الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فيلم الموسم لوزارة التعليم


جسّدت وزارة التربية والتعليم البطولة المطلقة لفيلم "مُداهمة الدروس الخصوصية" بمجموعة من الممثلين القديرين ممن يحملون حق الضبطية القضائية للمُعلم الذي يعطي "برايفت ليسون" واستحوذ فيلم [كل] موسم على نسبة مشاهدة عالية انقسمت ما بين مؤيد ورافض لـ [نهاية الفيلم] الذي يلقي القبض على المعلم [أمام] تلاميذه الذين يسارعون في مشهد هروب جماعي لمَخرج الطوارئ من ناحية السلالم، ليقوم المُخرج وقبل تتر النهاية بتصوير البطل وهو يشعل النيران في الشمع الأحمر ويضعها على باب [السنتر] الخالي من كل شيء! لتدخل الموسيقي التصويرية بأغنية "دار يا دار يا دار راحوا فين حبايب الدار".

فطُراز وزراء التربية والتعليم منذ عشرات السنوات يعيشون إعلاميا على تناول "مُعلبات" الدروس الخصوصية الجاهزة بـ[شوكة] الحملات و[سكينة] القانون و[ملعقة] التجريم، للترويج ليقظتهم للمشكلة المؤسفة ولإعمال قوة القانون على معلم مرتبه "ميت" وملابسه رثة، ومن بين المؤشرات التي تدلل على ذلك أن اللواء سعيد عباس، محافظ المنوفية، سخر من ملابس المعلمين قائلا: "مظهركم مينفعش تكونوا مدرسين" أمام طلابهم أثناء تفقده لمدرسة «المساعي المشتركة» في شبين الكوم.

مع العلم أننا جميعا ومعنا وزارة التربية والتعليم نعرف أن أبواب السناتر [دوارة]، ففي الوقت الذي [يدخل] فيه الوزير وحملته [يخرج] المعلم وطلابه، وإن صادفت الحملة القبض على صاحب سنتر، فقد نجا الباقون بعصا التكنولوجيا سواء بالاتصال بهم أو ذهاب شخص للتنبيه عليهم، وربما يصل الحال إلى إذاعة الميكروفونات في أرجاء المنطقة بوجود حملة، لتعود الحملة بكبش فداء بينما الباقين يُسبحون بحمد التكنولوجيا وفاعل الخير الذي أنقذهم من مشنقة عدم مشروعية الدروس الخصوصية.

"سناتر" الدروس الخصوصية أكثر من أكشاك الحلوى والسجائر، لذلك لم يجدِ ضربها بمدفعية حملة ولا حتى عشرات الحملات، وإن كان القانون يعطي الحق في غلقها ومعاقبة القائمين عليها، لكن ليس كل ما هو قانوني رادع أو قادر على بتر المشكلة، فالسجن تأديب وتهذيب وإصلاح لكنه في أوقات كثيرة غير ذلك، ولكُم في الغارمين والغارمات أمثلة حية، فقد دفعت بهم الظروف القاسية لتزويج أبنائهم من السلف، لكنهم أمام القانون ارتكبوا جرما في حالة العجز عن السداد، هكذا دفعت المعيشة الضنك المعلم للدروس الخصوصية.

وخلاصة القول أن وزارة التربية والتعليم لم تستطع حتى الآن القيام بمهامها الأساسية في توفير عيشة كريمة للمعلم، لوقايته من جريمة إعطاء الدروس الخصوصية، وكذلك لم توفر المناخ المناسب لعودة دور المَدرسة، فالعجز شديد في عدد المعلمين والمقاعد الدراسية وربما الطابشور وجميع الوسائل التعليمية، إلا أن الوزارة ما زالت ترى أن الحل الأمثل للحد من الدروس الخصوصية فصل المعلم وسجن الممارسين للتدريس بدون تصريح، كما تقول في بيان صادر لها منذ يومين، لذلك سيظل المعلم جانحا عن وزارته حتى تقديره من وزير ووزارة لا تعدو وظيفتهم أن تكون وسيلة للترهيب.

ولنبحث جميعا عن بدائل أخرى، تحفظ للمعلم كرامته ومعيشته، وللنظام التعليمي انضباطه وانتظامه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط