الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مكرم محمد أحمد: الجميع يتطلع لإنهاء الحرب اليمنية

صدى البلد

تناول الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد ، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ، في مقاله اليوم بعنوان "الجميع يتطلع لإنهاء الحرب اليمنية"، بعد أسبوع من تفاوض شاق في مدينة قريبة من أوستكهولم عاصمة السويد، توصل ممثلو الحوثيين والحكومة الشرعية في اليمن إلى اتفاق بوقف إطلاق النار وخروج قوات الحوثيين من مدينة الحديدة الميناء الرئيسي لليمن في غضون 29 يوما تحت إشراف ومراقبة الأمم المتحدة وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تُعاني نقص إمدادات الغذاء ومياه الشرب والدواء وتبادل المسجونين من الطرفين الذين يتجاوز عددهم 15 ألفا، وفتح ممر إنساني إلى مدينة تعز ثالث أكبر المدن اليمنية واستئناف التفاوض بين الجانبين الشهر القادم أملا في الوصول إلى تسوية نهائية للأزمة اليمنية، وقد وقع الاتفاق عن حكومة اليمن الشرعية وزير الخارجية اليمنية خالد اليماني كما وقعه ممثل الحوثيين محمد عبده سالم، ويأمل الجانبان في أن يصدر مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق النار يدعم هذا الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان في استكهولم والذي أكد الطرفان أنه لا يشكل اتفاقًا على حل شامل ولكنه مجرد اتفاق يؤكد حُسن النيات وعزم الجانبين على مواجهة مضاعفات الأزمة اليمنية الإنسانية وإنهاء إحدى التراجيديات الخطيرة التي تُشكل أسوأ كارثة إنسانية، في القرن الحادي والعشرين، والتي دمرت الاقتصاد اليمني والبنية الأساسية، ووضعت اليمن على حافة مجاعة كُبرى خاصة أن 85 ألف طفل يمني يعانون نقص الغذاء والعلاج وتخضع غالبية الأسر اليمنية لاختبار صعب لأن عليها أن تُقرر بصورة يومية أيا من أولادها يبقى، وأيهما يموت لأنها لا تملك ما يمكن أن يسد رمق الجميع.

وبرغم أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير، سبقه عشرات الاتفاقات المماثلة التي سرعان ما انهارت، لكن القائمين على أمر التفاوض بين الحوثيين والحكومة اليمنية الشرعية يأملون في أن تُسفر الضغوط الدولية المتزايدة على الجانبين في إقرار تسوية سياسية للأزمة هذه المرة، خاصة أن اليمن يشهد مجاعة كبرى يمكن أن تتفاقم لتشمل 12 مليون يمني، فضلًا عن وباء الكوليرا الذي وصل عدد ضحاياه إلى ما يقرب من مليون يمني، والواضح أن الحوثيين قبلوا أخيرًا التفاوض بعد أن تمكنت قوات الإمارات إحدى قوى التحالف الأساسية مع السعودية 5 آلاف جندي من شن هجوم شرس في الحديدة حاصر المدينة وقاما باستثناء شارع واحد بقى تحت سيطرة الحوثيين ورغم أن الحديدة أصبحت خارج الحرب بقبول الجانبين إخلاء المدينة تمامًا، إلا أن مصير عملية التسوية لا يزال رهنا بالمفاوضات التي تجرى بين الجانبين الشهر القادم، خاصة أن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء، كما أن الاختبار العملي لوقف إطلاق النار ومدى وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة هو الذي يكشف نيات الجانبين.

وفي تطور آخر مهم أعقب وصول الطرفين (الحوثيين والحكومة الشرعية) إلى قرار بوقف إطلاق النار وإخلاء مدينة الحديدة من قوات الجانبين، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية 56 صوتا مؤيدًا و41 صوتا مُعارضا على قرار ينهي مشاركة الولايات المتحدة في تحالف الحرب اليمنية، وقد وافق على القرار 7 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين انضموا إلى الديمقراطيين بعد أن استمع الكونجرس إلى تقرير مديرة المخابرات المركزية جينا هاسيل عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في مدينة اسطنبول التركية، كما استمعوا في جلسة أخرى لكل من وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيم ماتس.

والواضح أن هذين الاجتماعين كان لهما أثرهما المباشر على تصويت الجمهوريين والديمقراطيين وتوافقهم معا على مساندة القرار تأكيدا على رفض الحزبين لسياسات الرئيس ترامب وعزمهما على تحدي هذه السياسات وأن مجلس الشيوخ يتحدث بلسان واحد، وأن المسئولية الدستورية لقرار الحرب تقع على عاتق الكونجرس وليس رئيس الجمهورية، وأن الولايات المتحدة لا تريد أن تكون جزءا من هذه الحرب، وربما لا يضيف قرار مجلس الشيوخ الكثير بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية في اليمن على قرارات استوكهولم بانسحاب الجانبين من الحديدة ووقف إطلاق النار أملًا في تسوية سياسية للأزمة اليمنية، لكن ما من شك أن قرار مجلس الشيوخ يُمثل عنصرًا ضاغطًا لإنهاء الأزمة اليمنية، خاصة أن ما حدث في مجلس الشيوخ يمكن أن يتكرر في مجلس النواب الذي تسيطر عليه أغلبية ديمقراطية بما يعني المزيد من ضبط تصرفات الرئيس الأمريكي الذي يتعرض لحصار الكونجرس بما يلزمه المزيد من الالتزام بقرارات الكونجرس على حساب أجندة البيت الأبيض.