الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"النجوم الصغيرة".. الأعلى سعرا!


أكبر درس يمكن أن نخرج به من مونديال روسيا ٢٠١٨، فضلًا عن دقة التنظيم والمكاسب الاقتصادية الطائلة، هو ورقة الشباب الرابحة فى أى حدث باعتبارها "الذهب" الذى يوفر الأمان لأى شعب أو دولة، وبالرجوع إلي نتائج البطولة وسيناريوهاتها المثيرة منذ الأدوار التمهيدية وحتى جولة النهائى الحاسمة، نكتشف أن كلمة السر فى انتصارات المنتخبات مفتاحها عند "النجوم الشابة" ذات الأعمار الصغيرة بما تتمتع به من لياقة بدنية ممتازة وموهبة فنية واضحة واستجابة عقلية ناضجة وحيوية لتعليمات المدربين وخططهم، مما أدى إلى سقوط الكبار و"الأسود العواجيز" في الامتحانات الأولى، ليتفوق الأشبال ويتصدرون المشهد ويصلون إلى لحظة التتويج التاريخية!.

هذه الزاوية تفتح المجال لقياس الموقف على الوضع الرياضي في مصر لتقييم ما حدث من خروج مبكر مخجل وفوضى إدارية ومُناخ فاسد يسود أوساط لاعبي المنتخب الوطنى وجهازه الفنى، على الرغم من أن قوام الفريق الرئيسى من الشباب، وفى مقدمتهم محمد صلاح فارسنا النبيل فى البيئة الإنجليزية المحترمة والمحترفة.. ولسنا بصدد الحديث عن وقائع وأحداث موسكو، فلها شأن آخر وتحقيق خاص جدًا، ولكن ما يهمنا فى المرحلة المقبلة هو التغيير الشامل والجذرى المنتظَر فى منظومة العمل الرياضية، والتغيير يبدأ من حيث انتهى مونديال ٢٠١٨ عندما ارتفع شباب اللعبة فوق الأعناق ونالوا اللقب الكبير وذهبت جوائز "الأفضل" فى كل مركز إلى البراعم التى زيَّنت منتخباتها طوال مشوار البطولة فى إصرار ومهارة وعلم مدروس.

وإذا كانت أنظار النقد تتجه إلي اتحاد الكرة وتصفيته من بؤر "الشللية" ومافيا التربح والسماسرة، فيجب أن نكرس طاقتنا وجهودنا وأموالنا نحو أكاديميات الأندية لاستخراج المواهب الناشئة من مستودعها وتجهيز عناصر جديدة دائمًا من "النجوم الصغيرة" لتحتل موقعها في الفريق الأول ثم تصعيدها إلي المنتخبين الأوليمبى والوطنى لتتحمل المسئولية وتستعد بقوة للمشاركة، بل والمنافسة في كأس العالم خلال دوراته التالية.. وأصول التربية تنطلق من كل نادٍ على حدة برئيسه وأجهزته وقطاعاته وغرس مبادئ الانتماء والسلوك الاحترافى المثالى داخل كل لاعب صاعد لينعكس ذلك بدوره على سعره فى بورصة الصفقات المليونية.

لقد تعرضت قطاعات الناشئين فى أنديتنا فى السنوات الأخيرة لحالة من الترهل والإهمال - قد يكون متعمدًا لهدم قيم الرياضة وإجهاضها - وحانت اللحظة بعد "زلزال روسيا" لاستعادة الثقة في صغار السن والدفع بهم فى مقدمة الصفوف، خصوصًا وأن تجارب الماضى مع الجنرال محمود الجوهرى والمعلم حسن شحاتة استمدت قوتها وبقاءها فى ذاكرة التاريخ من أقدام الشباب وتحولوا بتراكم الإنجازات إلي "عملات ذهبية" تزداد نفاسة ولمعانا!.

تلك الشهادة يعلمها الجميع ولا يتجاهلها سوى المتواطئين وأساتذة الفشل.. وأحاول تسجيلها مجددا مع بداية الدورى المصرى للعام الجديد والحديث عن تصحيح المسار للمنتخب الوطنى، بالإضافة إلى ظهور "تاجر" من فصيلة خليجية شرهة للمال يسعى لاستغلال "جوع" الوسط الرياضى عندنا لمصلحته الشخصية وحساباته الدقيقة، غير أن الحقيقة الغائبة عنه هو أن صناعة النجوم وأي مجد كروى لا يتحققان إلا من البوابة الشرعية التى تُفتح أمام "أجيال الناشئين" عندما يمارسون اللعبة بالصورة الطبيعية وتنمو مهاراتهم تدريجيا ولايتطور الأداء والفكر إلا بهم .. أما الفناء الخلفى الذى يعتمد علي صفقات الإغراء وشراء النسخ المستوردة بأرقام فلكية، فلا نتوقع منها سوى المزيد من التخبط وإهدار الوقت والمال والفرص .. ولايزال إيمانى عميقا وراسخا بأن "النجوم الصغيرة" هم الأعلي سعرا!!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط