الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خاشقجي لم يمت


تَغّير مُصطلح [ قضية اختفاء] المواطن السعودي جمال خاشقجي إلي [قضية مقتل] بعدما أعلنت السعودية أن شجارا واشتباكات بالأيدي حدثت بين خاشقجي وموظفي قنصليتهم بإسطنبول مما أدي إلي وفاته.

ربما إعلان السعودية مقتله لم يكن كافيا لفك اللّغز ، فلم تعد القضية أبدا مقتله فقط ، ولكن الأهم لماذا وكيف قُتّلْ؟ وهو ما ينتظره العالم بشغف من تحقيقات تعهدت المملكة بإعلان نتائجها بشفافية ، وإنا لمنتظرون !

وبهذا الإعلان – وهو ما كنت أعمل اعتبارا لظهوره في لحظة فلن أنجرف بكتابة مقال قبل استباق الأحداث واستجلاء الحقيقة - تختفي المَواقِف السَّابِقَة التي سادَت طِوال الـ 15 يَومًا الماضِية، وأنكَرت أيَّ دَورٍ للسعوديّة، وأكّدت أنّ خاشقجي غادَر القُنصليّة بعد 20 دقية مِن دُخولِها، وإدّعوا القَلق على اختفائِه.

خاشقجي [لم] يَمُتْ [إِلّا] جسدا [لكن] قضيته مازالت حية، فالشعوب تنظر إليها من وجهة النظر الإنسانية البحتة دون تعقيداتها السياسية أو الاقتصادية أو المصالح المشتركة - تراه إنسانا مات مقابل رأي أو تعبير- فالإنسانية حركت شعوب العالم وجعلت من السوشيال ميديا [أمواجا هائجة] ضد [لا إنسانية] القاتل دون النظر إلي جنسيته فلن يفرق سواء القاتل سعودي أو من جنسية أخري!

فالتضامن مع قضية [الإنسان جمال خاشقجي] دون النظر إلي أيديولوجياته هو اختبار للإنسانية داخل كل من يدعيها سواء للشعوب أو الدول، فبموقف الخارجية المصرية ضربت مصر مجموعة عصافير ببيان واحد كان اللافت فيهِ نهايتُه "بإن جمهورية مصر العربية تتقدم بخالص التعازى لأسرة الصحفى جمال خاشقجى" متناسية وليست ناسية مواقف الراحل وتصريحاته وتويتاته السابقة والتي تحمل [مناهضة] كبيرة لفترة الرئيس السيسي و[مساندة] قوية لجماعة الإخوان الإرهابية ، مقابل قدسية وجلالة الموت وهول ملابسات مقتله ، وبالرغم من أننا أصبحنا في زمن فيه الصَّفَقات تتقدَّم على مَبادِئ حُقوق الإنسان لكنها مصر الكبيرة أخلاقا صاحبة المواقف الإنسانية المغلفة بالدبلوماسية.

لا شك أن موقف مصر كان متزنا منذ نشوب الأزمة سواء في بيانها [الأول] بعدم استباقية التحقيقات مع التأكيد علي أهمية الكشف عن حقيقة ما جري أو [الثاني] بعدم تسييس القضية بغرض استهداف السعودية سياسيا واقتصاديا، وفي الوقت نفسه ثمنت القرارات التي صاحبت الإعلان عن مقتل خاشقجي والتي منها صدور أوامر ملكية بإعفاء مسئولين وضباط، وتوقيف 18 شخصًا سعوديًا على ذمة القضية، بما يؤكد ولو ضمنيا أن السعودية عازمة علي التحقيق ومحاسبة المخطئ.

مصر في هذه القضية تحركت مع المملكة وليس الملك ، مصر وقفت مع الكيان السعودي الذي وقف معنا بعد ثورة 25 يناير و30 يونيو ، مصر تعلم أن الوقوف ضد تسييس القضية هو وقوف بجوار الإقليم بأكمله المضطرب بصورة بشعة ، والذي لن يتحمل معها –أي الإقليم - أي فرض عقوبات علي السعودية لتصفية حسابات أو فرض إتاوات ، والذي إن حدث سيدخل الشرق الأوسط كله في متاهات اقتصادية وسياسية ستجعل من دِولُه هَشاشة تفوق الهشاشة الحالية.

لكن يبقى للقضية منحني أخطر ستكشف عنه الأيام القادمة إذا استمرت الضغوط التي يمارسها أعضاء الكونجرس علي "ترامب" بإجراء تحقيق موسع تكون أمريكا شريكة فيه، ولو ثبت تورط المملكة سيوقع عليها عقوبات بموجب قانون ماجنستكي الخاص بانتهاك الدول لحقوق الإنسان.

فهل يستطيع ترامب والملك سلمان تخطي هذه العقبة ؟ لتظل التحقيقات سعودية خالصة دون تدخل يغير مسار التحقيق وبالتالي يغير النتائج .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط