الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مستقبل الإخوان في تركيا والعالم إذا سقط نظام أردوغان..!! (2/ 2)


في مقالي السابق تحدثت عن مستقبل الإخوان في تركيا إذا سقط أردوغان، وهل يتمسك الغرب وأمريكا ببقائهم كعملاء ناشطين في تحقيق أهدافهم بالمنطقة العربية.

خلال المائدة المستديرة أثناء مشاركتي في ندوة حول مستقبل الإخوان في تركيا إذا سقط نظام اردوغان بعد الأزمة الاقتصادية التي تتعرض الدولة التركية نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض من جانب الإدارة السياسية الأمريكية، كانت خلاصة الندوة أو المائدة المستديرة أن الجميع لن يتخلى عن الإخوان حتى ولو سقط أردوغان ونظامه، ولن تتخلى لندن رغم الحوادث الإرهابية التي تورطت فيها الجماعة في شهر مارس من العام الماضي، ولكن تم إدراك الأمر واعتبر الحادث أنه مصدر لمعلومات مخابراتية نجحت فيه المخابرات الأمريكية في اختراق الشارع البريطاني، ولم أفهم الغرض من هذا التبرير غير المقنع على الإطلاق، ومر الحادث مرور الكرام وأعلنت بريطانيا مجدد أنها لن تتخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، لأن الإخوان تربطهم علاقات وطيدة بجهاز المخابرات البريطانية بجانب علاقاتها الوطيدة بجهاز المخابرات الأمريكية بدليل عجز الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب حتى الآن من إصدار قرار بوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب الدولي.

وهنا لا بد أن نفهم أن الإدارة الأمريكية تدير أهدافًا ولا تغيرها حتى ولو اختلفت توجهات حكامها، ولو أصرت إدارة "ترامب" على تصنيف "الإخوان" كجماعة إرهابية محظورة، فإن الأمر قد يعجل برحيل ترامب نفسه من سدة الحكم، إنها لعبة السياسة والمصالح التي يفتقدها للأسف الشديد حكام المنطقة العربية حتى الآن.

لكن دعنا نتفق على أن الإخوان او التنظيم الدولي للجماعة والجماعات التي انبثقت منه لم تكن ذات قيمة كما يعتقد البعض، ولكن المخابرات الثلاثة يستخدمون هذا التنظيم وعناصره وجماعاته المنبثقة منه على أنها أداة لتهديد المنطقة العربية وأداة لجلب المزيد من الأموال وتحقيق مكاسب سياسية جديدة للكيان الصهيوني المستفيد الأكبر من وجود الإخوان أو تيارات الإسلام السياسي بالمنطقة العربية لتحقيق مكاسب أخرى، وأن المخابرات في الدول الثلاث "أمريكا بريطانيا وتركيا" يديرون المشهد لتحقيق المزيد من المكاسب، وأن الإخوان أو تيارات الإسلام السياسي لن تمثل أي قيمة تذكر كما يعتقد البعض، خاصة في تركيا التي يصفون أردوغان نفسه بأنه خليفة المسلمين والمدافع الأوحد عن الإسلام في العالم.

ومن المفارقات التي تثير الاندهاش دعوة الإخوان لعقد أكبر مؤتمر لمناصرة تركيا في حصارها الاقتصادي المفروض من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، الذي أقيم في العاصمة التركية "إسطنبول" نهاية الأسبوع الماضي تحت عنوان "شكرا تركيا"، بحضور القيادات الإخوانية أو المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين من جميع أنحاء العالم.

في هذا المؤتمر، قامت القيادات الإخوانية بإصدار التصريحات العنترية حول تركيا الإسلامية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واصفين إياه بسلطان المسلمين وحامي الإسلام، رغم أن هذه التصريحات لا تنطبق على تركيا العلمانية، أو الحزب الحاكم هناك، لأن تركيا دولة علمانية كما يقول دائما أردوغان وجميع القيادات، ولكن جماعة الإخوان تصر على تضخيم هذا الأمر وإعطائه شرعية إسلامية.

فعندما يقول حميد الأحمر، رئيس اللجنة التحضيرية لمهرجان "شكرا تركيا"، من عاصمة الخلافة الإسلامية ومن مهوى الأفئدة قاصدا إسطنبول، ويشكر خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس القيادة التركية، واصفا إياها بأنها ضحت بمصالحها الشخصية من أجل مصلحة الأمة العربية والإسلامية وعاصمة الإسلام سابقا وحاليا ومستقبلا، في حين وصفه القرضاوي بأنه خليفة المسلمين المدافع عن حقوق مليار و700 مليون مسلم.

ولكن هذه الأوصاف لا تنطبق على تركيا بالفعل باعتراف حزب العدالة والتنمية الحاكم هناك بدليل حوار عمر فاروق، مستشار رئيس الوزراء التركي، على قناة الحوار ليرد علي هذا المؤتمر ردا قاطعا ونفى تماما هذا الكلام بل اتهم هؤلاء الإخوان الهاربين في بلادهم بأنهم يحاولون إفشال الديمقراطية في تركيا كما أفشلوها في بلادهم، مطالبا عناصر الإخوان الذين يتحدثون عن تركيا بتسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية ويجب أن يعلموا جيدا أن تركيا لا تنطلق من ثوابت إسلامية كما يدعون، ولكنها تنطلق من ثوابت إنسانية بحتة، موجها كلامه للعناصر الهاربة قائلا بالنص: "نصيحة للإخوة من عناصر الإخوان لا تكن ملكيا أكثر من الملك".

وأضاف مستشار رئيس الوزراء التركي أن "من يريد أن يخدم أو يساعد المصالح التركية من الإخوة العرب القائمين علي مهرجان "شكرا تركيا"، أتمنى أن ألا يتجاوز سياسة حزب العدالة والتنمية، لأن هناك نعرات وشعارات أكثر بكثير من وصفهم الباطل لتركيا بأنها دولة إسلامية وتقوم على مبادئ الإسلام، وأن هذه الشعارات التي ذكرت في المؤتمر تضر بتركيا ومصالحها ولم تفدها كما يدعي هؤلاء، لأنها تسبب قلق بالغ لأصدقائنا الغربيين"، مؤكدا أن تركيا دولة علمانية ديمقراطية وطنية وستبقى وطنية ولن تتجاوز معايير الإنسانية أو تضحي بمصالحها من أجل أطراف صغيرة، تطلق بعض الشعارات بأن تركيا إسلامية، وأن الرئيس خليفة المسلمين، لأن هذا الكلام غير صحيح وأن هؤلاء الذين يدعون أن تركيا إسلامية وأنها أرض الخلافة والخلفية، هم في الأساس هاربون من بلادهم وفشلوا وأفشلوا مشروع الديمقراطية في بلادهم، والآن لا نريدهم أن يفشلوا مشروع الديمقراطية في تركيا.

في النهاية، يجب أن ندرك جيدا أن التصريحات المهمة للغاية التي خرجت في حوار عمر فاروق، المستشار الخاص برئيس وزراء تركيا، أول أمس وتم بثها على قناة الحوار والتي ردت بشكل مباشر عن نفاق الإخوان في تركيا الذي قد يتسبب في إفشال المشروع الديمقراطي هناك هم أنفسهم الذين يستخدمون الإرهاب الإخواني كإحدى أدوات تركيا للتوسع في المنطقة وضرب استقرارها، إلا أن المفارقة تتمثل بأن "الإرهاب" يمثل أيضا ذريعة تركيا للتمدد عسكريا في ساحات الدول العربية، واحتلت أجزاءً كبيرة من العراق وسوريا حاليا بحجة الدفاع عن أمنها القومي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط