المرحلة الانتقامية

حذر الأستاذ محمد حسنين هيكل من تحول المرحلة الانتقالية الي مرحلة انتقامية، في حديثه الهام مع الإعلامية لميس الحديدي، واخشي ان يكون هذا التحذير هو النهج القادم في مصر.
فنحن امام تيار سياسي يري ان معارضيه همهم تعطيل المسيرة والمعارضون يرون ان هناك توحشا في السلطة للسيطرة علي مفاصل الدولة تارة بالتغير وأخري بالتشريع، ويبقي سيل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين هو سيد الموقف وأتباع الفريقين ينفخون في تأجيج الصراع بين الطرفين بصورة كبيرة تهدد الدولة وتقضي علي كيانها المتبقي من بعد عامين من الصراعات ضاق بهما الغالبية من أبناء الشعب الذين اصبحوا في موقف المتفرج مما يحدث علي سطح السياسة المصرية.
الانتقام الذي يقصده الاستاذ هيكل هو من الطرفين وليس طرف دون الاخر علي غرار المثل الشائع في الحياة المصرية اتغدي بيه قبل ان يتعشي بيا، لقد فشلنا حتي الآن بسوء إدارة فيما وصلنا اليه ويشارك الجميع اغلبية ومعارضة فيما وصلنا اليه ويحذر منه الاستاذ هيكل، فليس من المنطق بعد ثورة ان نظل جميعا نعيش وفق مقولة عرجاء يرددها الكثيرون ان ما يحدث هو نتاج طبيعي لفترة ماضية كنا نبحث فيها عن الحرية الكاملة وحينما وجدنها وصنعناها بأيدينا نقف عاجزين عن تحقيق ما نصبو اليه بعد ان انفرط عقد المصلحة الذي كان مترابطا ايام الثورة واصبح الان متشابعا بعد ان اختلفت المصالح، وليس من المنطق ان تظل النخبة دون إدراك كاف لما وصلنا اليه ولا تملك سوي الرفض والتنديد بكل ما يصدر من الطرف الاخر وكان حالة التربص السياسي هي سيد الموقف في الحياة السياسية الان وفي المقابل حالة تكبر من الأغلبية تجاه النخبة ويظل هذا التناحر بين الطرفين هو الطريق الوحيد الذي لا نحيد عنه في الوقت الذي فيه نفقد جميعا الحفاظ علي مكتسبات الثورة والشعب الصبور هو من يدفع الثمن.
لقد مررنا بتجارب كثيرة خلال العامين، مابين استفتاءات وانتخابات برلمانية وانتخابات رئاسية ومليونيات تأييد ومعارضة واشتباكات في شوارع محافظات مصر، كل ذلك لم يشفع في ان نلتقي جميعا علي هدف واحد وهو الخروج من المرحلة الانتقالية الي مرحلة الاستقرار والتوحد، وان تلعب الأغلبية دورها المحدد وتقوم المعارضة بالدور المنوط بها والا تختلف الأدوار ويصبح من يقف في صف المعارضة يتصور انه الحاكم وان تلعب الأغلبية دور المعارضة حتي انني كثيراً ما اشعر ان الأغلبية والمعارضة الان لا يصدقون انهم اصبحوا في مواقعهم التي هم فيها الان وان الثورة قامت والنظام السابق قد سقط، فلازلنا نعيش في فلك ما كان يحدث في الماضي وكأننا لم نقم بثورة او تخلصنا من نظام فقد شرعيته اما شباب امن بحريته وقدس وطنه واعلي من قيمة شعب مصر، نحن الان في حاجة الي اعلاء المصلحة العامة علي المصالح الشخصية .
نقلاً عن الأخبار