الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لعنة الخواجة


أفهم أن يفكر جهابذة اتحاد الكرة فى إسناد مهمة قيادة المنتخب الوطنى بعد كارثة مونديال روسيا الأخيرة لمدرب أجنبى جديد يتمتع بسيرة ذاتية فريدة من نوعها، وذى باع وبصمات في مشوار البطولات والإنجازات مع أعظم الفرق وأقوى المنتخبات فنيا وتاريخيا .. فلماذا لا نذهب بعروضنا السخية وأموالنا الزكية لمدربين كبار من فصيلة الإسبانى جوارديولا أو الإيطالى مورينيو أو الأرجنتينى سيميونى انطلاقا من سجلهم المشرف فى عالم التدريب الكروى؟!

وأفهم أيضا أن تسير البوصلة فى الاتجاه المعاكس - وهو الاحتمال الأقرب وقتذاك إلي الصواب والمنطق - ويقرر الاتحاد "الناجح" الاعتماد علي فلسفة المدرب الوطنى وتجديد الثقة فى إمكانياته وقدرته على استثمار اللاعبين واحتضانهم والالتفاف معهم حول هدف العودة إلى منصة التتويج ورأس القائمة، خصوصا وأن الساحة الرياضية مكتظة بنوعية متميزة من المدربين الذين صقلتهم موهبة اللاعب وخبرة "الكوتش" على الخط .. والفرصة الآن مواتية لإفراز جيل معاصر من مدربى المنتخب الوطنى لاستعادة أمجاد الماضى وتكوين فريق أكثر
انسجاما وتماسكا!!

أما ما يعجز العقل عن فهمه هو أن يتجاوز العناد والصلف والحماقة بمن يملكون القرار كل الحدود ويفاجئوا الرأى العام بالاتفاق مع مدير فنى "مكسيكى" على قيادة المنتخب، ولمدة ٤ سنوات براتب شهرى يصل إلى ١٢٠ ألف دولار، فضلا عن الامتيازات الأخرى المعروفة مع مساعديه الأجانب .. وقد يتوقف أى واحد من الناس قليلا أمام تاريخ المدرب ليبتلع "شيك" الاتحاد للخواجة الجديد ويهضمه، فإذا بالصاعقة تهبط على رأسه عندما يعلم أن صاحب المهمة "الوطنية" متهم بالتلاعب في نتائج المباريات وينتظر حكما قضائيا وشيكا جزاءً للاتهامات الموجهة إليه .. ناهيك عن أن إنجازاته مع الفرق التى تولى تدريبها لاترقى إلى منحه شرف قيادة أضعف المنتخبات.

المسألة فى جوهرها لا تتعلق فقط بغياب معايير فنية واختفاء أسس موضوعية فى الاختيار والترشيح، ويخطئ من يختزل المشهد فى موقف رياضى بسيط أو مجرد لعبة .. لأن ما يحدث يعبر عن ثقافة أصيلة فى مجتمعنا بات من الضرورى التخلص منها .. ثقافة صنعت أسلوبا فى التفكير والإدارة يجتاح المؤسسات ويسود دوائر صنع القرار بكل أشكالها .. ومع الأسف تنتشر هذه الثقافة القائمة على المصالح وتبادل المنافع دون مساءلة أو محاسبة صارمة، وتقوى شوكتها أمام ضعف "سيف" الرقيب المصنوع فى السنوات الأخيرة من ورق سوليفان.

والمهزلة التى تتكرر صوب أعيننا اليوم هى استسلام لسلسلة أخطاء وصور فساد مالى وإدارى لاتنتهى، وتتطلب تدخلا على أعلى مستوى لتجريف "الجبلاية" وتطهيرها من الصفقات المشبوهة المُستغِلة لأموال الدولة وأبناء الشعب، ولايزال درس روسيا عالقا في الأذهان ونتجرع مرارته.

وأتذكر يوم أن صدر قرار رئاسى بعودة الجنرال محمود الجوهرى مدربا وطنيا بعد فشل الألمانى فايتسا في مهمته عام ١٩٩١ رغم كونه صاحب مدرسة رائدة غيَّرت من خطوط الكرة المصرية، غير أن المسئولية الشريفة اقتضت تصحيح المسار بمن يعيد لغة الأرقام ويعزف نغمة الانتصارات .. وأولا وأخيرا ابن البلد .. ابنها الذى يستطيع فى أى مجال أو موقع بمساحة من الصلاحيات وبعض الإمكانيات أن يتفوق على الغريب ويحقق المعجزات .. الابن الوحيد القادر على فك سحر "لعنة الخواجة" .. التى لم تعد الآن مجرد عُقدة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط