قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أماني عبدالرحمن تكتب: عودة الروح

0|أماني عبد الرحمن

جلست إلى الطاولة تنهمر دموعها من عينيها ، مر عام منذ احتفلا بيوم ميلادها فى نفس المكان لم يتغير سوى مقعده الخال وابتسامتها التى آثرت أن تفارقها وكأنها تمردت على وجودها معها بدونه.

لقد كانت مريم طبيبة شابة تعمل بالمستشفى العام للبلدة ،ذات جمال أخاذ ووجه مبتسم أحبها الجميع؛ لرقة طباعها ومواقفها الإنسانية تمت خطبتها من قبل على مهندس شاب انتدبته المحافظة للإشراف على بناء ملحق المستشفى العام صدمتها طباعه واهماله لمشاعرها ومع مرور الوقت تأكدت أنه ليس بفارس الأحلام

صبيحة يوم استأذنتها الحكيمة بالدخول
"صباح الخير يادكتور مريم "
صباح النور يا حاجة علية "
"عرفتى آخر الأخبار "
"خير لأ ماعرفتش حاجة "
"الدكتور حسام جراح القلب هيسافر بره "
"ومين هايشتغل مكانه؟!!"
"بيقولوا فى دكتور جاى من القاهرة "
"القاهرة ؟!"
"أيوة... بيقولوا هو اللى طلب يشتغل في أى محافظة بعيدة "
"غريبة دى الناس بتهرب من الشغل فى المحافظات البعيدة !!!"
انصرفت الحكيمة وتوجهت هى لمكتب المدير لاستشارته فى بعض الأمور
وبينما كانت فى طريقها رأت شابا جذابا قوى البنية ينظر اليها سائلا.....
ممكن اعرف فين مكتب المدير؟؟
ايوة يافندم ممكن طبعا ..اتفضل
وسارا معا خطوات قليلة حتى وصلا مكتب المدير
عرفها بنفسه خلالها
"أنا الدكتور هشام جراح القلب "
"أهلا بحضرتك يا د."
"د. مريم طبيبة الأطفال "

استاذنت له بالدخول بعد أن علمت أنه الطبيب الجديد وهمت بالانصراف فقد شعرت برجفة فى قلبها لا تدرى سرها ربما نظراته الدافئة جعلتها تشعر بذلك

توالت الأيام لا يجمعهما سوى نظراته الدافئة وابتسامتها المشرقة وسلام محسوب

حتى التقيا معا فى اجتماع لكل العاملين؟ تليه حفل لافتتاح المبنى الجديد للمشفى فكانت فرصة غير مرتبة لتقاربهما ظل معا طوال الوقت ،لم يشعرا بمن حولهما تحدثا فى كل شئ الفن السياسة، الموسيقى الدين، كل شئ اتفقا حتى فيما اختلفا عليه فلم يكن فيهما من يتشدد لرأيه أو يحتقر رأى الآخر.

تبادلا أرقام الهاتف الجوال وظلت بينهما بعض الرسائل فى المناسبات توالت الأيام وكل منهم بداخله فرحة وطاقة للعمل لايعرف سببها.

كان يتلمس نفس الطريق الذى تسير فيه عند العودة للمنزل ،وراحت هي تختلق الأسباب لتحدثه هاتفيا بأسباب تقنعها قبل أن تقنعه

توطدت الصداقة بينهما ودارت بينهما النقاشات إما بمكان عملهما أو عبر الهاتف وأخبرها أثناء ذلك أنه كان متزوجا ولديه طفلة تبلغ خمس سنوات حرمته زوجته السابقة من رؤيتها بعد أن عانى كثيرا من تطلعاتها وتمردها الدائم عليه، وإهمالها لطفلتهما كثرت الخلافات حتى طلبت منه الطلاق فترك كل شيء خلفه وطلب نقله إلى حيث أتى.

حلت الأيام بعينيها؛ فكل يوم يزيد التقارب ويزيد معه الحب نعم الحب .....

تتحول حياتك فور أن تجد شخصا بشبهك تتناغم وتتآلف روحيكما فيصبح هو الوقود الذى يحرك حياتك وتصير انت محور حياته.

أشعرها بما لم تشعر به يوما ، ووقف بجانبها فى أهلك الظروف مر عليهما عاما بأفراحه وأحزانه تكررت لقاءتهما ومناقشتهما خاصة بعد أن دعت الجميع لحضور مناقشة رسالة الماجستير القائمة عليها ،فحضر رغم مرضه الشديد تفاجأت به أثناء الحفل فلم تتوقع حضوره، وما أن رأته..... حتى انفجرت بها طاقة من اللباقة والإبداع فى الحوار أذهلت الجميع حصلت بها على الامتياز مع مرتبة الشرف ،وبعد انتهائها توجهت إليه وكأنه لم يكن موجودا سواه بادرها قائلا:"كنت فخور بك جدا"

..."ازاى جيت وانت فى الحالة دى ؟!"
..."ماقدرش اسيبك فى يوم زى ده"
..."شكرا على كل حاجة "
ماعملتش حاجة كل الناس موجودة"
" لأ أنت عملت كل حاجة "
"بوجودك اكتشفت حاجات جوايا أول مرة اعرفها انت ليك نصيب الامتياز "
"كل الناس فرحانة عشانك"
"أنت كل الناس "

نظر اليها تلك النظرة التى فتحت قلبها لحبه النظرة التى طالما ادهشتها وخفق لها قلبها النظرة التى أشعرتها بجمالها الذى لم تلتفت إليه يوما فقد كانت تشعر أنها سهما صائبا نحو قلبها ...قائلا :

أحبك........لا امتلك لك سوى تلك الكلمة ربما تعجز عن وصف مشاعرى تجاهك .

ارتبكت وشعرت برجفة قوية فى جسدها وكأنها تريد سماعها مرة أخرى

علقت عيناها بعينيه بابتسامتها الخجولة التى طالما عشقها ورددت بداخلها "انت حبيبى وفارسى استمد منك طاقتى فكن دوما قويا حنونا لأجلى ....كن دوما بجانبى "

أحس كلامها دون أن تنطق فكان حبهما شريانا يربط بينهما فيفهم كل منهما الآخر دون كلام.

توالت الأيام سعيدة خفيفة ونمت المشاعر بينهما تحميها رعاية الجميع

وفى مساء يوم ليس كباقي الأيام اشتم رائحة دخان وسمع وقع الأقدام خارج غرفة الأطباء وصراخ الجميع خرج لاهثا رأى الجميع يحاول النجاة من حريق دب بالمشفى

بحث عنها فى كل مكان فلم يجدها نصحه الجميع بالخروج سريعا صرخ فيهم رافضا واستمر فى البحث عنها وسط النيران حتى وجدها حبيسة غرفة الأشعة مغشيا عليها ،حملها بين ذراعيه وحاول الخروج ،فحالت النيران بين ذلك فلم يجد سوى سلما أودى بهما إلى طابق علوى مهمل ،حاول الاتصال بأحدهم لانقاذهما فلم تساعده شبكة الاتصالات على ذلك.

حاول أفاقتها فخرجت كلماته من قلبه لا من فمه " أفيقى فما أنا شئ بدونك لم أعرف معنى للحياة إلا بك وسقطت دموعه الساخنة على وجهها كما وقعت كلماته على قلبها أفتحت عيناها لتجد نفسها بين ذراعيه عيناه معلقتان بعينيها أجهشت بالبكاء فلم تكن

تعلم هل حلما ذلك .....أم حقيقة

لطالما حلمت أن تستيقظ وتجد نفسها بين ذراعيه، ثم ابتسمت لتطمئنه أنها بخير.

مرت عليهما دقائق حبيسا الحجرة خارج نطاق الزمن وودا لو توقفت عندها عقارب الساعة

ودا لو أن يتوقف الزمن عند هذه اللحظة

حاول النجاة بها فحملها ليعبر بها ممرا ضيقا أودى بهما لبنايةبجانب المشفى واستطاع انقاذها واستقبلهما الجميع بدموع الفرح
مر يومان فاجأها خلالها محتفلا بيوم ميلادها وبات كل منهما ليلته ناسجا خيوط أحلامه عسى أن يجمعهما الزواج قريبا
استيقظت بهمة وفرحة متوجهة إليه كانت وقع خطواتها تجاه حجرته عزفا لسيمفونيةمن الفرح والسعادة
دخلت بابتسامتها الملائكية دون استئذان ، بدأت ابتسامتها تتلاشى؛ فقد وجدت عنده زوجته السابقة وابنته تعرفت عليهما من صورهما معه

اعتذرت بعد سلام حائر وغادرت الحجرة ، عادت متعثرة الخطوات ......تتدافع الأفكار إلى عقلها كالأمواج المتلاطمة ،فقد رأت فى دموع زوجته امرأة نادمة

مرت ساعة قد اتخذت فيها قرارها بالابتعاد ....علمت أن عليها تعود الألم والتزام الصبر والصمت .....

اللحظات ثقيلة ....محملة بالقلق والتردد ...مابين إرضاء القلب والعقل

ظلت تراودها أحلامها ،وتطاردها مخاوفها .....ما بين هذا وذاك .....يذوب القلب ويشقى العقل وفى النهاية اختارت راحة الضمير. ...

ذهب إليها حدثها والدموع متحجرة فى عينيه
"نور تعبانةعندها .....وقبل أن يكمل انفجر بالبكاء بين يديها
"البنت بتموت مش عارف اعمل ايه "
تساقطت دموعها لأجله وقد حاولت إخفاءها خلف ابتسامة حنونة لتطمئنه أن كل شئ سيكون بخير
...."لازم تبقى معاهم طبعا خليك جنبهم"،
"وجودى جنبك بقى حياة أو موت "
"الوجود الحقيقى دالوقتى هو وجودك معاهم، والحياة الحقيقية هى حياة نور "
قالت كلماتها فى ثبات وهدوء

وقفت فى شرفة حجرتها لتراهم يستقلون السيارة ،وكلما ابتعدت السيارة ....ابتعدت عنها روحها

مرت الأيام ثقيلة طويلة ،لم يبق لها سوى بعض الرسائل القصيرة جدا التى كان يرسلها لها ليطمئنها على ابنته بعد ان تحسنت حالتها ،وآثرت هى أن تبقى بعيدة حتى بعد أن تماثلت ابنته للشفاء، وحتى بعد أن علمت من الأصدقاء ما يبدو عليه من شقاء ،خاصة بعد عودة زوجته لتمردها وإهمالها .

تعجب الجميع لجلوسها بمفردها .......لا يعلمون أنها معه تجالسه تحكى له، وتسمعه، وربما تتشاجر معه ،تخفيه بين جفونها وفى أحلامها. ....

عيناها تفتش عنه فى كل مكان اعتادت رؤيته به تبحث عنه فى كل مكان ولا تجده؛ فتشعر بالغربة وكأنها طفلة تبحث عن والديها،وترى الأماكن دونه وكأنها تبدلت معالمها فهو من كان يعطيها روحا وحياة، دونه لم تعد شيئا........

عادت بذكرياتها إلى الطاولةأمام قالب الحلوى..... وقد انتهت الشموع.

امتلأت عيناها بالدموع ...حتى أنها لم تستطع الرؤية وفى أشد لحظات بكائها !!شعرت بيد تربت على كتفها التفتت لتراه أمامها !!! شهقت من شدة المفاجأة انتفض كل جزء بجسدها فقد كان لديها شعور طوال اليوم انها ستراه .

عاد ....نعم عاد وعادت معه الروح

عاد ....وعادت معه ابتسامتها ،وطفلته الصغيرة فى يده بعد أن اتفق وزوجته على تنظيم رؤيتها بينهما فقد استحالت بينهما الحياة .

نظر لعينيها ومسح دموعها واقترب منها هامسا

"أنا هنا لأجلك ...أنا لك أنت فقط ...أشعر كأنك بعض منى ...لطالما دعوت الله أن يجمعنا. . أسير فى الشوارع كالمجذوب أسمع صوتك وأرى وجهك بين الوجوه

ابتسمت وسط دموعها... تحسست وجهه للتتأكد من أنها لا تحلم... وأمسكت بيد ابنته فى حنان ...وساروا معا متلمسين دربا جديدا للحياة .