الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد كمال يكتب .. صراع الفساتين والأجساد في الجونة

محمد كمال
محمد كمال

"أن ترتدى النساء فستانًا أنيقًا يغطى الركبتين لا يكشف أجزاء كثيرة من الجسد .. ولا يجب أن يكون شفافا .. أو ذو قصات تبرز الجسد .. والأحذية يجب أن تكون مقفولة من الأمام ..ولا يُسمح لأصابع القدمين أن تطل من الحذاء..لا يسمح بوضع طلاء ملون للأظافر ..يكتفى بالألوان الفاتحة القريبة من لون البشرة ..وفى المساء ترتدى النساء فساتين طويلة فخمة ..وتتراجع القبعات لتحل محلها التيجان والأطواق الماسية لزينة الشعر .. ولا يمكن للسيدات السير عاريات السيقان مهما كانت درجة الحرارة".. لم يكن ذلك جزءًا من عرض أزياء ..أو أحد تعليمات برامج "المودلز" ..إنما كانت قواعد إلزامية وضعها القصر الملكى البريطانى .. لحضور حفل زفاف الأمير هارى وميجان ماركل ..والذى أُقيم فى وستمنستر بلندن 19 مايو الماضى ..لأن الأسرة المالكة أسرة محافظة بطبعها.

من أقصى إلى أقصى ومن هناك إلى هنا.. تابعنا جميعًا فعاليات مهرجان الجونة السينمائى ..والجونة منطقة سياحية شمالى مدينة الغردقة .. وهى استثمار عقارى مملوك لعائلة ساويرس المصرية ..التى ابتدعت فكرة المهرجان للترويج لمصر .. سياحيًا .. وفنيًا وذات فائدة استثمارية كبيرة .. وكان مهرجانًا ناجحًا بكل المقاييس ..من حيث الحضور ..والتغطية ..والأنشطة المكثفة ..أفاد حركتى الفن والسياحة ..خاصة مع ضمور نشاط الدولة وهيئاتها فى مجال سياحة المهرجانات ..وتراجع أسهم مهرجانات السينما المصرية الرسمية ..كـ "القاهرة والإسكندرية والأفريقية ..وخلو أجندة السياحة المصرية من بند سياحة المهرجانات رغم أهميتها.

ولما كان الفن قاطرة التنوير ..وقاهر الفكر المتطرف ..كان لزامًا علينا تكثيف هذا النشاط من خلال مهرجانات نوعية فى بقاع أم الدنيا ..فهذا مهرجان بدوى فى سيناء ..ومطروح ..والوادى وآخر لمحافظات البحر والسواحل ..وثالث للسياحة الثقافية ..ورابع للسياحة الدينية ..وخامس بالمجتمعات الجديدة ..وسادس بالدلتا ..وسابع بالصعيد... كل - حسب هوية المكان وموروثه وفنونه- كما تفعل معظم دول العالم والمنطقة ..مهرجانات نوعية فى كل مكان لتسويق المكان وتنويره ..لكن عندنا الأمور لم تصل إلى هذه الثقافة العصرية التى تدعم السياحة ..والاقتصاد ..والتنوير ..وتدحر التطرف ..والفكر الشارد ورغم ما لمهرجان الجونة من أهداف حقق غالبيتها ..ورغم أهميته التى جنتها عائلة ساويرس .. والعاملون فى الجونة ..والفن المصرى، إلا أن المهرجان ..أفسده العرى الفاضح ..وصراع "الفساتين المكشوفة"، ..فأصبح صراعًا للفساتين ..والسيقان لدرجة مستفزة .. حتى أن أكثر الأخبار تداولًا ومشاهدة واكتسحت "الترافيك" حققتها المواقع الإخبارية طيلة أيام المهرجان كانت تلك التى تتناول أخبارًا عن الفساتين ..والإطلالات الساخنة ..والمثيرة ..والجريئة ..وأفرغت المتابعة المهرجان من مضمونه فراحوا يتابعون بشغف ..صراع الفساتين ..وعرض المقتنيات لدرجة تشبه إلى حد كبير حفلات الموضة. انتهى المهرجان، وظلت هذه المشاهد عالقة فى أذهان القراء ..وكأن الفائدة العظيمة من المهرجان الضخم بتكلفته الباهظة ومجهوده تلك الحصيلة من الأخبار الصفراء ..والصور العارية ..والمشاهد العالقة فى أذهان العقل الجمعى لمعظم المتابعين والقراء.

يا سادة، إن مشاهد القبلات والإطلالات الساخنة وتسويق طباع ليست من تقاليدنا .. وتقليد مظاهر لا تشبه عاداتنا ..أفسدت طعم النجاح، وأثارت حفيظة الشعب، فهل نحتاج إلى تثقيف نجومنا ..أم تكثيف تنظيم دورات لهم فى فنون المهرجانات وأخلاق الشعوب ..أم أننا تعودنا أن نفسد كل شىء ..حتى حق الشعب فى رؤية نجومه يعبرون عنه ..وعن عاداته بشكل لائق؟! وأخيرًا عزيزتى الفنانة السوبر ستار، ما الفائدة العظيمة ..والمكسب الجم ..من العرى .. ومن رؤية "التاتو" فى مكان حساس بالكاد يصل إليه الزوج مع زوجته الخجولة .. وما قيمة أن يرى المراهقون والمتابعون أجسادكن ..وما تخفيه فساتينكن.. ولكم فى حفلات ومهرجانات الملوك عبرة فاتعظوا يا أهل الفن .. فسنة حسنة وسيرة طيبة أفضل من صورة ساخنة تُثير من يشاهدها.

وكما قال الشاعر إذا لبس الحمار جلد فرس ... تكشف أمره عند النهيق