاءت المنحة الربانية واقصد هنا بالمنحة الربانية هي وصول ممثل لهم لحكم البلاد بعد إنتظار أكثر من 84 عام من تأسيس جماعتهم كانوا بمن حلم أثناء النوم وعندما إستيقظ وجد بان الحلم تحقق واصبح حقيقية علي ارض الواقع.

ولكنهم لم يعتقدوا أبد ان تكون هذه المنحة هي التي تصنع نهايتهم لانها كشفت عورتهم الحقيقية في الحكم وأنهم يتطلعون للسلطة لخدمة أهوائهم وأطماعهم التي ظهرت بوضوح أثناء تواجدهم علي منصة الحكم بكل الطرق المباحة وغير المباحة بدليل أنهم كانوا ينظرون لـ 30 يونيه علي أنه عمل عادي وزوبعة في فنجان وهو الأمر الذي كان ينظر الرئيس الأسبق حسني مبارك وحكومة الحزب الوطني المنحل الي ثورة 25 يناير علي أنهم ايضا عمل سطحي ولن يتعدي الأمر زوبعة في فنجان وكأن هذا المصطلح أصبح شماعة يتعلق عليها كل من يفشل في قراءة الواقع جيدا .

لكن الإخوان وأنصارهم استخدموا لغة التهديد والوعيد لكل من يحاول النزول في 30 يونيه وكانت لغة الخطاب تؤكد انهم سيسحقون كل من يفكر في النزول للشارع في إشارة إلي تحويل البلاد إلي فرق متناحرة وحرب أهلية بين القوي والتيارات المختلفة وكانوا يستعدون لهذا الأمر من خلال تدريب كوادرهم علي أسطح المساجد والساحات المغلقة وقد لمست الأجهزة الأمنية هذا الأمر الذي جعل الجميع يفكر فعلا بأن البلاد تدخل علي منحدر خطير للغاية وأن الإخوان استعدوا جيدا من خلال تخزين أسلحتهم في الضفة الأخرى من القناة حتي أصبحت شبه جزيرة سيناء عبارة عن ترسانة من الأسلحة المتنوعة التي كانوا يستعدون بها لمواجهة أي خطر يحيط برئيسهم وخليفتهم كما كانوا يطلقون عليه .

لكن فشل الإخوان في قراءة المشهد جيدا قدم خدمة جليلة للشعب المصري والشارع السياسي خاصة وإنهم لم يدركوا أن 30 يونيه هي من استخدم فيها عبقرية الزمان ولغة الذكاء السياسي وقراءة عقول الرأي العام علي أكمل وجه ولم تأت هباء كما يعتقد البعض لأن الثورة تم التخطيط لها علي أكمل وجه وبطريقة ذكية واستخدم فيها ذكاء السياسية والاقتصاد خاصة بعد معايشة الشعب الإخوان خلال العام واكتشفوا أن الإخوان فارغون تماما من الداخل واكتشفوا أيضا أن فشلهم في قراءة المشهد السياسي والقضايا المصيرية مثل قضية سد النهضة التي نوقشت علي طريقة فيلم " الكيت كات " للفنان محمود عبد العزيز عندما ترك عامل الميكرفون مفتوحا ليفشي الرجل الكفيف محمود عبد العزيز أسراره الشخصية وأسرار الحي كله وهو الأمر الذي فعلة أيمن نور عندما قال في اجتماع الرئيس أننا سنرسل كام طيارة علشان تضرب سد النهضة وبعد كدا نحلف لأثيوبيا إننا مش إحنا اللي عملنا كدا .

قد يعتقد البعض أنني أتحامل علي الإخوان في هذا المقال خاصة عندما يرد ويقول أن الإخوان التي تأسست في 1928م علي يد حسن البنا نجحت أن تتعامل باحترافية وذكاء سياسي مع الملك فاروق وتعاملت مع الرئيس عبد الناصر حتي حادث المنشية وتحالفت مع السادات حتي خرجت منها عباءة المتشددين واستطاعت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك أن تحجز لها مكانا في مقدمة الصفوف السياسية ونجحت الجماعة في الحصول علي 88 مقعد في برلمان 2005م ووجدت لها طريقا مع المجلس العسكري واكتسحت انتخابات مجلس الشعب بعد ثورة يناير فكيف تكون هذه الجماعة تخرج بالشكل الذي وصفت فيه الآن .

لكن الرد علي مثل هذه التساؤلات أن الإخوان عاشت منذ بدايتها علي الصفقات وكان أول صفقة حصل عليها حسن البنا نفسه بعد ان ترك قرية الإسماعيلية ونزح للقاهرة علي مبلغ 14 ألف جنية مصري من قوات الاحتلال الإنجليزي وهو مبلغ خيالي في هذا الوقت وان هذه الصفقات سيطر عليها التنظيم الخاص للجماعة الذي كان يشرف عليه حسن البنا بنفسه وندم علي أنه أسس التنظيم الخاص بعد ان فقد السيطرة عليه وقام التنظيم مرة أخري أثناء حكم عبد الناصر عندما تكون تنظيم القطبيين في الخارج وقبض عليهم عبد الناصر وهذا لا يمنع أن تعقد الصفقات ولكن في عهد السادات كانت صفقة صريحة لكن السادات أخطأ عندما أفرج عن الإخوان وعن القطبيين وعن التنظيم السري وطلب من عمر التلمساني أن يبعد التنظيم السري عن مقاعد الإخوان ولكن التنظيم السري للإخوان تآمر علي التلمساني بعد مقتل السادات في القضية 122 لسنة 1983 وأراد ان يتولي التنظيم قيادة الإخوان بعد وفاة التلمساني، وتولي حامد ابو النصر ومصطفي مشهور و استطاع التنظيم أن يتوغل وأن يتحكم في الإخوان وان يقوم بعقد الصفقات من خلف الستار وكنت شاهدا علي مثل هذه الصفقات قبيل انتخابات 2010عندما وقف صفوت الشريف يعتذر لمحمد بديع وهو يقول له " سامحنا يامولانا " مفيش حد هيكون له نصيب في مجلس الشعب الدورة دي فرد بديع في هدوء .. المهم أن تسير الأمور متوازنة ولم يعلق وابتسم ابتسامة هادئة.

نعود الي 30 يونيه حيث بدت شوارع القاهرة شبه خالية من المارة ووسائل المواصلات والسيارات الخاصة أغلقت المحال التجارية وأفرغ أصحابها محتوياتها وعتموا واجهاتها الزجاجية، خشية اندلاع أعمال عنف، لكن مع اقتراب غروب شمس اليوم، بدا للجميع أن ثورة غير مسبوقة تتهيأ، واحتفل ملايين المصريين على امتداد البلاد حتى منتصف الليل بنجاح دعوتهم، وهو الأمر الذي أذهل الإخوان أنفسهم وخرجوا مذعورين وفقدوا السيطرة علي الامور وتجمعوا في ميدان رابعة والنهضة مستنجدين بحلفائهم في الخارج الذين فشلوا في إنقاذهم أمام شعب جعل الثورة عنوانا له لأسترداد بلاده من الفاشية الدينية.. اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط