الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وعلى الحاكم .. وإنسانيته!



منذ الصغر والعبد لله يسمع عن "حكيم العرب"، فسألت أبى المثقف رحمه الله : من هو؟ .. فأجاب : الشيخ زايد بن سلطان رئيس دولة الإمارت الشقيقة .. فسألت فى براءة : لماذا؟ … فأجاب : لأنه أفضل رئيس عربى .. فسألت بنفس البراءة ثانية ً : لماذا؟ .. فأجاب الأب الخبرة بإيجاز : "لأنه محترم وأكتر واحد بيحب مصر" .. وكانت الكلمة الأخيرة "مصر" هى المفتاح لطرق باب المعرفة والقراءة عن تاريخ الشيخ زايد، فمن يحب بلدى أحبه على الفور وأتشوق للتعرف عليه .. وقرأتُ عن الحاكم زايد فى سن الطفولة وتابعتُ مسيرته وإنجازاته سواء فى دولته أو الشرق الأوسط على مدار أعوام الشباب، واليوم يحتفل العرب بمئويته تكريما لعطائه ومواقفه المشرفة تجاه الكثير من القضايا والأحداث الملتهبة التى عشاتها منطقتنا المنكوبة سياسيا.

وما عرفتُه عن الشيخ زايد من محطات فى حياته يشير بأصابع واثقة نحو حاكم من طراز خاص، بدأ مشروعه الأكبر لبناء دولة الإمارات من صحراء القبائل وحياة البدو وفلسفة زراعة الأرض بالجهد والعرق وغرس بذور النمو والارتقاء، وطعَّم حس التعمير والحصاد بتعلم القرآن الكريم وأصول اللغة العربية فضلا عن كتابة وصياغة الأشعار لتمتزج طبيعته الصحراوية النقية الشفافة برومانسية السياسى الحالم بالدولة الموحدة الكبرى .. ومن هذا التكوين حدد الشاب زايد خطواته وبدأ مشوار الألف ميل من إمارة العين ثم أبوظبى إلى أن نجحت خطته فى توحيد الإمارات كلها لتعمل وتعيش تحت مظلة واحدة وفتح الأبواب أمام العلماء والمبدعين فى كل مجال بتوفير الامتيازات والتسهيلات لهم ولأفكارهم لتخدم دولة المؤسسات، ونزل إلي الفقراء والبسطاء ليشعر بهمومهم ويفرج كرباتهم ويحسم مشاكلهم دون إبطاء أو "خطط بعيدة المدى"، وشيئا فشيئا تصبح الإمارات واحة خضراء وصورة نموذجية من النمط الأوروبى دون تفريط فى جوهر الدين وقيمة العادات والتقاليد العربية الأصيلة.

ولم يضعف مشروع زايد أمام ضغوط الغرب ومساوماته المعتادة لمسح الشخصية العربية وطمس هويتها، فاحتفظ الحاكم الواعى باستقلالية القرار السياسى واتخذ مواقف شجاعة تضامنا مع الجيران ضد الاحتلال الإسرائيلى وكانت عبارته الشهيرة سراجا منيرا لكل نظرائه من الزعماء والملوك والرؤساء حينما قال :"الدم العربى أغلى كثيرا من النفط العربى"، وقرر وقتها استخدام البترول سلاحا مضادا للتفوق العسكرى الذى يميز العدو فى حرب أكتوبر العظيمة، وصار ضلعا قويا فى صناعة النصر المصرى وتحطيم آلة الحرب الإسرائيلية .. وترسيخا لسياسة البناء والتعمير ضخ الشيخ زايد مليارات الدولارات فى مشروعات اقتصادية وسكنية عملاقة فى مصر إيمانا منه بأهمية إعمار "أم الدنيا" لمكانتها وعمقها التاريخى، ومثلما روى أرض الإمارات بـ "علم وثقافة" أبنائه من الأسرة الحاكمة ليحافظوا من بعده على ما تركه لهم من ميراث "الدولة القوية"، زرع فى قلوبهم حب مصر ورعايتها ومساندتها دائما .. فظلت مصر والإمارات قلبا واحدا فى جسدين.

ببساطة .. أكثر ما يلفت النظر والانتباه فى سيرة الشيخ زايد هو أنه من سلالة "الحاكم الرشيد" .. هذا الحاكم أو الراعى الذى لا يستمد قوته ولا يحظى بالاحترام والتبجيل ولا يذكره التاريخ إلا بامتلاكه أهم جناحين في شخصيته .. الوعى والإنسانية .. فالجناح الأول يحدد به خطواته ويرسم طريقه ويتقن مشروعه التنموى الكبير، وينقل جينات الفعل والإنتاج لمن بعده .. والثانى يخاطب من خلاله شعبه ويُسعد المحتاجين ويحمى الضعفاء من شوكة الأقوياء .. وما أسعد أمة تعيش وتنهض تحت قيادة "الحاكم الواعي الإنسان"!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط