حكاية تراجع كمال الطويل عن الاعتزال مرتين.. الأولى بسبب الحرب والثانية مجاملة

كان اللون الشعبي في ألحانه شيئا أساسيا، والحس الوطني في كل أغنية قد يصل إلى حد المرض، ولعل حسه الوطني أحد مشاكله، وعلى الرغم من أن الموسيقار الراحل كمال الطويل تربى في بيئة بعيدة تماما عن البيئة الشعبية، إلا أنه قدم أنجح أعمال محمد قنديل القديمة.
اعتاد كمال الطويل، الذي تحل ذكرى ميلاده الـ95، الخميس 11 أكتوبر، أن يربط أعماله بالأحداث المصرية، فلم يكن يمر عيد الثورة في يوليو إلا وكمال الطويل هو صاحب أنجح لحن، حتى أن معظم أغنيات عبد الحليم حافظ الوطنية من ألحان كمال الطويل، ولكنه غاب لعدة سنوات عن التلحين منذ أواخر الستينات وحتى بداية السبعينيات.
وقال الكثيرون عن الملحن كمال إنه ترك الفن نهائيا خلال هذه الفترة، وفي فترة غيابه قفز أكثر من ملحن ليحتل مكانه بموهبة فنية لا تضاهي موهبة كمال، عاد في بداية السبعينيات إلى التلحين، فلحن أغنية للمطرب محمد رشدي وهي "قمر اسكندراني"، وكأنه كمن يلقي بحصاة من ألحانه في بحر اللحن الراكد فيحركه، ولكن رغم نجاح الأغنية إلا أنه لم يقدم فيها كل قدراته الفنية.
لم يقدم كمال شيئا بعد هذه الأغنية حتى جاءت حرب أكتوبر في عام 1973، فقدم أغنيات تنبض بالحركة والحماس، وقدم لحنين وصفهما النقاد بأنهما يعتبران من أجمل ما قيل خلال المعارك، لحن لعبد الحليم، والآخر للمطربة نجاة.
لكن لم يصل كمال إلى النغمة المطلوبة إلا في أغنية "خلي السلاح صاحي" وفقًا لما قاله النقاد في مجلة "الكواكب" لعام 1973، فاللحن كان مليئا بالحركة والاستعداد، وقدم بعدها لحنا لعفاف راضي، لقصيدة باسم "الشعب"، وكانت هذه أول مرة تغني فيها عفافبغير ألحان بليغ حمدي.
كان لدى كمال الطويل الرغبة لدخول أرض الأغنية من جديد، فبدأ حماسه القديم في العودة مجددا خلال فترة الحرب، وقال في حوار قديم له بمجلة الكواكب: "لا يكفي أن تغني بعض الأصوات المعروفة، يجب أن يغني الجميع، فما حدث فرصة، يجب استغلالها وسنجد صوتا جديدا"، كان هذا من أول حوار له بعد فترة غيابه، ليؤكد أنه عاد إلى التلحين مرة أخرى بسبب حرب أكتوبر.
جمعته علاقة طيبة بالمخرج الراحل يوسف شاهين، وقرر أن يقدم له الموسيقى التصويرية لفيلم "عودة الابن الضال" عام 1976، ولم يلبث عدة سنوات حتى قرر الاعتزال مرة أخرى، ولكنه لم يبتعد عن علاقاته بمن في الوسط الفني، وبعد اعتزاله بفترة طويلة تراجع عن قرار اعتزاله مجاملة لصديقه شاهين، وقدم له الموسيقى التصويرية لفيلم "المصير" والأغنية الشهيرة لمحمد منير "علّى صوتك بالغنى".
لم يكن اعتزاله في المرة الثانية هربا من ثورة التجديد في أغاني الثمانينات، ولكنه صرح في حوار قديم قائلا: "قرفت من الوسط الفني"، ولامه على هذا التصريح أصدقاؤه المقربين كعبد الحليم حافظ.