الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اشهد يا زمان.. عبرنا وانتصرنا


في الساعة الثانية ظهر يوم السادس من أكتوبر 1973 أذيع البيان العسكري رقم واحد لقيادة الجيش عبر أثير الإذاعة المصرية معلنًا للعالم أجمع أن حلم المصريين تحقق، وعبرنا القناة. نعم! فمجرد عبورنا إلى الضفة الشرقية من قناة السويس كان في حد ذاته حلمًا بدا لنا يومًا بعيد المنال، ظل أبطالنا يتدربون عليه سنوات طوال. 

وبقدر ما كانت المفاجأة سارة للعرب بسماعهم خبر العبور، كان نكبة حلت على العدو الصهيوني، الذي تملكه الارتباك والعجز لساعات طوال تمكن المصريون فيها بحرفية عالية من التغلغل لعدة كيلومترات داخل سيناء. وفشل العدو في وقف تقدم جيشنا الباسل، حتى صرخت جولدا مائير في وجه الرئيس الأمريكي عبر الهاتف قائلة: المصريون في طريقهم إلى تل أبيب. 

وعندما استرد العدو وعيه، كان واقع الميدان قد قال كلمته. وهللت المطربة الكبيرة شهرزاد طربًا قائلة: «سمينا، وعدينا، ورفعنا رايات النصر، وإيد المولى ساعدتنا، ورجعنا ابتسامة مصر». وهكذا، حطمنا أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.

أصبح نصر أكتوبر المجيد يدرس في مدارسنا الحكومية والخاصة على أنه حرب العزة والكرامة، وأنه أكبر معارك الدبابات في العصر الحديث، وأن اليأس تملك العدو الإسرائيلي الذي أراد أن يلعب لعبة طفولية بأن قاد العقيد شارون لواءً مدرعًا محاولًا إنقاذ ماء وجهه، فقام بالالتفاف حول الجيش الثالث الميداني، ولا ننكر أنه نجح في ذلك بدعم لوجستي أمريكي غير محدود. 

غير أن شجاعة وبسالة المصريين، حالت دون أن يدخل أيًا من مدن القناة، فجن جنونه وقرر السير في طريق السويس-القاهرة، لينتهي مصيره بمحاصرة قواتنا لما تبقى من لوائه ونشر درع صاروخية حوله، وهددت القيادة العامة للقوات المصرية بتصفية لواء شارون؛ مما جعل كيسنجر، وزير الخارجية الأمريكي الجنسية، اليهودي حتى النخاع، يسرع الخطى إلى مصر ليقنع القيادة السياسية بضرورة وقف القتال وبدأ مفاوضات فض الاشتباك؛ وتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية بوجهها القبيح لتدعم إسرائيل، ولكنه كان نصرًا من الله وفتحًا مبينًا، وتأكد للكافة انتصار العرب في حرب أكتوبر 1973، في يوم كيبور.

وقد أثبتت الصور الجوية الأمريكية والسوفيتية تفوق المصريين فى المعارك، وأن ما أنجزوه كان شيئًا خارقًا بكل المقاييس العسكرية آنذاك. واعترف العدو لاحقًا بصعوبة الموقف وعدم إحراز النصر؛ فموشيه ديان اعترف بانكساره وصعوبة العمليات العسكرية وضراوتها، وذاك شارون اعترف أنه فوجئ ببسالة المقاتل المصري الذي بدا له مختلفًا تمامًا عما رآه عام 1967م وكان سببًا في هزيمتهم. وعليه، أمرت جولدا مائير بفتح تحقيق موسع في القيادة الإسرائيلية لبيان أسباب عدم الانتصار على العرب. وقد بثت الأفلام الوثائقية على اليوتيوب لاحقا لتثبت كل ذلك. 

ما ذكرته لا مراء فيه، فقد عاصرنا تلك الحرب المجيدة، وحملنا جثامين شهدائنا الطاهرة، واحتفلنا ورقصنا ابتهاجًا بالنصر وعودة الكرامة. وحسنًا فعلت وزارة التربية والتعليم بعد ذلك، بأن أدخلت في مقرر المواد الاجتماعية –كما كانت تسمى آنذاك- درسًا عن نصر أكتوبر المجيد، وذلك على صعيد المدارس الحكومية والخاصة. 

أما فيما يخص المدارس الدولية في مصر فقد خلت مناهج تلك المدارس التي تقوم على التدريس لأبنائنا بغير العربية من أية دروس تشير إلى انتصار مصر على إسرائيل في حرب أكتوبر المجيدة، بل وصل الأمر إلى تدريس التاريخ الأمريكي بدلًا من تاريخنا؛ كما لم تعد تحية العلم المصري معمولًا بها في تلك المدارس أيضًا. وقد نفاجأ بأن بعض تلاميذنا يرددون أقاويل مدسوسة بأن إسرائيل هي من انتصرت في يوم كيبور على العرب. 

ومن هنا سؤالي: أين ومتى وكيف نغرس الانتماء داخل أبنائنا ممن يدرسون بالمدارس الدولية؟ وهل لوزارة التربية والتعليم دور في الرقابة على مناهج تلك المدارس؟ وهل هناك من يتابع طابور الصباح بها؟ أم أنها تقوم بالتدريس لأبناء الفرنجة، لذا أمسكتم أياديكم عنها وسمحتم لها بإقصاء اللغة العربية وتشويه الهوية ومحو الذاكرة الوطنية؟
الانتماء يجب أن يغرس في أطفالنا أينما حلوا، لنؤسس لأمة متماسكة البنيان، يؤمن أبناؤها كافة أن نصر أكتوبر المجيد هو نصر لا ريب فيه لنا، وأن نظرية الجيش الإسرئيلي الذي لا يقهر انكشفت عوراتها، وبات مقهورًا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط