قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكاية محل عم جمال.. صانع قمصان الأجانب والدبلوماسيين بوسط البلد


"الأقمشة المعروضة مصنوعة من القطن المصري الخالص 100%"، تحتل هذه اللافتة موقعا رئيسيا في واجهة محل "قمصان جي جمال"، وهو أحد محال حياكة الثياب في شارع عبد الخالق ثروت، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1949.

وعلى الجانب الآخر من الواجهة، توجد نفس العبارة ولكن مكتوبة باللغة الفرنسية.

داخل المحل الذي مازال يحتفظ بعبق الماضي الجميل، كشف "صدى البلد" سر هذه اللافتة.


محل أنيق يضم قطعا من القماش مختلفة الألوان موضوعة داخل فاترينة كبيرة تتوسطها صورة ملونة تبدو قديمة لكوكب الشرق أم كلثوم، ثم لافتات تحمل عبارات دينية مختلفة منها الحديث النبوي الشريف "لا تغضب"، ولوحة تحمل بداخلها كلمة "الصبر" في الجانب الأيسر، وتتوسط المحل صورة الحاج "جمال" صاحب المحل ومؤسسه الذي درس فن تصميم الأزياء.


ممدوح جمال، الابن الذي رفض إغلاق والده للمحل بعد مروره بأزمة صحية، وترك فرنسا التي كان يسافر إليها كل عام إلى جانب دراسته اللغة الفرنسية في كلية الآداب، وبدلا من استكمال دراسته والاستقرار في فرنسا، فضل ممدوح وراثة مهنة والده، وهو ما لم يكن يفكر فيه مسبقا، "النصيب بقى كان كده"، يقول ممدوح.

كان ممدوح، 59 عاما، يراقب العمل عن كثب في مصنع الملابس الخاص بوالده؛ حتى اكتسب "الصنعة" كما يصفها بالوراثة، وأثناء إحدى زياراته إلى فرنسا قرر دراسة تصميم وحياكة الملابس وتم تقييمه قبل إلحاقه بالتدريب وحصل على درجة مرتفعة؛ وهو ما لم يتعجب منه فهو يراقب والده دائما، وعقب قراره السريع إدارة المحل والمصنع خلفا لوالده تمكن من إدارة النشاط حتى بعد عودة والده ومستمر حتى الآن، وكانت سر عودته المكانة الكبيرة لمحال منطقة وسط البلد والتي لم يتقبل معها إغلاق والده للمحل.


بكثير من الدقة يختار ممدوح العاملين معه؛ فهو يقول إن زبائنه أيضا يختارونه بدقة، "غالبية زبائني من الأجانب لاسيما الدبلوماسيين، وكان الرئيس الراحل محمد أنور السادات من أشهر زبائن والدي".

وعن سر اهتمامه بالقماش المصري قال: "القطن المصري هو الأفضل في العالم وتفريطنا في ريادتنا في زراعة القطن خطأ كبير؛ لأن لدينا أجود أنواع من القماش لا يمكنني التنازل عن التفصيل به، أما إذا أراد الزبون شراء قماش مخالف له الحق في ذلك، لكني لا يعجبني سوى القطن المصري، والذي يدرك الأجانب قيمته".


يقول ممدوح جمال إنه يشتري القماش المحلي من منطقة الأزهر، وتوجد مصانع حكومية مازالت تنتج، إلى جانب مصانع قطاع خاص جديدة تنتج أفضل الأنواع، لكنه يشعر بالحزن بسبب عدم تقدير قيمة المنتج المصري، إضافة إلى تفضيل المنتج الجاهز عوضا عن التفصيل المقدرة قيمته عالميا، ولكن يشعر بها المستهلك المصري.

وبسؤاله عن الفارق بين منطقة وسط البلد قديما وبين وضعها الآن، أطلق ممدوح جمال تنهيدة طويلة وقال: "فرق السما من العمى وخصوصا بعد عام 2011 حيث تغيرت الأوضاع للأسوأ".