الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.حمادة إسماعيل يكتب : الإسلام والغرب ... تنوع وتكامل

صدى البلد

يقول المثقف الألماني "هانز كونج": "لا سلام في العالم إلا إذا كان هناك سلام بين الأديان، ولن يكون هناك سلام بين الأديان إلا إذا كان هناك حوار بينها، ولن يكون هناك حوار مثمر بين الأديان ما لم تكن هناك دراسة متعمقة لها".

ولا شك أن هذه العبارة قد ثبُتت صحتها، وخصوصًا في هذه المرحلة الحرجة والصعبة من عمر العالم الذي يموج الآن بـالعديد من الأزمات الخطيرة، وسط تصاعد حاد لموجة التطرف الديني، الناتجة عن غياب الدراسة الجيدة والفهم الحقيقي لحقيقة الأديانِ وقيمها التي تحث على الحوار والتعارف والسلام. 

إن هناك في الشرق من يعتقدون خطئًا أن الطريق إلى الجنة يتطلب القتل والذبح والعنف وممارسة كافة أنواع الإرهاب، كما هو الحال مع داعش وأخواتها. وفي الشرق أيضًا دول تمارس العنصرية ضد شعوبها، وتضطهد طائفة منهم، لتقتلها وتعذبها، وتحرق بيوتها وقراها وتسومها سوء العذاب، كما هو الحال في إقليم "أراكان" الميانماري، وما يحدث فيه لمسلمي الروهينجا من مذابح جماعية وجرائم ضد الإنسانية، ومآسي تشيبُ لها الولدان، ويندى لها الجبين. 

وفي الغرب طائفة لا تتحلى بالتسامح، ولا تتقبل الآخر، وتتهمه بالإرهاب، وتصدر عليه أحكامًا مسبقة لا صحة لها ولا دليل عليها، وتوجه له اتهامات باطلة فيها من التعميمِ ما يتعارض مع المنطق، وما يدين مطلِقها ويدل على جهله. وهي تُهم تترتب عليها جرائم تبدأ بالسخرية، أو نزع حجاب امرأة محجبة، وقد تنتهي بالحرق أو القتل أو إلقاء مواد حارقة على الوجوه، في مشهد عبثي يتعارض مع جميع القيم التي يتغنى بها الغرب ليل نهار. 

وكان نتيجة كل هذا الصراعات أن أصبح لدينا في هذا العالم خمسة وستين مليونًا من المشردين، بينهم واحد وعشرون مليونًا حصلوا على حق اللجوء الشرعي في الدول التي هاجروا إليها؛ وهذا يعني أن كل دقيقة تمر من عمر هذا العالم يضطر أربعة وعشرين شخصًا إلى ترك بيوتهم. وقد تسببت هذه الصراعات في انفصال ثلاثمائة ألف طفل عن أسرهم، وتشتتوا في ثمانين دولة مختلفة، فلا يعلم أحد عن حياتهم شيئًا إلا الله. 

ووسط هذا الظلام الدامس، يشع نور من الأزهر الشريف، معقل الوسطية، ومنبر الاعتدال، ومنصة السلام. وتأتي ندوة "الإسلام والغرب ... تنوع وتكامل" لتعزز من قيمة الحوار وتُعلي من شأنها، وتؤكد على العديد من الثوابت والقيم الدينية التي يتحلى بها الإسلام، وتبرهن على أن السلام والحوار هما الحل الناجع لكل الأزمات والصراعات، ويعوّل عليهما لإيقاف موجات اللجوء والهجرة، ومظاهر الغلو والتطرف والإرهاب التي ألقت بظلالها على العالم في عصرنا الراهن. 

وعلى مدار ثلاثة أيام تناقش العديد من القادة والسياسيين السابقين، ومعهم نخبة من العلماء والمثقفين من دول مختلفة، مؤكدين على أن الندوة تعدّ نقلة نوعية مهمة في عملية الحوار بين الشرق والغرب، وعلامة بارزة على الانفتاح الذي يقوده الأزهر في هذا الاتجاه، محاولين إيجاد قواعد وأصول ومحاور لحوار مثمر بين الشرق والغرب. كما خرجوا بتوصيات ونتائج يأتي على رأسها أن اليأس لا مجال له، وأن الأمل مستمر طالما أن هناك أصواتًا معتدلة كصوت الأزهر الشريف.