الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم عطيان يكتب : الظل 3 "قصة قصيرة"

صدى البلد

كيف تنتهي تلك القصة بهذا الشكل وبهذه السهولة بعدما أصبحت جزءًا من حياته اليومية
بل وربما الجزء الأهم . تملكت قلبه و انتشر عبير حبها في كل مكان ‘ سكنت الخيال وتملكت الفؤاد .
حتى أنه كان ينتظر ظهورها كل يوم بل كل وقت . فهو دائم النظر في هاتفه الذكي انتظارًا لظهرها ،
كلما غابت تملكه شعور بالقلق والتوتر وانتابته حالة من العزلة والتحديق في هاتفه بين اللحظة والأخرى
فإذا ما ظهرت انتفض قلبه واقشعر جلده ودبت في جسده الحيوية والنشاط
هنا بدأت نظرته تتغير في حقيقة شعوره تجاه تلك الفتاة
بل تجاوز ذلك مفكرًا في سبيل يمكن من خلاله أن يتخطى مرحلة الثبات والحب من طرف واحد
ويقفز إلى مراحل متقدمة حان وقتها الآن.
 
ولأنه يعلم جيدًا حقيقة شعوره ظل يفكر كيف يصارحها ؟ فهو يعتقد كثيرًا فيما يقال بأن :
{ المشاعر لا يجب التردد في التعبير عنها أو تأجيلها ‘ فإنها إذا أتت متأخرة ربما تصبح ممنوعة من الصرف }
يبدو أنه الآن يفكر في سبيل أو طريقة للخروج من دائرة الصمت وكسر الحواجز .
فقد قرر أن يصارحها بما في داخله وبسرعة دون تردد أو تسويف لا طائل منه ولا فائدة
إيمانًا منه بعبارة أخرى تقول :
{ إذا أحببـت شخصا فأخبره . بحبـك فكثيـــرًا مــا تتحطـم القلــــــوب ،
ليـــس بسبـــب كلمــات قيلــــت ، ولكـن بسبـــب كلمـات لم تقــال }
وهذا ما جعله يخطو بكل ثقة خلف شعوره
فهو يثق في إحساسه دائمًا ويعلم أن شعوره أبدًا لم يخذله من قبل .

لكن ظنه هذه المرة لم يكن صائبًا فهي تراه صديقًا . حتى أنه كاد أن يخسر صداقتها هي الأخرى
بسبب تلك المصارحة ، وأخبرته بأنها لا تصدق في مثل هذه الأمور ‘ خاصة أنه لا يعرفها .
فكيف يحبها أو حتى يعجب بها ؟! فعلى حد قولها : هي مجهولة بالنسبة له !!!
هـي لا تـعـلم أنهــا أبـدًا مـا كـانـت مجــهـولة ‘ فكـثـيـرًا مـا تـتــلاقـى القـلـوب قـبل الوجـوه
لكن ربما هي لا تعلم ذلك أو أنها كانت أكثر عقلانية من وجهة نظره ..
رفضت أن تتورط في علاقة لا تعلم مداها ‘ فالحدود الجغرافية مختلفة
وكل منهما يعيش في بلد مختلف عن الآخر . 

أو ربما هناك اعتبارات أخرى لم يكن يعلمها في ذاك الوقت .
رفضت أن تضع قلبها في مأزق ما بين الحب والواقع المرير ‘ أو أنها في الأساس لا تشعر به .
كل هذه الأسباب كانت تدور في ذهنه باستمرار
ليجد لنفسه مبررًا كي يتقبل الأمر بأريحية واطمئنان
يبدو لنا أن ما يدور في ذهنه ما هو إلا محاولة لإقناع نفسه بفكرة الانسحاب الهادئ .
ولكن رؤيتنا هذه المرة كانت خاطئة ، أو تميل إلى الواقعية بعض الشيء . فما توقعناه لم يحدث ،
لأنه في الحقيقة لا يعترف كثيرًا بفكرة الواقع أو المفروض سوى في أضيق الحدود .
فهو يمتلك روح مقاتل شرس لا يعرف الاستسلام واليأس .
و يحركه قلبٌ مؤمن لا يعرف الطيرة والتشاؤم .
يثق دائما في الله سبحانه وتعالى .

لذلك فهو يثق بشكل كبير في إحساسه فهو مازال على يقين بأن وطن تبادله نفس الشعور .
فقرر أن يحاول مرة أخرى قبل أن يغلق بابًا من الأمل. لكنها هذه المرة كانت أشد رفضًا وأقسى ردًا .
ظهرت وكأنها فتاة أخرى لا يعرفها ثارت وغضبت ‘
حاول أن يعيدها إلى الهدوء مرة أخرى لكنه لم يفلح
ولأنها كانت غاضبة جدًا وثائرة قرر أن يبتعد قليلًا عن الساحة مقاطعًا الانترنت لفترة حتى تهدأ
• ترك لها مساحة كافية من الوقت حتى تعبر عن غضبها بحرية تامة بعيدًا عنه .
ليس عقابًا لها فهو الأن يعلم أن وجوده ليس مهمًا ‘ فكيف سيكون لغيابه أهمية !
كذلك لم يكن غيابه انسحابًا أو غضبًا واعتراضًا على رفضها .
لا
كل هذا بعيدًا عن فكره وخياله .
ولكنه لا يريد أن يرى منها ما يغضبه حتى لا تهتز صورتها الجميلة التي طبعت في قلبه .
هنا وللمرة الأولى وخلافًا لما كان يعهده من قبل : أدرك أنه يجب أن يتخلى عن ظنونه !!
فهل من العقل أن ينكر حقيقة رفْضِها ويكذِّبه !!
ليصدق إحساسه ؟! 

ربما هذا أمر معقول بالنسبة له ولنا أيضًا ، لكنه في الحقيقة غير مقبول
ولكن هذا لم يكن بالأمر الهين فمازال يتملكه الشعور بالحيرة والتردد
أيهما يصدق ما يشعر به ‘ أم حديثها الذي لا يدع مجالًا للشك ؟!