الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العظيم 101!


كتاب "الخالدون المائة" تأليف العالم الأمريكي مايكل هارت، وترجمة الفيلسوف الموسوعة أنيس منصور من نوعية نادرة تفتح شهيتك للاطلاع والتثقيف وإضافة معلومات ثمينة لمخزونك الإنسانى قبل المعرفي.. ومع كل نجم يتناول الكاتب حياته وسيرته ومشواره نحو الإبداع فى مجاله، تخرج بـ "حزمة" من القيم والدلالات من كل قصة على حدة، فى مقدمتها إسهامات كل "عظيم" لخدمة البشرية والمجتمع الذي عاش فيه، ومقدار ما تركه من أثر فى الحياة وتغيير جوهرى لمجرى التاريخ.
 
وينتهى المطاف بنا إلى حالة خاصة من المتعة الفكرية لنكتشف أن القطاع الأعظم من الخالدين تشكله فصيلة العلماء والعقول المبحرة في العلوم والرياضيات والكيمياء والفيزياء.. بينما الوجه الآخر من العملة مصنوع من رجال السياسة وعباقرة الفلاسفة والمفكرين، وأصحاب القرارات المصيرية والرسالات الدينية لبناء الإنسان ومخاطبة روحه وتكوين مبادئه.. وعند كل رمز من الرموز الـ ١٠٠ نقف ونتأمل ويفرض السؤال نفسه وبقوة: هل ثمة عظماء آخرون فى هذا الفضاء العريض عجز الكاتب الشجاع عن الوصول إليهم وتسجيل دورهم؟!.

السؤال طرحه هارت فى كتابه "الكنز"، وأجاب عنه بشفافية وصراحة عندما أقر باجتهاده فى قراءة التاريخ ومتابعة متغيراته وأبطاله فى حدود معرفته وإلمامه بأكثر الشخصيات تأثيرا وبصمة ومكانة.. فقد فاته إنجازات معبود جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا، وغاب عنه سمو ونبل المهاتما الهندى غاندى، وبسالة وشرف الزعيم الليبي عمر المختار.. وغيرهم.. فهناك نماذج إنسانية شديدة الخصوبة والإنتاج، والمدهش أن ما دار بداخلى تزامن أثناء قراءتى للكتاب مع انتشار خبر تكريم الرئيس الراحل أنور السادات - وبالإجماع - فى الكونجرس الأمريكى منذ أيام، ومنحه الميدالية الذهبية تقديرًا لجهوده ورؤيته الثاقبة عند اتخاذه قرار السلام والمصافحة مع العدو الإسرائيلى كمرحلة أخيرة لإنهاء فصول الحرب والدمار واسترداد الأرض المغتصَبة بالذكاء والمكر السياسى، وإرساء دعائم السلام فى العالم فاستحق عن جدارة منذ أكثر من ٤٠ عامًا جائزة نوبل لـ " بطل الحرب والسلام".. وما كان التكريم الأمريكى إلا اعترافا تاريخيا بدور وعظمة "ابن النيل" فى زرع مبادئ الهدوء والأمن والاستقرار ووقف آلة الحرب والقتل حتى وإن ظهرت فى الثوب النقى بضع بقع سوداء نتيجة سوء الاستخدام أو نقص الخبرة فى حمايته من وسائل والتدنيس وأساليب التلويث.

- لقد أنعش تكريم الكونجرس للسادات بعد ٤ عقود ذاكرة المرء لاستعادة أمجاد وبطولات الجيش المصرى فى ملحمة أكتوبر الرائعة .. فى عهد القائد السادات .. وظهور قامات ورجال دولة شرفاء وأكفاء ويتمتعون بالوعى السياسى وعمق التفكير .. باختيار السادات .. ورسم خريطة بناء وطن منفتح على العالم ومتفاعل مع متغيرات وتطورات العصر الحديث .. بفِكر وخيال السادات .. وصبر ومثابرة ودهاء ضابط الجيش الوطنى المخلص لبلده سواء داخل "الزنزانة ٥٤" فى شبابه، أو عندما تولى القيادة وتحمل عبء الهزيمة وتِركتها الثقيلة أمام الشعب والعالم ليبلغ بمهارته وتخطيطه وحنكته الانتصار ويعيد الكرامة إلى أصلها .. إنه السادات .. الرئيس الذى نال الاحترام والتكريم من الأعداء قبل الأصدقاء .. والإنسان الذى تجلَّت عظمته باستشهاده فى نفس اليوم الذى عبر فيه نحو التاريخ ، فى رسالة إلهية بليغة وضعته فى صفوف "الخالدين"، ليحظى بالرقم "١٠١" من قائمة "صُنَّاع الحياة"!.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط