الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ربكم الأعلى


نِعم الله كثيرة على الإنسان ، عصية علي الحَصرِ ، سخية في الذِّكْر ، أبية في الفِكر ، والله الفضل وزع النِعم بالعدل ، ومن إحدى هذه النعم نعمة الكتابة! وإذا كان حفظ النعمة بشكرها وذكرها وحُسْن أستخدامِها. 

لِذَا فدائمًا ما أدعو الله أن يذرني أن أكون مِن الشاكرين الذاكرين لمُتعة الإمساك بالقلم ( قبل أن يتحول للضغط على زراير الكي بورد) .

ولذا عاهدت نفسي ألا أُسخِر قلمي يومًا للخوض في سيرة الأشخاص مهما أغراني عبثهم بأن أسطُر لهوهُم، ولا التعرض للأشياء حتي لو جذبني ألّقها لأكتب عن شبقها! فإيماني راسخ بأن علاج الباطل اجتنابه !

ولكن تِلْك المرة شعرت إذا تركنا الباطل سيصير حقًا بمرور الزمن ، وتذكرت المثل الهندي القائل نصرة الحق شرف ونصرة الباطل سرف ، وفِي تلك الحالة فإن السكوت هو الانتصار المنشود للباطل.

مُنذ أيام قليلة خرج علينا محمد رمضان بأغنية جديدة بعنوان " أنا الملك " أثارت ضجة كبيرة علي كل مواقع التواصل الاجتماعي وأماكن التواصل الإنساني .

وربما إنها مرة من المرات القليلة التي تتفق وجهة نظر الناس حول الصدمة في الفعل، وإن تباينت ردود أفعالهم حول ردّ الفِعل .

فالأغنية إنما جاءت لتكشِف بوضوح مدى العوار النفسي الذي يعانيه محمد رمضان، عوار أشارت له علي استحياء الأغنية الأولى " نمبر وان " ولكن أكدته بما لا يجعل هناك مجالًا للشك أغنيته " الملك " !

هذا الممثل الشاب الصعيدي الأسمر قدّم حوالي عشرين فيلما وعشرين مسلسلا نصفهما كومبارس صامت ، ونصف النصف أدوار مساعدة وما تبقي هو رصيد نجوميته الذي يعاير منافسيه به ويصفهم بالقطط أمام الأسد الذي صنع نجوميته من مجموعة أعمال لا تتعدى مجموع أصابع اليدين!

لم أكُن يومًا مِن متابعي أعمال رمضان ليس تقليلًا من شأنه ولكن ربما يتعلق ذَلِك بشأني فيما يتناوله من موضوعات ، مهما بلغت واقعيتها ، فالطريقة التي يعالج بها موضوعاته تثير حنقي ، لذا آثرت السلامة وقررت أن أنأى بنفسي بعيدًا عن صخب رمضان واكتفيت بالرهان علي أن نجمه سيفِل سريعًا ، وكسبت أولي جولات الرهان عندما لم تصمُد مسرحيته طويلًا علي نفس المسرح الذي شهد نجاح مسرحيات عادل إمام لسنوات كفيلة بأن يُصبح فيها الطفل شابًا!

لا شك أن جمهور رمضان هو قاعدة عريضة أغلبهم من الباحثين عن الحلم ، الساخطين علي الواقِع ، المستضعفين النفس و المستقوين بالباطِل !

هؤلاء الذين صفقوا طويلًا عندما قدّم مشهد ( التجريس ) وسريعًا انتقل كالنار في الهشيم لنجد عددا لا بأس به من التراس رمضان يقوم بإعادة تمثيل المشهد لٰكن دون كاميرات أو مخرج ، إنما هو مُخرَج لما شجعهم عليه نجمهم المُفضل ! الذي سعى وراء الشهرة السريعة وتناسي الأمانة التي تقع علي أعناق كل من يقف أمام الكاميرا أو خلف الميكروفون.

وزاد الطين بلة عندما تسبب في وفاة عدد يقارب عدد أعماله ، بسبب تأثر مجموعة من المراهقين بشكل و طريقة رمضان فما كان إلا أن اعتادوا التمازح بالسلاح مما نتج عنه مأساة والباقي لا داعي لذكره.

الطبيعة البشرية كما هي بحاجة للماء والهواء والطعام بحاجة للقدوة والنموذج الأعلي، وفِي بلد يعاني من نسب مرتفعة من الفقر والجهل والأمية من السهل أن يسيطر عليه النموذج الرمضاني .

ولٰكن يظل هناك سؤال لرمضان يلح عليّ ولا أَجِد له إجابة " لمن "؟

لمن توجه تلك السلسلة من الكليبات ؟ إذا كانوا منافسيك فلن تجني إلا الشفقة منهم لما وصل له حالك من مرض جنون الشهرة الذي يبدو إنك لا تستوعب ما أنت فيه، وإذا كان لمعارضيك وأنا منهم فلم يزدك هذا إلا استهجانًا ونكرانًا ، أم من نصيب جمهورك الذي ينتمي معظمه للطبقة التي تستكمل عشاءها بالنوم! بينما أنت غارق في الثروات والملذات والحسناوات !

عاش أحمد زكي وربما لم يمتلك يومًا سيارة، ومات أحمد زكي وهو نزيل أحد الفنادق فلم يكن لديه شقة ، رحل عنا جسدًا وترك لنا عملًا لن يفارق وجداننا و حياتنا إلا يوم أن نفارق نحن الدنيا .

على مر السنين الذهبية في عمر الفن المصري الذي امتلأ بملوك متوجين علي قلوب المصريين والعالم العربي ومنهم من خطي بثقة للعالمية ، لم يخرج علينا من يُتحفنا بصوته الأجش بأنه الملك الأول !

وحتى أبناء جيلك من الشباب لم يتجرأ أحدهم يومًا علي جمهوره أو منافسيه ورقصَ رقصة الأسد كيدًا في حساده!

محمد رمضان ظاهرة كأي ظاهرة تعترض المجتمع ، تحيا قليلًا وتموت سريعًا ، ولكن وجدت الظواهر لنحللها ونفسرها لنستفيد من تلك التجربة فيما سيليها من تجارب وظواهر ، فعلى أطباء الأمراض النفسية تحليل مأزق رمضان و أزمة جمهوره ، قبل أن يصدر لنا أغنية جديدة لن نتفاجأ إذا كان عنوانها " أنا ربكم الأعلى"!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط