الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

متوفي بحقنة "سيفترياكسون"


تِعرف وزيرة الصحة أن بقاءها على كرسي الوزارة مرهون بمراعاة المرضي والتخفيف عن ألامهم وأوجاعهم، وأن رحيلها تهدده شريحة إهمال مغطاة بطبقة رقيقة من التقاعس وتكبير الدماغ، كما يعلم المريض أن رأس مال بقاؤه حيا العلاج والدواء، وأن تشييعه إلى مثواه الأخير يهدده التمرد على نصائح الأطباء وعدم تناول روشتة العلاج.

فالروشتة عربون محبة الطبيب للمريض حتي يتماثل للشفاء أما أن تصبح عربونا لحمله على النعش وفتح مقبرته، فهنا تكمن المأساوية !

ففي روشتته الممهورة باسمه والتي تحمل لقب "استشاري" كتب الطبيب بخط أحمر سميك مجموعة من الأدوية من بينها حقن (سيفترياكسون) 1 جم مرة واحدة يوميًا، لمريض يعاني من عدوى شديدة، فتوجه إلى أقرب صيدلية، أملا أن تنهي حقنة المضاد الحيوي الشهيرة على مرضه ليخرج من كابوس العدوى التي أنهكت جسده النحيف.

بادر الصيدلي بكسر فوهة الحقنة وأخذ يسحب بالسرنجة، وما أن وخزها بحرفية شديدة جعلت المريض لم يشعر بألم، حتى جرى الدواء في دمه وأخذ يتجول من الأوردة إلي العروق، وفجأة أصيب المريض بالصدمة والحساسية الشديدة، ليسقط مغشيا عليه.

تجمهر أهل المريض للفتك بالصيدلي الذي لم يلتزم بالنشرة الداخلية للعقار بضرورة إجراء اختبار للحساسية، ولأن الصيدلية مكان غير مجهز لإسعاف مثل هؤلاء [المقتولينٍ] بالتعامل مع صيادلة غير مهنيين أو يتعاملون بالفهلوة مع النشرات الداخلية دون الإلتزام بالتعليمات ، أنهي العلاج ليس علي مرضه بل حياته كلها، لتشيعه حقنة إلي مثواه الأخير ويدون في تصريح دفنه - متوفي بحقنة سيفترياكسون-.


بلغ عدد ضحايا "الصيدلي الحِدق" وهذا "العقار" [7] أشخاص من بينهم أطفال – هذا ما هو معلن رسميا- فأرسل الدكتور محي عبيد نقيب الصيادلة خطابا إلى رئيس الوزراء ووزيرة الصحة فحواه "إنه تلاحظ في الآونة الأخيرة حدوث حساسية شديدة ودخول بعض المرضى في صدمة بعد أخذ الحقن، نتيجة إعطاء المضادات الحيوية دون اختبار حساسية، وأدى ذلك لحدوث حالات وفاة ومضاعفات شديدة من تعاطي حقن (سيفترياكسون) نتيجة للحساسية من المادة الفعالة".


دفعت وزيرة الصحة عربون رغبتها الجادة فى التعامل مع الشكوى بسحب 45 عينة من حقن (سيفترياكسون) لإجراء التحاليل اللازمة للمادة الخام والكشف عن مصادرها للتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفات، بعدما تغلغل الخوف داخل البيوت خاصة التي تحمل روشتة علاجهم هذا الدواء.

وللعلم مادة "سيفترياكسون" مضاد حيوي مقاوم للبيكتريا، لعلاج الإصابة ببكتيريا الدم وعدوى الجهاز التنفسي وإصابة الأغشية والسوائل المحيطة في المخ والحبل الشوكي.


لا نعرف حتى كتابة سطور هذا المقال هل أصاب الجنون المادة الفعالة ؟ أم أن الحظ العثر للضحايا جاء بسبب انتهاء صلاحية الدواء؟ أم أن السرنجة ملوثة ؟ خاصة أن وزارة الصحة لم تقطع [الشك] في الدواء بـ [يقين] الخروج بنتيجة محددة للرأي العام لهادم اللذات ومفرق الجماعات حقن "سيفترياكسون".

وإلى حين أن يُكشف المستور: على الأطباء توخي الحذر من كتابة هذا الدواء في الروشتة ! وعلى الصيدليات الامتناع عن "ضرب" الحقن وتوجيه الناس لضرورة أخذها في المستشفيات لتوافر الإسعافات اللازمة في حالة الإصابة بالصدمة أو الحساسية الشديدة ! وعلى المريض أن يمتنع عن أخذ حقنة مضاد حيوي قبل اختبار الحساسية !


وأخيرا على وزارة الصحة أن تعلن للرأي العام تفاصيل القضية حتى لا تسجل "قضية ضد مجهول" ويظل الدواء يجرجر رؤوس المرضى إلى القبور.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط